الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تدمير المجال البيئي كارثة تهدد الأرض والإنسان

خالد ديمال

2007 / 5 / 9
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر


تشكل البيئة إحدى المشكلات الأساسية التي يرتبط بها حاضرنا، و مستقبل الأجيال القادمة. فالبيئة هي استمرارية الحياة، و بالتالي فحمايتها، هي حماية لنا، و للأجيال اللاحقة.
فعلا إن البيئة تعرف بالتشعب، و اختلاف مشاكلها، و ارتباط قضاياها بكل الأنشطة الاقتصادية، و الاجتماعية، زيادة على الظواهر الطبيعية.
لكن متغيرات عديدة تدفع في اتجاه تغيير الفهم لهذا الميدان، سواء على مستوى التصور، و المفاهيم، أو الثقافة، أو الوعي، و كذلك على مستوى الاختيارات التنموية.
و يمكن الحديث في هذا السياق عن مدى مسايرة المد العلمي، و الذي معناه المزيد من تطوير آليات البحث، في النسيج المفاهيمي، وفي المكنزمات التقنية و التكنولوجية الكفيلة بالحد من التلوث البيئي، و الحد من آثاره المدمرة، و في مقابله، الالتزام بالمقتضيات البيئية، لأن التقيد بهذه المقتضيات يتطلب اعتماد سياسة بيئية منسجمة و متكاملة، بغية تحقيق تكنولوجية سليمة بيئيا، و التقيد بالمقاييس و المواصفات، و كذلك مراجعة نمط الاستهلاك، و كذلك حلل الإنتاج، و جعلها خاضعة لمتطلبات حماية البيئة، و صيانة الموارد الطبيعية، و ترشيد استغلالها.
- الصناعة تلوث البيئة:
مشاكل البيئة لا تعرف حدودا، خصوصا و أن الكوكب الأرضي لم يشهد في أية حقبة من عمره قدرا من التلوث مثل القدر الذي أصابه خلال القرن الماضي، و بداية هذا القرن، فقد لوث الإنسان التربة و المياه و الهواء و طبقات الجو العليا، و تحتل الصناعة مركز الصدارة في هدم المجال البيئي، و التنكيل به.
إن التقدم التكنولوجي/ و الصناعي كان لهما الدور الرئيسي في استفحال التخريب، و تدمير المجال البيئي. فالمصانع مثلا، تحتاج في صناعتها إلى كميات كبيرة من الماء، كعامل أساسي للتصنيع، و لذا تقوم باستنزاف طاقات هائلة منه، هذا من جهة، و من جهة أخرى فإنها لكي تتخلص من نفاياتها، تلجأ إلى رميها، و الإلقاء بها في مياه الأنهار، أو البحار، و بالتالي، تذهب في اتجاه التلويث، و بقصد كذلك... فتقضي على كل معالم الحياة ، مع ما يصاحب تلوث المياه من مشاكل خطيرة على الإنسان.
أما عن تلوث الهواء، فإنه هو الآخر لا يخرج عن هذا المنحى، أي ارتباطه بالصناعة. فالصناعة التحويلية تحتاج، فيما تحتاج إليه، إلى حرق المواد الكيماوية (الأساسية)، فتخرج في شكل نفايات صاعدة في اتجاه طبقات الجو (دخان في أغلب الأحيان)، بما يحتويه (هذا الدخان) من مواد سامة، تتكون في شكل زخات مطرية (حمضية) تلتصق بالتربة، فتقضي عيها تماما، خاصة و أنها تهجم على المواد المعدنية التي تحتويها التربة، فتزيل بذلك أثر الخصوبة.. هذا دون أن ننسى دخان السيارات، و ما يسببه من تلويث للأجواء، خاصة في المجال الحضري للمدن، و ما يصاحب ذلك من أمراض مزمنة للسكان (كالربو، و الحساسية).
إذن، لاحظنا بوضوح كيف تساهم الصناعة في تدمير المجال البيئي، و الإنسان، بموازاة ذلك. و هناك عامل أخطر من هذا كله، و هو ذلك المتعلق بتصدير النفايات السامة من الدول الغنية، لدفنها بالدول الفقيرة، بتدخل من وسطاء تجاريين، غايتهم الأولى و الأخيرة الربح، و لا شيء غيره، دون التفكير بالإنسان، أو على الأقل، طرح تساؤل موضوعي عن مصيره فوق الأرض مع إفرازات هذه المواد الكيماوية الكبرى، بحيث تلتقطها أيدي المتاجرين بأرواح الناس لتلقي بها خارج الدولة فتقضي بذلك على كل أشكال الحياة، و معالمها.
-إفرازات التلويث تهدد صحة الإنسان:

هذه كلها عوامل متعددة، و مختلفة، تدمر البيئة، و تقتل بمقابل ذلك الحياة الإنسانية، في جل تمظهراتها: و خير دليل على ذلك هو الثقب الذي ظهر على طبقة الأوزون، هذا الذي بدأ يقلل من رطوبة الجو، و ذلك بإفساح المجال لتسرب الأشعة، ما فوق البنفسجية، و بالتالي الإفراط في الحرارة، و ما يصاحبها من أمراض، كتلك المتعلقة ببعض الأمراض الجلدية الخطيرة، و من بينها، مرض سرطان الجلد، على سبيل المثال لا الحصر.. إضافة إلى الزيادة في سخونة الأرض، و ما يصاحب ذلك من تقلص الطبقة الجليدية في القطب المتجمد، و ما يعنيه ذلك من ارتفاع منسوب المياه، و تقلص مساحة اليابسة بموازاة ذلك...
كل هذه الأخطار المحدقة دفعت سائر الدول المعنية بالأمر إلى دق ناقوس الخطر،وإطلاق صيحات بعيدة المدى لعلها تكون مخلصها من الورطة التي أصبح يتخبط فيها المجتمع الدولي، من أخطار محدقة مهددة للكيان البشري، فعقدت عدة مؤتمرات، و مجموعة من الندوات تستنكر ما يحصل مع البيئة من تدمير بطريقة وحشية، و همجية، (حرق الغابات في إفريقيا من أجل الحصول على مساحات أرضية شاسعة تسهل عملية الفلاحة، قتل الأسماك، خاصة بعض الأنواع النادرة منها دون وازع أخلاقي أو ضمير حي، كالحيتان، و الدلافين، إلخ...)، و على نحو سريع بدأ يدب الخوف في أوصال الجميع، فكان مؤتمر البرازيل العالمي بريو دي جانيرو سنة 1992، على أساس تنفيذ برنامج عمل القرن 21، كمناشدة حقيقية لوضع اللبنات الأولى للحد من الخروقات التي تطال البيئة دون رحمة أو شفقة، ليكون هذا المؤتمر أحد الأسس العلمية التي تخوض المعركة بشكل جدي، خاصة و أن المسألة لم تعد قطرية أو إقليمية، بل أصبحت كونية تهم الجميع، لأنها مرتبطة بمصير الكرة الأرضية، و مصير الإنسان فوقها... لكن شتان بين النظر و التطبيق.
فهل فعلا هناك حلول عملية، يمكن الاعتماد عليها، خاصة إذا لاحظنا بعض الدول المعنية غير آبهة لما يجري و يحدث، ومازالت تتمادى في تلويث الجو؟!، مع العلم أنه اليوم، ميدان البيئة أمام تحديات أخرى أعمق وأخطر، وهي تحديات مرتبطة بمسار التنمية الاقتصادية في عمومها...
- الحد من التلوث مرتبط بالبرمجةالمستقبلية:
إن الحد من أثار التلوث لا يمكن أن يحدث إلا من خلال توسيع نظام التطهير، وإزالة مقذوفات المصانع، ووضع برنامج لمراقبة المياه الجوفية من الثلوت الناتج عن الأسمدة و المبيدات .
كما أن التشخيص العلمي البحت، يحدد الأولويات، و المشاريع ،لكن مصحوبة بالبرمجة المالية والتقنية .
إلا أنه لابد من التأكيد على أن المعرفة البيئية لا يمكن أن تحقق أهدافها إلا إذا تم ضبط المؤشرات البيئية بصفة تدريجية، و هذا يتطلب في بعض الأحيان إعادة النظر في كيفية جمع المعلومات و تصنيفها و توافقها مع المعطيات القطاعية الأخرى في إطار مشاركة الجميع و استعدادهم التام للتنسيق الفعال و العمل المشترك و المستمر...









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الألعاب الأولمبية باريس 2024: إشكالية مراقبة الجماهير عن طر


.. عواصف في فرنسا : ما هي ظاهرة -سوبرسيل- التي أغلقت مطارات و أ




.. غزة: هل بدأت احتجاجات الطلاب بالجامعات الأمريكية تخرج عن مسا


.. الفيضانات تدمر طرقا وجسورا وتقتل ما لا يقل عن 188 شخصا في كي




.. الجيش الإسرائيلي يواصل قصف قطاع غزة ويوقع المزيد من القتلى و