الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مؤتمر شرم الشيخ ووثيقة العهد. من ينفذ؟

عبد الستار نورعلي
شاعر وكاتب وناقد ومترجم

(Abdulsattar Noorali)

2007 / 5 / 11
مواضيع وابحاث سياسية



لقد علمتنا الاحداث والتاريخ السياسي في منطقة الشرق الأوسط والعالم أن الكثير من القرارات التي تصدر عن مؤتمرات واجتماعات دولية أو أقليمية تعقد هنا وهناك وحتى تحت خيمة الأمم المتحدة ورعايتها لحل معضلة سياسية لدولة ما أو خلاف وصراع بين دولتين ، تدخل في الغالب الأعم في ادراج المماطلة والتسويف والأخذ والرد والخلافات حول النقاط الواردة بسبب التفسيرات المختلفة المنبعثة عن مواقف متباينة وعن عمد أحياناً ، اضافة الى تهرب البعض من تنفيذ تعهداته والقفز على ما وقع عليه.

وفي المؤتمر الأخير الذي عقد في شرم الشيخ المصرية حول العراق وحضرته حوالي خمسين دولة بينها دول الثمانية الكبار والخمسة الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي في الفترة ¾ مايس والتي صدرت عنه ما سمي بوثيقة العهد الدولي لدعم العراق وماوردت فيها من التزامات على العراق تنفيذها وأهمها بسط الأمن وحل المليشيات وتحقيق المصالحة واعادة النظر في بعض المواد الخلافية في الدستور.

لكن السؤال المهم هو هل ستُنفذ هذه الوثيقة ؟
وهل ستعمل دول الجوار كما تعهدت على تنفيذ التزاماتها في العمل على منع التسلل الى العراق ومساعدته على تحقيق الأمن ؟

إن هذه الوثيقة لا ولن تختلف عن غيرها من الوثائق والتعهدات وخرائط الطريق والقرارات التي صدرت من مؤتمرات واجتماعات دولية واقليمية ومحلية سابقة ، ومنها مؤتمرات المصالحة الوطنية التي طال انتظار تطبيق وتنفيذ قراراتها وتوصياتها من غير نتيجة ولا تقدم بل بالعكس رأيناها تدخل في أروقة المماطلات والمزايدات السياسية والمصالح الدولية والعربية والمحلية لأطراف كثيرة ومنها المتنازعة والمتصارعة.
هناك قرارات دولية لقضايا أخرى مهمة وخطيرة في المنطقة منها القضية الفلسطينية والأزمة اللبنانية والملف النووي الايراني رعتها وعملت على اصدارها والتوقيع عليها قوى دولية كبرى على راسها أمريكا والأمم المتحدة ، لكنها لم تحترم ولم تنفذ حتى اليوم ، فكيف بالقضية العراقية وفيها كل هذا الكم من المشاكل والتعقيدات والتداخلات والعنف والقتل والدمار اليومين؟

وأما بالنسبة للحكومة العراقية وما يترتب عليها من التزامات وردت في المؤتمر فانه من الصعب عليها تنفيذها وسط الأجواء المشحونة والمعقدة والصراعات الدموية والعنف والتجاذبات الداخلية والخارجية ومصالح الاطراف السياسية والطائفية سواء من هو داخل العملية السياسية ومشارك في السلطة أو من خارجهما ، وخاصة اذا علمنا ان المسافة بين رؤى هذه القوى بعيدة جداً عن بعضها ومتصادمة ومتحاربة ، وأن توجهاتها مختلفة الى حد التناقض التام والعداء المستحكم . فهم ليسوا خصوماً سياسيين يعملون على تحقيق برامجهم عبر الانتخابات الديمقراطية الحقة ، وانما قوى معادية لبعضها البعض الى درجة محاولة الانهاء والتصفية السياسية والجسدية ، لآن كلاً منها ينطلق من موقف مختلف متضاد معادٍ للاخر ، ليس أخطرها الموقف والدافع الطائفي والقومي والسياسي وبناء الدولة على أسس المحاصصة الطائفية والتي هي أحد الأسباب التي جرت العراق الى ما هو عليه من تشرذم وصراع وتدمير ومحاولة تقسيم ، الى جانب الارتباط بهذا الطرف الاقليمي أو ذاك وبهذه القوة الدولية او تلك وخاصة أن هذه القوى ذات مصالح متباينة واستراتيجيات متضاربة.

وعليه فأن هذه القوى وبالذات المحيطة بالعراق لن تتوقف عن التدخل في الشأن العراقي ولن تساعد العراق في تحقيق أمنه واستقراره لا الآن ولا في الأمد المنظور وان تعهدت وتظاهرت بخلاف ذلك ، لارتباط وتأثير ما يجري بمصالحها السياسية والقومية وبأمنها الوطني المهدد بخطر هذا الكم الهائل من القوات الأمريكية على حدودها مترافقة مع تهديدات امريكا اليومية لها.
فطالما أن هذه القوات موجودة على أرض العراق فان هذه الدول لن تتوقف عن التدخل والعمل على نقل صراعها مع الولايات المتحدة الامريكية الى داخل العراق بكل الوسائل الممكنة والمتاحة ، وأولاها مساندة وامداد المعارضين المسلحين والمقاومين للسلطة الجديدة ولقوات الاحتلال بالمال والسلاح والمتسللين من متطوعين ومن اجهزة مخابرات.
فلا هذا المؤتمر ولا وثيقته ولا الموقعون على أهميتهم قادرون على كبح جماح أو ايقاف هذه التدخلات. اذا أخذنا أيضاً بنظر الاعتبار أن بعض هذه الدول لها اطماع اقليمية وتاريخية وسياسية في أرض العراق.
أما العراق وشعبه فهما الضحيتان اللتان تدفعان الثمن الباهض لكل ذلك وللذي جره الاحتلال في أذياله من مصائب وكوارث ونكبات ، ومن أبشعها وأخطرها الصراع الدموي الطائفي البغيض ، وما سببه من تمزيق اللحمة الاجتماعية التاريخية لهذا الشعب المنكوب ووضعه على طريق التقسيم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ستيف بانون.. من أروقة البيت الأبيض إلى السجن • فرانس 24


.. فرنسا: حزب الرئيس ماكرون... ماذا سيقرر؟ • فرانس 24 / FRANCE




.. أوربان يزور أوكرانيا ويقترح وقفا لإطلاق النار للتعجيل بإنهاء


.. فرنسا: التعايش السياسي.. مواجهة في هرم السلطة • فرانس 24 / F




.. كبار جنرالات إسرائيل يريدون وقف الحرب في غزة حتى لو بقيت حما