الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين الانتخابات الفرنسية وتمثيليات مبارك، يا قلبي لا تحزن

أيمن رمزي نخلة

2007 / 5 / 10
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


المقارنة ستكون ظالمة وغير منطقية، حين تقارن بين الانتخابات التي تمت في فرنسا ولعبة "الإستُغماية" التي تتم في عزبة أو مملكة أهل مبارك ـ كرم الله وجوههم، وألهم سكان عزبتهم الصبر والتعزية في شرفهم وكرامتهم التي اغتصبوها منهم.
قديما كانت هناك في إحدى مناطق العوالم السفلية الدرجة العاشرة، كانت توجد مساحة من الأرض تسمى جمهورية مصر، لكن منذ عشرات السنين استولى عليها شخص يدعى مبارك.
في غفلة من ساعة الزمان وجدناه يحكم ويملك، ينهي ويأمر في عبيده المذلين، فهو السيد ويجب أن يطاع، فلا سيد إلا هو. له الملك وله الحمد وهو عن كل شيء مسئول، فهو على كل شيء قدير.
في الفترة الأخيرة، اهتمت العوالم المتقدمة بالانتخابات ـ الحقيقية الواقعية المحترمة الراقية النظيفة ـ التي تمت في دولة فرنسا.
قبلها بأسابيع لم تهتم هذه العوالم المتقدمة بتمثيلية ما يسمى بالاستفتاء على تعديل الدستور في مصر ـ فكل الدول تعرف أنها تمثيلية. وقبلها بعامين شاهدنا العالم وضحك على أفعالنا الصبيانية، فيما أسميناه " انتخابات الرئاسة في مملكة مبارك ".
وهنا بعض الملاحظات بين الانتخابات الفرنسية، وتمثيليات مبارك:
1ـ تمت مناظرة بين المرشحين في فرنسا ـ الدولة المحترمة ـ لرئاسة الجمهورية. المرشحان كانا خلال المناظرة متساويين في الوقت المتاح لهما في وسائل الإعلام. كان كل مرشح يحترم الآخر، والإعلاميين حياديين في تعاملهم مع المرشحين. لم يكن هناك تأثير من الإعلاميين على الناخبين المتعلمين المثقفين الذين سيتخذون القرار الحقيقي، والاختيار المعبر عن الشعب الذي تعلم وتربى: كيف يختار مَن يقود البلاد.
2ـ بينما في عزبة أهل مبارك، تجد قبل الانتخابات بعشرات السنين، يقر الإعلام كله والقائمين عليه بأنه لا اله ـ أقصد ـ لا رئيس إلا مبارك. لن تجدوا أفضل منه. وتتردد، وتعلوا نغمة أغنية "اخترناك". الحقيقة لم يكن ملك وحاكم بأمر الإله وقتها إلا هو ولا شريك له في المُلك. ولا نعرف كم من السنين سيبقى. لا أمل في التغيير، ولا حياة بعده، ولا إيمان إلا به، وبغيره يكون الكفر والإلحاد.
وإذ فجأة نجد الإعلام المصري ـ المفترض أنه يخدم أهل مصر ـ أو أبواق مبارك " الرنانة " تسب وتلعن وتتهم بالخيانة بعض من المصريين الشرفاء المجهولين، لأنهم فكروا ـ مجرد تفكير ـ أن يتقدموا للانتخابات لكي ينافسوا أهل مبارك، وجيشه ورجاله ودروعه وصواريخه ودباباته وأسلحته وعتاده وتخطيطه المسبق، كأنها حرب عالمية بين مجموعة من الدول العظمى الكبرى بتكنولوجياتها، وبين مجموعة من المطاريد في صحراء جرداء. لا يملك المنافسين صحف ولا إذاعات ولا تليفزيونات ولا هيئات استعلامات ولا مخابرات عامة ولا مخابرات عسكرية، ولا أمن دولة، ولا قانون طوارئ ولا أسلحة ولا ذخيرة ولا مال وعتاد.
3ـ تنتهي المناظرة التي لم تبدأ في عزبة مبارك ـ مصر سابقاً ـ بالحكم على الذين فكروا ـ مجرد تفكير ـ في ترشيح أنفسهم بالخيانة والعمالة للأعداء.
وتصل الاتهامات إلي الاتهام والحكم عليهم بالموت لأنهم كفروا بالإله، لأن مبارك هو الحاكم بأمر الإله. فلقد كفر الذين قالوا إن هناك ملك آخر غير مبارك.
ويضيف الشعب المؤمن المسلم والمسيحي: آمين ثم جمال يا رب المظلومين والمذلين.
4ـ النسوان والانتخابات في فرنسا ومملكة مبارك.
هنا في مملكة مبارك خاصة، باعتبارها أم الدنيا فهي الزعيمة والقائدة وصاحبة التعليم الأعلى وحامية حمى الإسلام والمسيحية واليهودية قبلاهما وحتى التوحيد الفرعوني.
هنا في عالمنا الإسلامي المبارك، لا قيمة للنسوان كقيادة أو كسلطة. فدائماً التأكيد على الحديث الكريم " النساء ناقصات عقل ودين"، أو" لا يفلح قوم تولت أمرهم إمرأة ". وغيرها من الأحاديث المباركة التي تتكرر ويتم شرحها من على لسان نبي الإسلام محمد وكأن الخالق أنزل بها فهو ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
فحين تجد محمد رسول الإسلام يقول (طبقاً للكتب الصحيحة كالبخاري ومسلم ) " رأيت النساء أكثر أهل النار.
وتجد مدعي التفكير وزعماء التكفير المسئولين عن العلم يؤكدون ويفسرون مثل هذه الأحاديث ويشرحونها. ويتم تأليف الكتب العديدة للتحذير من النساء أهل النار، والتخويف من فتنة النسوان وألاعيبهن ومكرهن.
أو حين تجد الداعين والمحرضين للنساء على عدم العلم والتعلم والمشاركة الفاعلة في قيادة البلد، أو اتهامهم بالجنون أو الكفر كما حدث مع المحترمة الراقية نوال السعداوي وغيرها من الصحفيات أو الكاتبات اللأي تنتهك أعراضهن مادياً أو معنويا بمنعهن من الكتابة في جرائد الإله، أو إعلامه المتحيز له. فما بالك بالترشيح للرئاسة مثل فرنسا؟؟!!!!!!
5ـ وعن قيمة المرأة في عالمنا الإسلامي أو المسيحي الشرقي
عندنا نجد أهم ما يشغل بال الرجل الذي يقودها هو تغطية رأسها بقطعة من القماش، وقطع قطعة من فرجها ليأتي الفرج الجنسي للرجل. النسوان في نظر الرجل متهمة دائماً بالثورة الجنسية ومصدر إغراء وفساد الرجل السيد الإله.
وعلى الجانب الآخر تجد في تعليم مقابل ومساوي في التوراة والإنجيل، بأن المرأة لا تُعلم، ولا حتى تتكلم، أو تعبر عن رأيها إن كان لأي شخص رأي إلا سيدنا أو أبونا القسيس.
وعلى النسوان المحترمات أن لا تجلسن في الكنيسة وهن عاريات الرؤوس. يجب أن يغطين شعورهن ولا يظهرنها. كما تعاليم اليهودية كما تعاليم المسيحية والإسلام. غطين أيتها النساء رؤوسكن، حجبن عقولكن، اسمعن كلام الرجل الإله. لا تنطقن حتى لا تكن عاهرات زانيات كافرات بنات كلب.
والتعليم المتواصل والتأكيد المتكرر بأن حواء الشرسة هي التي أخرجت آدم الرجل الوديع المتواضع من جنة الإله.
وحين تجد أن النسوان لا وظيفة لها في جنة الإله في أخر الزمان ـ إن كان له أخر ـ إلا المتعة. فهن اللآلي والمرجان وهن كواعب الأتراب وهن جوائز الإله لمن يرضى عنه بعد موته ثم فوزه في معركة عزاب القبر.
كل هذا وأكثر هو وضع النسوان في عالمنا العربي والإسلامي والمسيحي الشرقي.
لكن في دولة فرنسا المحترمة تأخذ المرأة حقوقها كاملة فتصل إلي أعلى المناصب ـ الحساسة وغير الحساسة ـ غير ناقصة العقل، دينها كامل. حقوقها في الدنيا مساوية للرجل. وفي الآخرة ليست للمتعة الجنسية ولا النوم على السرائر لمتعة السيد الرجل واستقبال حيواناته المنوية في حضور الإله الذكر.
6ـ الدين في عزبة مبارك وتوظيفه لخدمة الانتخابات أو الاستفتاء
في فرنسا التي تعطي كل ذي حق حقه، جميع العقائد والمؤمنين بها سواسية أمام الدستور والقانون الفرنسي ـ نظري وعملي. كبار رجال الدولة والإعلام المحترم يحترم جميع العقائد والمؤمنين بها.
أما في مملكة مبارك، فيا جمال المملكة وتعاليمها الراقية التي توظف الآيات القرآنية والآيات التوراتية والإنجيلية من أجل حث الشعب المغيب والأعمى والمنقاد على المشاركة في لعبة " الاستُغماية " وهو مغمض العينين ومجرور وراء سيدنا شيخ الجامع أو سيدنا القسيس.
وفي فرنسا بلد الرقي والحضارة لم يخرج علينا رجال الكنيسة ولا رجال الدين الإسلامي بالآيات الباهرات ويتم دعوة الشعب المغيب لانتخاب الرجل الأوحد المختار من قبل الإله، حين تتأكد الآية التوراتية القائلة: مبارك شعبي مصر، أي أن مبارك هو الشعب وشعب مصر هو مبارك.
هل تذكر؟؟؟؟؟!!! أن هذا " المبارك " هو نفسه ذلك الشخص الذي رأي في أيامه الشعب المسيحي أكثر الأيام سواداً، أيام حرق للكنائس وقتل للمسيحيين بالعشرات وسرقة محلات النصارى الكفرة أولاد الكلب وسبي نسائهم وغلق أماكن عبادتهم الاستيلاء على أديرتهم وزرع الفتن الطائفية وتنميتها بين جناحي الشعب المذل، عن طريق إعلامه ورجاله. والبقية تأتي.
7ـ الوعود الانتخابية السابقة لمبارك
من عشرات السنين وحين كان ينافس مبارك نفسه ويعاد ترشيحه مرة بعد أخرى حتى وصلت عدد السنين إلى خمسة وعشرين عاماً، دائما نسمع وعود براقة عن تقدم ورفاهية ورخاء، وانتهاء عصر الظلم وبدء عصر الحرية وكأنها وعود للدول الأخرى المتقدمة، أو كأن مبارك يسعى لتقدم دول وممالك أخرى غير مملكته.
لا يزال وسيظل الحال كما هو، وكله تمام، ولا جمال أفضل من هذا الجمال. ومبارك الآتي باسم الرب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلال الشوبكي: الخلافات بين المؤسسات الأمنية ونتنياهو تعكس فش


.. إدارة مستشفى شهداء الأقصى: كارثة صحية تهدد المستشفى بسبب انق




.. ما الذي دفع إسرائيل للعودة إلى مسار المفاوضات من جديد؟


.. خليفة رحيمي.. تعيين إيرج مسجدي مساعدا لقائد فيلق القدس التاب




.. التحقيق الأولي للجيش الإيراني: اندلاع النيران في طائرة رئيسي