الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فشل امريكا في العراق ومهام جسام امام الشيوعية العمالية والحزب على هامش مؤتمر شرم الشيخ الامني

مؤيد احمد
(Muayad Ahmed)

2007 / 5 / 9
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لا يخفى على احد اليوم ان امريكا فشلت في العراق وان احتلالها له لابد وان ينتهي عاجلا ام آجلا خلال سنة او اكثر بقليل. المهم في الامر هو انه بات انهاء الاحتلال امرا مطروحا ضمن افق منظور ومستقبل قريب. الصراعات الجارية الان حول العراق داخل الهيئة الحاكمة في امريكا، بلغت درجة جدية وتحولت الى برامج وخطط ملموسة ومحددة حول انسحاب القوات الامريكية من العراق حسب جدول زمني, وتسليم الاوضاع الى "العراقيين"! اي الى السلطات الحالية للاسلام السياسي الشيعي بالاساس.
ان مؤتمر شرم الشيخ في مصر ينعقد اساسا وقبل كل شئ في قلب هذا المسار وهذا الانسحاب التدريجي لامريكا ومساعيها لانهاء تورطها بشكله المسلح الحالي في العراق باقل خسارة. بكلمة، ان هذا المؤتمر يستهدف ادخال قوى اخرى دولية واقليمية لعمل شئ ما لصالح امريكا والسلطة الميليشية المرتبطة بها في العراق للتقليل من ازمتها الخانقة فيه. تستند امريكا في تحقيق هذه الاهداف على مساعدة الدول العربية في منطقة الشرق الاوسط و خاصة السعودية، مصر والاردن وتحاول ان تقلل من تدخل ايران وسوريا واعمالهما الارهابية في العراق والاتفاق معهما بهذا الشان.
غير ان كل ذلك وبما فيها المساعي لتحقيق ما يسمى بـ "المصالحة الوطنية" واشراك تيارات الاسلام السياسي السني والبعثيين في العملية السياسية داخل العراق، لا يمكن ان يحل المعضلات التي تواجه المجتمع العراقي على ايدي قوى السيناريو الاسود ولايمكنه ان يحسم الامور وينجز الامن والاستقرار السياسي لصالح امريكا والسلطة الميلشية الحاكمة في العراق، وذلك لان:
بنيان المجتمع المدني والحياة الاجتماعية في العراق قد تلقت ضربة كبيرة وان الفلتان الامني واوضاع السيناريو الاسود مستمر بسبب الاحتلال والاعمال الارهابية والحرب الطائفية لقوى الاسلام السياسي المختلفة الشيعية والسنية وبسبب ممارسات بقايا البعثيين والقوميين العرب. كما وانه، تحولت ايران خلال السنوات الاربع الماضية الى قوة كبيرة تتحدى امريكا وتحاول ان تكمل برنامجها النووي لسد الطريق امام اي مغامرة امريكية لقلب وضرب النظام في ايران، و تحول تدخلها في العراق الى اداة مهمة في حربها ضد امريكا فلا تكف عنها. كذلك وكنتيجة لحرب امريكا في العراق واحتلالها له تقوت تيارات الاسلام السياسي السني وخاصة القاعدة، واستطاعت القاعدة ان تستخدم العراق كمنطلق لها لاسترجاع قوتها في المنطقة وفي افغانستان. بالاضافة الى كل ذلك، فان الحكومة الطائفية والاثنية في العراق اصبحت بحد ذاتها جزءا اساسيا من تفاقم حالة عدم الاستقرار السياسي والفلتان الامني واستمرار السيناريو الاسود وشق المجتمع العراقي بابعاد اكبر على اسس طائفية واثنية. ان الانتخابات والاستفتاء على الدستور وكل تلك الاجراءات التي تسمى بـ "العملية السياسية" قد عمقت من ابعاد التقسيم الطائفي والاثني للمجتمع العراقي وزادت من تفاقم المعضلات الاساسية التي تواجه هذا المجتمع.
ان المجتمع في العراق بحاجة الى ارجاع المدنية له وبناء الحياة السياسية والنظام السياسي على اسس مدنية، غير دينية, قومية, اثنية او طائفية وبحاجة الى ارجاع الارادة للجماهير من خلال تدخلها المباشر في تحديد سيماء حياتها ومصيرها السياسي وتحقيق حقوقها وحرياتها المدنية. ان كل ذلك بحاجة الى ان يتحقق بعيدا عن التقسيمات الطائفية والاثنية ونظام المحاصصة الطائفية، بعيدا عن تحكم قوى الاسلام السياسي السني والشيعي بحياة الجماهير وبعيدا عن ارهابه ومجازره الوحشية، وبعيدا عن الاحتلال واستراتيجية امريكا في العراق والمنطقة، ليس هذا فقط، بل بعيدا عن تاثيرات ونفوذ مصالح ايران والدول العربية الرجعية الداعمة لمؤتمر شرم الشيخ.
ان سياسات ومصالح الدول التي تحيط بالعراق تجاه هذا البلد تشكل ايضا عاملا اساسيا اخرا في تفاقم ماسي الجماهير في العراق. لا تكمن المشكلة فقط في كون ايران وسوريا مستمرتين على دعم الارهابيين ويقومون هم انفسهم بالاعمال الارهابية داخل العراق، ولا هي تكمن فقط في كون ايران تتحكم بمسار الاوضاع السياسية في العراق حاليا اكثر من اي وقت اخر، بل في كون دور السعودية ليست باشرف منهما وان نظامها الغارق في الرجعية كنظام للاسلام السياسي لم يكف عن دعم جماعات من الاسلام السياسي السني في العراق. شكل النظام السعودي ولا يزال عائقا اساسيا في المنطقة امام اي تحول سياسي تقدمي وتحرري ويساري. ان بعض القوميين السنيين وانصاف "الديمقراطيون السنيون" وفي سياق دفاعهم عن توجهات واستراتيجية امريكا يطبلون للدور السعودي في العراق ويقدمون امثلة لتبرير التدخل السعودي ويشيرون في هذا السياق الى وقفها للحرب الاهلية في لبنان ومساعيها لحسم الخلاف بين الفلسطينيين، غاضين النظر قصدا عن كون النظام السعودي هو اكبر منتج للارهاب الاسلامي في المنطقة واكبر منتج للتفرقة بين الانسان على اساس المذهب والقومية وان من شروط اي تحول تحرري ومدني يحدث في العراق هو عزله عن ذلك النظام الرجعي وقيمه المتهرئة وسياساته واستراتيجيته المناهضة للانسان في المنطقة.
ان العراق يمر باوضاع سيناريو اسود في محيط اقليمي من دول يسود فيها الدكتاتورية والرجعية والقومومية والاسلام السياسي السني والشيعي، والشوفينين الاسرائيليين والشوفينيين العرب وغيرهم وان ماسي الانسان في العراق لا تنفصل عن هذه الخارطة المظلمة في المنطقة والمصنوعة على ايدي تلك التيارات والقوى الحاكمة.
ان اي تغيير في معادلات القوى الحالية في العراق لا يحدث بدون ان يتدخل عامل اخر وقوة اخرى الى الساحة السياسية, قوة تصعد بحزم الى حلبة الحرب الدائرة فيه. ان هذا العامل وهذه القوة هي قوة الطبقة العاملة والجماهير التحررية ومحبي الحرية والانسانية في العراق. ان هذه القوة الاجتماعية موجودة ولكنها غير نشطة سياسيا وغير منظمة في حركة سياسية جماهيرية ترفع قامتها بوجه القوى الخالقة لفصول التراجيديا الحالية في العراق. ان لهذه القوة الاجتماعية الطبقية امتدادها في المنطقة في ايران وسوريا ومصر وغيرها من دول الشرق الاوسط ايضا. ان احزابا سياسية شيوعية عمالية، ثورية واممية في المنطقة تنظم وتقود نضال الجماهير التحرري تستطيع ان تلعب دورا حاسما في تغيير الاوضاع في العراق وعموم الشرق الاوسط لصالح الانسانية وتحقيق الحرية والمساواة.
ان الشيوعية العمالية وحزبها في العراق امام تجربة كبيرة الان ومدعوة تاريخيا بان تصعد الى مستوى المهمة الملقاة على عاتقها سياسيا في هذه المرحلة من التاريخ السياسي والاجتماعي والازمة السياسية الخانقة التي تواجه البرجوازية بكل اصنافها في العرا ق. ان معادلات القوى قد تغيرت وان الاوضاع الحالية ليست اوضاع قبل اربع سنوات. ان الاحتلال في مسار عد تنازلي وان الاسلام السياسي باتت قوة تتحكم بمصير الجماهير بدرجة اكبر من ذي قبل. كما وان استقطابا سياسيا واضحا وحادا اخذ يتجسم داخل الحركة الواسعة الشعبية المناهضة للاحتلال وجربت الجماهير بنفسها ماسي ارهاب وممارسات الاسلام السياسي لاكثر من اربع سنوات. فلا يمكن التصدي لهذه الاوضاع بدون تطويرالحزب الى قوة مؤثرة قوية ومسلحة، كجزء من قطب سياسي راديكالي طبقي وعمالي في المجتمع، وبدون عمل الحزب على لم قوى الجماهير السياسية حوله وحول سياساته الطبقية المستقلة, وبدون ان يخلق لنفسه قاعدة اجتماعية داخل الطبقة العاملة والحركة العمالية من خلال لعب دور مؤثر في تطوير نضالاتها الاقتصادية والسياسية.
مع انتهاء الاحتلال سيكون العراق في دوامة الصراعات الدموية للقوى السياسية والميليشية والارهابية للاسلام السياسي وغيرها من القوميين والطائفيين بشكل اكثر. وستتخذ هذه الصراعات وكذلك تدخل دول الاقليم، ابعادا اخرى اكثر تعقيدا. غير انه مع انتهاء الاحتلال ستكون الجماهير ايضا قد تخلصت من وقع بأس لعدو عملاق هو اكبر قوة رجعية على الكرة الارضية، وستكون في وضع تستطيع ان ترى فيه الواقع السياسي بعين صاف دون غبار المحتل "الاجنبي" وبالتالي تكون مؤهلة اكثر لان تفصل مصالحها عن مصالح الاسلام السياسي والرجعيين القوميين وتتصدى للقوى القامعة "العراقية".










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحكمة العليا الإسرائيلية تقرر بالإجماع تجنيد الحريديم | #غ


.. مظاهرة في مارسيليا ضد مشاركة إسرائيل بالأولمبياد




.. الرئيس السابق لجهاز الشاباك: لا أمن لإسرائيل دون إنهاء الاحت


.. بلا مأوى أو دليل.. القضاء الأردني: تورط 28 شخصا في واقعة وفا




.. إيران تشهد انتخابات رئاسية يوم الجمعة 28 يونيو والمرشحون يتق