الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اختفاء الرحمة من مستشفياتنا

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2007 / 5 / 9
حقوق الانسان


طغت المادية على حياتنا وانصرفت ملائكة الرحمة عن أبداننا وأرواحنا وصرنا وحوشا بلا قلوب نعبد المال ونسجد للبنكنوت. تداعت هذه الأفكار إلى ذهنى وأنا أشاهد واستمع لمأساة فتى فى مقتبل العمر يدعى السيد محمد طنطاوى لاعب كرة طائرة فى نادى سموحة بمدينة الإسكندرية. ففى التاسع من إبريل الماضى سقط هذا الشاب فى بئر المصعد واستدعى أصدقاؤه سيارة الإسعاف لنقله لمستشفى القوات المسلحة فإذا بسائقها—لأسباب يعرفها الجميع— يصر على نقله إلى مستشفى تخصصى حيث رفض الأطباء علاجه أو إنقاذه إلا بعد دفع المبالغ المقررة فاضطر أصدقاؤه إلى رهن أجهزة الموبايل ولكن دماؤه لم تستطع البقاء فى جسده ليلفظ أنفاسه الأخيرة. ويا ليت الأمور توقفت عند هذا الحد إذ أصرت إدارة المستشفى على الاحتفاظ بالجثة حتى تدفع الأسرة المكلومة مصاريف العلاج.

لقد اعتدنا فى الماضى على وصم الحضارة الغربية بالمادية وكنا نعتقد أنهم يفتقدون إلى الرحمة والتعاطف، وقد تبين أن هذه الفكرة خاطئة لا تعكس سوى الواقع المرير الذى نتعايش معه ولم نعد نخجل منه وقد يتوصل القارئ إلى حقيقة ذلك بعد أن يعيش التجربة التى مررت بها فى الولايات المتحدة فى الثمانينات حيث كنت خارج المنزل عندما شعرت زوجتى بالآلام الولادة ولم تستطع أن تفعل شيئا سوى الطرق على باب شقة سيدة تقطن بجوارنا وقامت السيدة بالاتصال بالشرطة التى اتصلت بالإسعاف، وعلى الفور قام رجال الإسعاف بتحويل شقة السيدة إلى غرفة عمليات وعقب الانتهاء من المهمة تم نقل الأم والمولود إلى المستشفى حيث أقامت فى غرفة مستقلة مزودة بكافة الأجهزة العلاجية والترفيهية ولقيت كل الرعاية لدرجة أن هيئة التمريض أعدت تورتة لوداع الأم والمولود والغريب أن إدارة المستشفى لم تتطرق إلى موضوع رسوم ومصاريف العلاج إلا بعد انتقال الأم والمولود إلى المنزل وفى نهاية المطاف وبعد أن حصلت إدارة المستشفى على معلومات عن دخل الأسرة قررت إعفائها من هذه الرسوم وقدرها 3 آلاف دولار.

والخلاصة إننا لسنا فى حاجة إلى تشريعات ولوائح جديدة تساهم فى الحد من هذه المواقف غير الإنسانية لأن المسئولين دائما يؤكدون أن القوانين تلزم المستشفيات الخاصة والحكومية على تقديم العلاج للحالات الحرجة والطارئة، كما تجرم القوانين احتجاز الجثة لحين دفع رسوم وتكاليف العلاج إلا أن هذه الهيئات العلاجية تتجرد دائما من إنسانيتها ولا تقدر الحالة النفسية التى تعيشها أسر الضحايا. نحن بحق فى حاجة الى تفعيل هذه القوانين وتطبيقها بصرامة حتى لا نفقد البقية الباقية من إنسانيتنا.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أهالي الأسرى: عناد نتنياهو الوحيد من يقف بيننا وبين أحبابنا


.. أطفال يتظاهرون في أيرلندا تضامنا مع أطفال غزة وتنديدا بمجازر




.. شبكات | اعتقال وزيرة بتهمة ممارسة -السحر الأسود- ضد رئيس الم


.. الجزيرة ترصد معاناة النازحين من حي الشجاعة جراء العملية العس




.. طبيبة سودانية في مصر تقدم المساعدة الطبية والنفسية للاجئين م