الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اشكالية الانتماء والعنف

صفاء البابلي

2007 / 5 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


طبيعة الانسان الاجتماعية تجعله ينتمي ويفخر بانتمائه ولكن عليه الى جانب هذا ان لايمس حرية الاخرين وحقهم بالانتماء .
ان الانتماء من الامور الحيوية في حياة الانسان بل لا يكاد يخلو احد منه سواء كان الى قبيلة او دين او لغة او قومية او طائفة .ان اشكالية الانتماء تكمن في ان يكون الانتماء طريقة تفكير او ظاهرة اجتماعية تقوم على اقصاء الاخر الغير منتمي الى نفس الطائفة او الدين ومن هنا تكثر المنازعات والخلافات وبالتالي تنجر الى عصبية ومن ثم التطرف والعنف .
فالانسان المنتمي قد يقضي طول حياته يدافع عن ارائه وعقائده التي ترعرع في كنفها ونشا عليها وهي بالنسبة له من المسلمات الغير خاضعة الى نقد او تحليل ، وحتى لو امتلك هذا الانسان الشجاعة في مناقشة ارائه فان هذه المناقشة او التساؤل لايرتقي الى عملية النقد العلمي البناء والسبب في ذلك الفته لتلك الاراء والمعتقدات حتى باتت من الامور البديهية الغير خاضعة الى تفكير او نقاش .
المهم هنا ان نفهم الانتماء بجميع ابعاده الفكرية والاجتماعية والنفسية سواء كان على مستوى الافكار او مجموعة بشرية لها اراؤها الخاصة او على مستوى الانفعالات النفسية أي نفهم مصادر الانتماء منابعه وانعكاساته وليس على مستوى التقييم هذا او ذاك, حقيقة هذا الموضوع يحتاج الى دراسة متخصصة ومعمقة فيما يخص نظرية المعرفة او فلسفة العلم (الابستمولوجيا) لكي تظهر لنا مناشئ الاختلاف بشكل واضح وطرق التفكير وكيفية انتاج الافكار .
ان على الانسان دائما ان يخضع مسلماته الى النقد العقلي لكي لاتذهب الى خانة اللامفكر فيه لانه ليس هناك اشكالية في عملية النقد بقدر فيما لو دافع الانسان عن مبدء طوال حياته وفي نهاية المطاف يتبين له ان هذا المبدا لا يمت الى الواقع بصلة .
إن موضوع الانتماء وتقسيم البشر الى الوان وعناصر وطبقات خلق معادلة مريرة عبر التاريخ وهي صراع بين هذا التمايز والبقاء للاقوى وليس للاصلح وسيطرة القوي على الضعيف وبالتالي احتقاره وتصفيته واقصائه، فان مبدأ التمييز بين البشر قد يصل بالانسان الى اعتبار أي مجموعة غير مجموعته مجموعات منحطة ودونية تستحق الابعاد والاستعباد بل والانكى من ذلك لاتستحق الحياة حينما يصل العنف الى درجاته العليا .
يبدو ان المتاجرة بالعبيد قامت على هذا الاساس وكان بيع الانسان وشراؤه باسم الخدم والجواري والفتيان وحروب التطهير العرقي او مايسمى الجهاد في سبيل الله والدين والقومية أي الحياة والبقاء للاقوى والموت للادنى وصفحات التاريخ ملطخة وشاهدة على الدماء التي استنزفها المجرمون والاقوياء واستمرار عمليات العنف تحت شعارات التقديس والدفاع عن الحق المقدس.
ليست هذه دعوة الى عدم الانتماء بقدر ما هي محاولة الى فهمه وجعله عنصر اغناء وفاعلية في خلق مجتمعاتنا وحتى لو كانت علامات التمايز واضحة المعالم فيها الا انها تستطيع ان تتعايش فيما بينها بشكل سلمي وتبحث دائما عن القواسم المشتركة وكون الجميع بشر وان اختلفت اللغة او الدين والقومية من خلال محاولة تشكيل ثقافة انسانية محلية وعالمية بين البشر ومحاولة فهم الواقع الانساني (الدوافع والرغبات) الذي بقي دائما مستورا خلف المذاهب الفكرية والشعارات .





التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي


اخر الافلام

.. أوكرانيا: حسابات روسيا في خاركيف؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. بوتين يُبعد شويغو من وزارة الدفاع.. تأكيد للفتور بين الحليفي



.. كيف باتت رفح عقدة في العلاقات الإسرائيلية - الأمريكية؟


.. النازحون من رفح يشكون من انعدام المواصلات أو الارتفاع الكبير



.. معلومات استخباراتية أميركية وإسرائيلية ترجح أن يحيى السنوار