الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل سنعود الى المربع الاول ؟

عبد الزهرة العيفاري

2007 / 5 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


انتظر العراقيون طوال الأشهر الأخيرة تنفيذ الحكومة لوعودها التي كـالـتها بسخاء مفرط وبتكرار كثير حول العديد من المطالب التي اصبحت شعبية وملحة ايضا ً . ولطالما كانت اكثر تلك الوعود مقترنة بمواثيق دولية وانها ابرمت على رؤوس الاشهاد .
وقد فهم الناس ان المليشيات سوف تحل ويمنع حمل السلاح من قبل الاخرين عدا القوات المسلحة ، وانتظر الناس طويلا وطويلا جدا ً لتكف تلك التشكيلات عن التدخل بشؤون الدولة وواجبات وزارة الداخلية واعمــال المحافظات وشؤون التعليم . كما انتظرت التعديل الوزاري بعيدا عن المحاصصة . واعتبار الوزارة مهمة تكنوقراطية تعتمد على العلم والمعرفة بالشؤون الادارية اضافة الى النزاهة والوطنية . ولكن رئيس الوزراء (الذي اخذ يتمتع بدعم شعبي لم يمنح لغيره منذ امد طويل) والذي نفسه تكلم الكثير عن نبذ المحاصصة و الطا ئفية بل ومنع ان تلبس السياسة برقعا حزبيا او دينيا ، لم يستطع تنفيذ ما يريده بسبب تعدد المراكز " القيادية " في البلاد التي تجعله يتباطأ باتخاذ مايلزم لذلك . ومما يدعوا الى الاسف الشديد ايضا عدم النجاح في اتخاذ اي شيء جرئ بخصوص منع التأثير الحزبي والطائفي على السياسة الداخلية للدولة في حين اكثر المجالس بالمحافظات هي من اصل حزبي واكثر اعضائها تابعون احيانا لهذه الجهة الدينية او تلك .
ويقال ان الميليشيا الفلانية تتخذ من وزارة الصحة ( تكية ) من جانب الكتلة التي نصبت الوزير .وغرفها اصبحت كجداريات للافتات السوداء والصور الشخصية التي ليس لها اية علاقة بالصحة العامة للسكان . ومن جراء هذه الاسباب وغيرها لم يستطع رئيس الوزراء ، بالرغم من جهوده المضنية ، لا حفظ الامن ولا مكافحة الفساد الاداري او ايقاف السرقات العلنية . وحتى انه لم يوفق بعد ًحتى في منع الاعلام الداخلي المعادى لاستقرار الامن . بينما هذا الاعلام يعبث بدون رادع بافكار الناس وهو اعلام عراقي وينطلق من بغداد بالذات . وبذلك ما نزال نعود بين فترة واخرى الى المربع الاول و الاحباطات تتلقف ابناء البلد . وما عليهم الا ان يعرضوا مطاليبهم من جديد لعلهم يحرزون بعض التقدم في يوم مــا .
وبالمناسبة ، اننا اذ نمارس النقد تجاه الحكومة المنتخبة لا يجب ان يؤخذ ذلك كما لو ان ما نكتبه من انتقادات هو نفسه النقد المستعمل للطعن ومحاولة لاضعاف الدولة كما تشتهى جهات متصيدة معروفة داخل وخارج حدود بلادنا . ان ما ينبغي عمله اليوم من جانب السياسيين الوطنيين والاعلاميين وغيرهم هو تلمس حالات الضعف في سياسة الحكومة امام اعدائها المتمرسين بالجريمة وذلك بغية مساعدة الحكومة في التخلص من عوامل الانهيار والاضمحلال كما حدث لغيرها في عهود لم تبعد زمنيا عنا كثيرا ً .
وضمن هذا السياق علينا ً تثمـين الاحتضان من قبل دول العالم لنا وتسابقها الذي لا مثيل له في اظهار النيات الصادقة لانتشال العراق من الهوة التي هو فيها ، بما في ذلك اسقاط نسبة كبيرة من الديون التي تثقل كاهلنا . علما اننا اذا لم نعط اهتماما خاصا لهذا الجانب فسوف نخسر اعظم فرصة تهيأت لنا في هذا الزمن العصيب . انها فرصة لا تقدر بثمن ، ذلك ان التأييد العالمي والثقة التي منحتها الكثير من الدول للعراق تفرض علينا واجبا تاريخيا يتـطـلب تـنـفيذ سياسة واقعية وسريعة لانقاذ البلاد مما تعانيه . وعلينا العمل الدؤوب والهادف بحيث نبرر به ثقة العالم وذلك باتخاذ التدابير العاجلة لانقاذ العراق . على ان الحكومة العراقية هي المسؤولة شخصيا عن ذلك وان الدول الصديقة جاهزة ان تقف بجانبنا وتقوم بمساعدتنا .
ومن الملاحظ كذلك ان حكومة السيد المالكي لم تتخذ حتى اليوم برنامجـا واضحا للبناء والاعمـار ولم تضع اهدافا ملموسة للخـد مات الصحية والتعليمية . وكذلك فيما يتعلق بالاقتصاد وحقوق المرأة او بالنسبة للثقافة والادب ....الخ الخ . وبهذا الخصوص ليس كا ف ان نتكلم عن حضارة وادي الرافدين وامجادنا العلمية عبر التاريخ ، في حين ليس لدينا برنامجا ثقافيا تسعى الدولة لتنفيذه . وعلى العموم ان المثقفين مغيبون عمليا ً من التأثير على المسيرة الثقافية في البلاد . ان مثقفينا وادباء نا يكافحون بمرارة لكي يقدموا شيئا منيرا للفكر والادب العراقي . ولكن على الاغلب تبوء محاولاتهم بالفشل بسبب فقدان الدعم الحكومي لكفاحهم . اما الظلم والاجحاف تجاه المــرأة فهـذا الامر هو الاخر له شجون .
فكما يبدو ان الشعلة الوهاجة التي شهدناها قبل الانتخابات بخصوص دور المرأة في المجتمع قد اخمدت بأيدي جهات ثنيت لها الوسادة ( كما يقال ) في هذا العهد الخطير . ان المرأة العراقية التي استيقض فيها الامل ان ستكون امـا ً اوزو جة اواختا داخل جيل مثقف الا انها قد اصابها الاحباط من هذه العزلة الظالمة التي فرضت عليها ( لاسباب معروفة ) . اذ اكتفى " االقــدر " بان يجعلها شيئا " مجللا " بالسواد ابتداء من الطفولة النسائية في غرف المدارس الابتدائية حيث يبدأ التهجي بحروف (الف باء ) . هذا ونحن نعيش في القرن الواحد والعشرين وليس في القرون الوسطى . فماذا تقول لنا حكومتنا ؟ هل القوى التي سحبت المرأة ، ومعها المجتمع ، الى هذا الدرك تريد ان " تثبت " ان النظام السابق كان افضل ؟ ! اوانـهم يريدون ان يقولوا لنا ..... يا من تناهضون النظام البائد ، خذوا هذه الحصيلة ، فنحن لكم بالمرصاد !!
على ان ما ذكرناه هنا يؤلف غيضا من فيض اوقليلا من كثير . ومن دون شك ان التوصيات العالمية للسلطات العراقية بشأن حل الميليشيات لم تكن دون اساس منطقي . ان وجود الميليشيات يعني ان البلاد تعيش تحت سلطتين . وان سلطة الميليشيات عادة تكون اقوى واكثر اثرا وذلك بسبب تخريباتها . فالسلطة الحكومية لا تستطيع ان تنجح في البناء طالما هناك تخريب جاري في البلاد . فكيف الامر سيكون اذا كان التخريب موجه على العنصر البشري قبل غيره ؟ والطريف ان الحكومة ممثلة برئيسها ترسل التصريحات متتابعة حول الاضرار الفادحة التي تخلقها هذه " المؤسسات " المسلحة . حقا ً ، انها تحارب الحكومة والنظام الذي يسعى الى الحياة الديمقراطية ليس فقط بالاسلحة التقليدية بل ولديها معاول الشعوذة والدجل وهي اسلحة خاصة لتخريب المجتمعات . ويا للاسف اننا نملك فـقـط تصريحات . بـيـنما الـد ماء تسيل والـدموع تجري والعالم كله ينتظر النور من العراق وبنفس الوقت نجد الاعـداء من كل صنف يعملون متعاونين علينا وينفذون ما يشتهون وكما يريدون !! ونحن نعيش على بركة التصريحات .
من البد يهيات السياسية : ان الدولة لا تدار بالتصريحات . والقانون السياسي يشير الى ان رأس الدولة لا يخاف من احد اذا كان الشعب معه . ولا يجوز ان يستشير من يريد بالبلاد شرا ًباستعمال الاحابيل والشعوذة . رجل الدولة القوي يستشير الشعب وقواه المـثـقـفـة ثم يبنى البلاد بالاقدام والجرأة والحكمة الدبلوماسية .
كلنا امل ان اصواتنا ستكون مسموعة وستقوم الحكومة بتنفيذ ما يريده الشعب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل يتجه الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات على إسرائيل؟| المسائ


.. الأردن.. مخاوف من امتداد نفوذ إيران للمملكة الهاشمية؟




.. الأمريكية نيكي هايلي تكتب عبارة -أقضوا عليهم- على قذائف إسرا


.. اليمن.. غضب في عدن بسبب ارتفاع أسعار الخبز • فرانس 24 / FRAN




.. بدء فعاليات اليوم الثالث من -منتدى الإعلام العربي- في دبي| #