الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مؤتمر شرم الشيخ : على أمريكا تغيير المسار

ثائر دوري

2007 / 5 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


تتحدث نكتة عن خمسة رجال اشتروا سيارة تاكسي ، ثم وظفوا سائقا ليعمل عليها . و لأنهم لا يثقون ببعضهم و لا بالسائق قرروا أن يصعدوا، خمستهم ، في السيارة مع السائق ليراقبوا عمله ، و يراقبوا بعضهم ، و بالطبع شغلوا كل مقاعد السيارة فلم يصعد بها أي راكب ، وعندما جاء آخر الشهر اكتشفوا أن مشروعهم خاسر، فالإيرادات معدومة ، و عليهم دفع أجر السائق و ثمن البنزين و الزيت و قسط السيارة . صبروا على هذا الوضع عدة أشهر على أمل أن تتحسن الأوضاع ، لكن الخسائر تراكمت ، فقرروا أن يستشيروا اقتصادياً مرموقاً يعمل في البنك الدولي . شرحوا له المشكلة من الألف إلى الياء و أمدوه بالوثائق اللازمة ، ثم راجعوه بعد عدة أيام فوجدوه باشا فاستبشروا . لقد وجد حلاً للمشكلة . و على الفور أخبرهم بالحل
- بدلوا السائق .
تذكرت هذه النكتة ، وأنا أتابع ما يجري في مؤتمر شرم الشيخ ، فلم يعد ممكناً لذاكرتنا أن تتذكر عدد المؤتمرات التي عقدت تحت رعاية الولايات المتحدة من أجل إنقاذها من ورطة العراق و من خسارتها هناك . لكننا نتذكر أن أغلبها في شرم الشيخ الذي بات متخصصاً على ما يبدو بالعراق! و في كل مرة يصدر بيان ختامي تتوهم أمريكا أنه سيخرج الزير من البير . و هو نفس الشعور الذي تشعر به الولايات المتحدة كلما أطلقت حملة عسكرية جديدة تحت اسم جديد في بغداد أو الأنبار أو الفلوجة حتى أنها استنفذت الأسماء . لكن ما إن ينفض اجتماع المجتمعين و يعودون إلى بلدانهم ، و ما إن تبدأ الحملة العسكرية و قبل أن تنتهي حتى يعود كل شيء كما كان و ربما أسوأ بالنسبة للولايات المتحدة ، أي كما يقول المثل الشعبي " تيتي تيتي مثل ما رحت مثل ما جيتي ". فالمقاومة بتوسع مستمر ، و نزف الولايات المتحدة من المال و الرجال يتفاقم مما يفاقم أزمات الإدارة في الداخل الأمريكي ، و ما يسمى بحكومة المنطقة الخضراء تنخرها الخلافات الطائفية ، و الصراع على المكاسب الفردية ، ولا تقوى حتى اليوم فطاماً عن ثدي الولايات المتحدة حتى أصبحت أشبه بالعلق الذي يمتص دم الجسد الأمريكي في انعكاس غريب للأدوار ، فأمريكا التي اعتادت مص دم الشعوب تسلطت عليها طفيليات من جنسها تمتص دمها و لا تستطيع الخلاص منها .
لكن أمريكا الغارقة في أوهامها لا تعدم حلولاً على نمط حلول الاقتصادي سابق الذكر في النكتة ، فمرة تقرر تغيير السائق مع أن السائق لا حول و لا قوة له ، فبدلت مجلس الحكم بمجلس وزراء ، ثم بدلت علاوي بالجعفري ، وبعدها بدلت الجعفري بالمالكي ، و تسري اليوم إشاعة عن نيتها تغيير السائق من جديد إما بالعودة إلى علاوي أو بتدبير انقلاب عسكري . و بالطبع لن يتغير شيء فالخسارة مستمرة كما حدث مع الشركاء الخمسة ، فقد بدلوا السائق لكن لم يتغير شيء . فعادوا إلى نفس الاقتصادي و بعد دراسة أكاديمية معقدة وجد أن الحل هو بتبديل السيارة بطراز آخر يكون استهلاكه من البنزين أقل . لكن ذلك لم يفد الشركاء الخمسة بشيء ، ، فاقترح عليهم من جديد أن يغيروا خط عمل السيارة فنقلوها لمدينة أخرى .....
ظل الاقتصادي العظيم يتحفهم بنصائحه حتى خسروا كل ما يملكون . هذا هو حال الولايات المتحدة تجرب كل الحلول ما عدا الحل المنطقي الوحيد ، وهو أن تنزل من السيارة و تغادر العراق كما تشترط المقاومة ، أو على الأقل أن تجلس مع المقاومة لتفاوضها على جدول الزمني للانسحاب كما فعلت في فيتنام ، عندها تكون الولايات المتحدة قد دخلت في الحلول الجدية ، أما ما عدا ذلك فهو تنويع على حلول ذلك الاقتصادي .
باختصار على الولايات المتحدة النزول من السيارة و تركها لأهلها . هذا هو الحل الوحيد الذي يوقف نزفها من المال و الرجال . و لا يبدو أن مؤتمر شرم الشيخ خطوة على هذا الطريق لذلك سرعان ما يطويه النسيان و تصبح مقرراته مجرد ورق أبيض سود بالحبر ثم طوحتها الرياح .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتخابات رئاسية في تشاد بعد 3 سنوات من استيلاء الجيش على الس


.. الرئيس الصيني في زيارة دولة إلى فرنسا والملف الأوكراني والتج




.. بلحظات.. إعصار يمحو مبنى شركة في نبراسكا


.. هل بات اجتياح مدينة رفح قريبا؟




.. قوات الاحتلال تقتحم مخيم طولكرم بعدد من الآليات العسكرية