الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لهاث اللحظات الاخيرة

جهاد الرنتيسي

2007 / 5 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


حين توضع في سياقاتها تنقسم احداث المنطقة الى منعطفات تغير المسارات ، وجمل اعتراضية تضفي غموضا او تترك بعض الوضوح لمشهد تزداد تعقيداته ، او فواصل تتيح التقاط الانفاس لمتابعة السير في دروب مظلمة .

والواضح ان مؤتمر "شرم الشيخ" الذي انعقد للبحث عن آلية حل للازمات العراقية المتفاقمة ينتمي الى الاحداث التي تحمل ملامح الجمل الاعتراضية .

فهو لا يمتلك شروط المنعطفات التي تقود الى تغييرات دراماتيكية تنهي مرحلة لتفتح الافاق امام اخرى .

وسرعة انزلاق الازمة العراقية نحو المجهول تحول دون اية فرصة لالتقاط الانفاس.

وغياب الاجندة العراقية واضحة المعالم يبقي العراق في دائرة التجاذبات الاقليمية والدولية التي تكاد ان تكون مغلقة على اللاعبين الاميركي والايراني ومرشحة على الدوام لمزيد من التصعيد.

وتفوق ايحاءات التصعيد التي يمكن التقاطها من خلال تسريبات مؤتمري "شرم الشيخ" وتداعياتها احتمالات التهدئة .

فالنتائج التي يمكن استخلاصها من قناعة بضعف الاداء الاميركي خلال المؤتمر ونزوع ايراني نحو التصعيد بعد انتهاء اعماله تعزز اعتقادا بصعوبة توفير القواسم المشتركة التي تفضي الى صفقة بين الطرفين .

وتنطوي هذه النتائج على حقائق يصعب اغفالها مع تسارع سباق اللاعبين ، الاقليمي الساعي اعتراف دولي بدوره في المنطقة ، والكوني اللاهث وراء سبل تابيد تفرد قطبيته .

ومن بين هذه الحقائق محاولة البيت الابيض توظيف المؤتمر في اللعبة الداخلية الاميركية .

فقد كان لافتا للنظر ان الادارة الاميركية تعاملت مع الحدث باعتباره عامل اسناد لموقف الرئيس بوش المتداعي امام خصومه الديمقراطيين .
وتحت وطأة الحاجة للتوظيف اضطرت الادارة الاميركية لاستخدام تكتيكات آنية مثل المراهنة على حكومة نوري المالكي العاجزة عن القيام بخطوات عملية لتحريك دواليب المصالحة الوطنية .

وساهم مأزق ادارة الرئيس بوش في مواصلة التعويل على ما تبقى من خطة امنية اثبتت فشلها .

الا ان حالة الارتباك التي تعيشها الادارة الاميركية جراء اخطائها في العراق لم تحل دون محاولتها القيام بترتيبات تراها واشنطن ضرورية قبل انسحاب غير مستبعد من الاراضي العراقية في ظل استمرار ضغوط الديمقراطيين على ادارة بوش واستمرار الخسائر البشرية .

وتندرج في هذا السياق زيارة نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني لبغداد ، والضغوط الاميركية التي تعرض لها البرلمان العراقي لالغاء اجازته الصيفية من اجل اقرار عدة قوانين بينها قانون توزيع الثروة النفطية.

وفي المقابل كشفت الورقة الايرانية المقدمة الى مؤتمر شرم الشيخ عن اصرار ايراني على الاحتفاظ بدور في ترتيب البيت العراقي ، و تكريس سياسة المحاصصة ، واعاقة اي تعديلات دستورية تقلص المكتسبات التي حصلت عليها القوى الطائفية ، ووضع العراقيل امام تولي شخصية علمانية ذات ابعاد وطنية رئاسة الحكومة العراقية ، وتعزيز نفوذ جماعات الاسلام السياسي الشيعي في الدولة العراقية .

وبذلك تحول مؤتمر شرم الشيخ منذ الوهلة الاولى الى محطة في السباق الاميركي ـ الايراني متجاوزا الهدف الرئيسي لانعقاده والمتمثل في تحريك عجلة الامن والاستقرار العراقيين .

ولم يحل هذا التحول دون محاولة حكومة نوري المالكي اعادة انتاج الدور الذي حالت تركيبتها وظروف تشكيلها دون القيام به .

الا ان خطة النقاط الخمس التي سربتها حكومة المالكي مؤخرا لا تنطوي على ما يؤهلها لاختراق مسار الاخفاقات الامنية والسياسية المتلاحقة مما يعني استمرار دوامة العنف والدم وربما زيادة وتيرة دورانها .
فالنقاط التي تتضمنها الخطة تقضي بتوسيع المشاركة السياسية لفئات اساسية دون الاشارة الي احداث تعديلات على الدستور ، الامر الذي يعطي لهذه النقاط بعدا ترقيعيا ، ويؤمن بقاء حركة دوران حكومة المالكي في مدارات السياسة الايرانية .

وبالتالي توحي هذه النقاط بان الافق الذي تنوي حكومة المالكي التحرك فيه خلال المرحلة المقبلة لا يتجاوز المعالجة الشكلية للازمة .

ومع الوصول الى هذه النتيجة تكتمل صورة المشهد العراقي المرشح لمزيد من الانهيار .

فقد تداخل التأزم الاقليمي والدولي مع الازمة الداخلية الى حد تكامل العاملين الداخلي والخارجي في توتير الحالة العراقية ودفعها نحو المجهول .

وبات من الصعب وضع حد لدوامة العنف والدم دون اعتراف دولي واقليمي بان بنية الحكومة العراقية ، ومكوناتها ، وامتداداتها ، وسياساتها جزء من الازمة ، والبنى المازومة ليست مؤهلة لجلب الحلول .

ولا يعفي اختلال الموازين الاقليمية ، وخطأ الحسابات الدولية ، وعقم حكومة المالكي القوى السياسية العراقية من المساهمة في توفير الظروف الملائمة للخروج من الازمة .

ويكاد توفير هذه الظروف ان يكون مستحيلا في ظل الاصطفافات الطائفية التي توفر مناخات العمل لجماعات القاعدة والاطراف الشيعية المرتبطة بالاجندة الايرانية .

وللخروج من حالة الاصطفاف الطائفي يواجه المشهد السياسي العراقي تحدي ايجاد المشروع الوطني الذي يضمن للعراقيين حقهم في المواطنة دون تغليب فئة على اخرى وتوفير مناخات التفاعل الايجابي مع المحيط العربي الذي يمكن ان يلعب دورا في التصدي للتغلغل الايراني .

فالسنوات الماضية اثبتت ان سياسة المحاصصة والاصطفافات الطائفية تنطوي على وصفة الانزلاق نحو الهاوية وفتح الابواب على مصاريعها لتحويل العراق الى رهينة ايرانية وساحة لتصفية الحسابات الاقليمية والدولية .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا.. مظاهرة في ذكرى النكبة الفلسطينية تندد بالحرب الإسرائ


.. مسيرة تجوب شوارع العاصمة البريطانية لندن تطالب بوقف بيع الأس




.. تشييع جثمان مقاوم فلسطيني قتل في غارة إسرائيلية على مخيم جني


.. بثلاث رصاصات.. أخ يقتل شقيقته في جريمة بشعة تهز #العراق #سوش




.. الجيش الإسرائيلي: دخول أول شحنة مساعدات إنسانية عبر الرصيف ا