الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شالوم اورشليم طريق السلام ج1

سلطان الرفاعي

2007 / 5 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


ليس من السهلِ على الشعب السوري أن يخوض تجربةَ السلام المؤلمة مع إسرائيل. فهو يفضلُ أن يتجنبَ ذلك، ومع هذا، فكلُ مواطنٍ سوري ، منا ، قد اختبر هذه التجربة في حياته في وقتٍ ما: سواء في المنزل أو الشارع أو المدرسة أو الجامعة أو العمل، وشعر بقيمة السلام وأفضليته على العداء والحقد والبغض. وعملياً يستطيع أي مواطن سوري أن يرجع بالذاكرة إلى مواقف مماثلة، اختبر فيها ذلك الشعور والعداء، مما يجعله يعترف أخيراً بواقع فرحه بالسلام والصلح والتفاهم والمحبة.
إن السعي إلى السلام والاستقرار الأمني والسياسي، أصبح مطمح وأمل كل الشعوب. وما يهدد هذا المسعى لدينا، هو حالة العداء التي نشعر بها وهي متأصلة جدا فينا، ونستصعب كثيرا ً مواجهة حالة السلام هذه.

وقد نكون اليوم وصلنا إلى حالة من الوعي متقدمة جداً في وسائل تفادي الألم والحقد، ولم يقتصر ذلك على الألم العضوي بل أيضا الألم المعنوي أيضاً والذي تسببت فيه آلة الحرب العدوانية الإسرائيلية على مدى زمن طويل.

نريد السلام ونخافه أيضاً في آن واحد، وأن الخوف من السلام (لقاء العدو بمحبة ) يجعلنا حقا لا نتقبل كما يجب فكرة صنعه والمضي به.

ينتشر كثيراً وليس فقط في المجتمع السوري، ولكن في المجتمع العربي كله، تعبير (دولة العدوان )، وهذا التعبير، يرجع جزءً كبيراً منه، إلى الممارسات الإسرائيلية العدوانية، والمجازر التي ارتكبتها، ولا زالت، بحق الشعب الفلسطيني واللبناني، والحروب التي شنتها على سوريا، واحتلال الأراضي السورية.

ومع كل هذا، وفي سعينا إلى السلام، نكون قد أرغمنا أنفسنا على خوض علاقات مؤلمة وجيرة متعبة . وعندما نترقب الوقت الذي فيه يغيب ألم وشعور الحقد ومرارة الأيام السوداء، وذكريات الشهداء والضحايا، ويتحول كل اعتراض شعبي إلى سلام داخلي نكون بذلك كأننا ننتظر عالماً خياليا !!. حقاً إن توقنا العميق للسلام سيؤدي إلى صدمة مهولة تزلزل كياننا الوطني.

إن عديد من التساؤلات والاستفسارات الصعبة تخرج من قلوبنا المجروحة، لكن يتوجب علينا أن نستمع لها وإن قادتنا إلى طريق عسير، وعوضاً عن الهروب من فكرة السلام ومحاولة نسيانها وتجاهلها، علينا أن نحولها إلى فكرة مثمرة منتجة ذات تأثير ايجابي. وفي حال اتخذنا قرار السلام الصعب، يجب قبل كل شيء، أن نجد الشجاعة لندخل في صحراء ومتاهات الفكرة، ولنحول هذه الصحراء بإصرار وجهود مستمرة إلى حديقة سلام يرتادها أبناؤنا وليس أحفادنا. وهذا لا يتطلب قرار شجاع وحسب، بل إيمان قوي أيضاً. فكما أنه من الصعب علينا الاعتقاد أن الصحراء الجافة المقفرة يمكنها أن تنبت أنواعاً لا تحصى من الزهور، كذلك أنه من الصعب علينا التصور أن سلامنا مع (العدو) يخفي سعادة وفائدة ونتيجة ايجابية.


إن تحويل حالة العدوانية إلى سلام، يتطلب منا خلق الفسحة الواسعة الودودة. حيث نستطيع أن نسعى إلى جيراننا، فندعوهم إلى علاقة جديدة. وهذا التحول هو أولاً أمر نفسي، لا يمكننا القيام به من الخارج، بل يجب أن يتم من الداخل (داخلنا ). فكما أنه لا يمكننا أن نجبر النبتة على النمو، لكن يمكننا، أن نقتلع الأعشاب الضارة والأحجار والتراكمات التي تحول دون نموها. وكذلك أيضاً لا يمكننا أن نجبر أم الشهيد على نسيان شهيدها، وصاحب ألأرض على نسيان أرضه، والمعوق على نسيان سبب إعاقته، ومن ثم إقامة علاقات حميمة. بل نستطيع أن نفسح له المجال حيث يمكن أن يتم هذا التحول. تحول البغض والحقد إلى محبة وتسامح.

إن الاستعداد لفتح باب السلام لا يعدو إلا جانباً واحداً من جانبي عملية السلام كلها، إذ أن الجانب الآخر الذي يعادل الاستعداد للسلام هو المواجهة بعد السلام.

إن استعدادنا للسلام وفتح الباب لا يعني أبداً، أن نكون حتماً مجهولي الهوية، مستسلمين، منبهرين. إذ يتطلب السلام الحقيقي مواجهة الجار، وأن لا يكون باب السلام مفتوحاً على مصراعيه، إلا إذا تأمنت الحدود الواضحة، التي تحدد موقفنا الخاص على نحو مرن. وتتم المواجهة (مواجهة حالة السلام) عندما نكون حاضرين وجاهزين، لأنه لن يكون هناك سلام حقيقي وواقعي فيما لو كان، جارنا أقوى منا عسكريا واقتصاديا وسياسيا وعلميا وصناعيا وزراعيا. لأننا نكون ساعتها قد فتحنا بابنا لجارنا وتركناه يفعل ما يريد. لذلك علينا أولاً، أن نبني حضوراً قوياً في كافة المجالات، قبل فتح باب السلام. حيث انه لا يمكن إقامة حوار بين شخص حاضر وشخص لا حضور له، ولا يمكننا أن نتداول مع جيراننا إلا إذا كانت مواقعنا ووجهات نظرنا تقدم المعايير التي تتحدى الجيران في المجالات السابقة.


إن الاستعداد للسلام، والمواجهة بعد السلام، هما جانبا حالة السلام المنشود، ومن الضروري أن يكونا متوازيين جيداً. فالسلام من دون مواجهة بعده، يؤدي إلى ابتلاع الجار لجاره. يؤدي إلى علاقة عليلة لا تخدم أحداً. والمواجهة بعد السلام دون الاستعداد تؤدي إلى عدوانية طاغية تؤذي الجميع.

وهذا التوازن بين الاستعداد النفسي والمادي للسلام، والمواجهة في كل المناحي المذكورة بعد السلام، يتمثل في مناحي عديدة بين الطرفين. لكن في جميع الحالات يتوجب علينا، لا أن نستعد نفسياً فقط بل أن نواجه بغية التعادل أقله.



يقول جبران في ترجمة لميخائيل نعيمة :

((غنوا وارقصوا معاً، ولكن ليبقى كل واحد منكم على حدة

كما تبقى أوتار القيتار على حدة إذ هي تهتز معاً بنغم واحد .

وقفوا معاً ، ولكن من غير أن يلتصق واحدكم بالآخر .

فأعمدة الهيكل تتساند ولا تتلاصق .

والسنديانة والسروة لا تنمو إحداهما في ظل الأخرى ،

وإن هما نبتا في تربة واحدة ))



الجزء الأول

شالوم اورشليم

طريق السلام

د. سلطان الرفاعي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المئات يفرّون من مناطق القتال في منطقة خاركيف وسط تقدم روسي


.. تقارير إسرائيلية: حزب الله يحضر لخوض حرب ضد إسرائيل قبل عام 




.. مدير مستشفى الكويت في رفح يطالب بحماية دولية بعد مطالبة الاح


.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - إسرائيل تؤكد تنظيم حماس قواتها في




.. تحقيق يكشف غياب حدود واضحة لما سمته قوات الاحتلال المنطقة ال