الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوم بكى عبدالقادر المتجبر/ قصة

عبدالله البقالي

2007 / 5 / 15
الادب والفن


إلى احلام بشارات

صوت قوي ينتزع الناس من اعماقهم، و نظرات قاتلة تشل المخاطب أولا، لتجرده من كل الدفاعات و تسكب فيها الرعب عبر مجار ضوئية تنطلق من عينيه. حاجبان مقوسان يؤلفهما شعر كثيف شديد السواد، يتحركان في انسجام مع ملامح قاسية، صارمة . يؤطرهما غليان داخلي لا يهدأ كشمس حياتها في توقدها.
طلق جل النساء اللواتي تزوجهن بالعبارة نفسها التي كان يطلقها في لحظة غضب، و بحث مرة عن إحداهن في يوم رمضاني بعد آذان المغرب حين لم يجدها بعد أن عاد إلى البيت لكنا لناس كتموا ضحكاتهم وهم يوضحون له أنه قد طلقها قبل صلاة العصر.
لم ينعم عبد القادر المتجبر بالهدوء في حياته، باستثناء اللحظات التي كان يفتح فيها محطة "صوت العرب" ، ملتقطا الأصوات القادمة عبر الأثير من الأفق البعيد، و المبشرة بغد مختلف تسود فيه العزة و تحيا فيه الأمجاد.
لا يستطيع أحد أن يتخيل شكل ابتسامة مزروعة في وجه متجهم كوجه عبد القادر المتجبر، كما لا يستطيع الناس أن ينسوا أنه لم يذبح في حياته ولو أضحية واحدة بالرغم من كونه جزارا. بل هو احتفل دوما بالأعياد بطريقة خاصة. يلبس أرث الثياب، و تنتابه حالة أقر ب إلى السعار فيعمد إلى أن يسرح في الفيافي. و كان يكدر مزاج منتقديه، باثا الرعب فيهم وهو يصرخ بصوته الرهيب: أعجب كيف تهنأون بالأكل و اللباس و إخوتكم يذبحون في فلسطين!
في أحد الأيام تزلزلت رحاب القرية ، و امتد مفعول الزلزال إلى كل القرى المجاورة. لم يكن الأمر بفعل حركة تكتونية، و لا انفجار بركان. بدأ الأمر في شكل همس تناقله الكبار، ثم لم يلبث أن انتقل إلى النسوة و الصغار شاقا طريقه إلى العلن.
تردد أن شيئا فظيعا قد حصل، و أن ذلك كان فوق كل تصور للحد الذي جعل أشرس رجل في تاريخ القرية ينهار و يبكي. و ردد بعض ممن لهم الدراية أن رجلا يعرفه عبد القادر المتجبر جيدا باسم عبد الناصر قد اندحر في معركة رهيبة ستجلب الويلات.
زوجة عبد القادر و جيرانها لم يستطيعوا منع أنفسهم من النخراط في البكاء تأثرا بمشهد الرجل القوي الذي انكسر. و البعض الآخر وقف بعيدا متأملا المشهد بحزن، جازمين في صمت ان عبد الناصر هذا لابد أن يكون نبيا، و أن معجزته تمثلت في كونه جعل صخرا كعبد القادر المتجبر يبكي.
إحدى النسوة رفعت أكفها للسماء مستغرقة في دعاء توسلت فيه لله أن يرفع ذلك الغم فعقبت عليها امرأة كانت تقف في الجوار قائلة : حتما سيستجيب الله لدعائك حين يكف عبد القادر المتجبر عن تطليق النساء دونما سبب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ


.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين




.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ


.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت




.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر