الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في مشروع حزب الفضيلة / 2

علي عساف

2007 / 5 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


الحلقة الثانية / شخصية رئيس الوزراء

يركز المشروع على شخصية ومواصفات رئيس الوزراء التي يجب ان يتمتع بها في هذه المرحلة التي تمثل منعطفا تاريخيا مهما في تاريخ العراق وتاريخ الحكومات العراقية كذلك ..فيلخصها بالبند الثاني الذي نصه :
( أن يكون رئيس الحكومة شجاعاً حازماً لا يخضع لابتزاز الكتل السياسية ويقف على مسافة واحدة من الجميع وأن يعتمد الكفاءة والنزاهة والوطنية والإخلاص في اختيار الوزراء بمعونة الكتل السياسية المكونة للبرلمان والممثلة للنسيج العراقي )

فاذا كانت شخصية رئيس الجمهورية فوقانية ورمزية فان شخصية رئيس الوزاء محورية ميدانية استقطابية تتعلق بقضية الحكومة وتشكيلها وتصريف امورها التنفيذية لانها السلطة التنفيذية التي يجب ان تدار بمحورية واستقطابية سياسية متوازنة .. ويمكن تشخيص محاور هذا البند من مشروع حزب الفضيلة وتلخيص اشعاع شخصية رئيس الوزراء بتوازنها وفاعليتها العملية التي يريدها المشروع باربعة اتجاهات :

1 - المركزية :
اهم ما يجب ان تتحلى به شخصية رئيس الوزراء هي صفة المركزية وسحب الرؤية السياسية باتجاه بؤرتها التنفيذية ، من هنا يجب ان يكون هناك مقياس واضح لهذه المركزية يقيّم من قبل المراقب لاداء الحكومة سواء كان هذا المراقب نائبا في البرلمان يمثل السلطة التشريعية او مواطنا عاديا يمثل راي الشارع العراقي ، او على الجانب الاخر المهم في القضية العراقية هو الجهات الخارجية التي تتعامل معها الحكومة سواء كان هذا الخارجي هو سلطة الاحتلال بدهائها وتشعبات مصالحها ، او المجتمع الدولي بشكل عام ولا سيما دول الجوار العراقي ..
فشخصية رئيس الوزراء العراقية عليها ان تصنع مركزيتها الخاصة على الرغم من انها جاءت من حاضنة محاصصاتية لكن هذه الحاضنة كانت مخاضا وخطوة تاسيسية لاستكمال شخصية رئيس الوزراء ، ولكن حين تصل هذه الشخصية الى فضاء مسؤوليتها العراقية فعليها ان تتخلص من تبعاتها السياسية التي اوصلتها باي طريقة الى سدة الحكم لان الشخصية الان ارتدت العباءة العراقية العامة ولم تعد ملكا لجهة سياسية ما .. وكلما استطاعت ان تتخلص من هذه التبعات وتنتمي او تصنع مظلتها الخاصة الشاملة لكل الاتجاهات العراقية كلما تكرست المركزية في شخصية رئيس الوزراء أي ان هذه المركزية تتركز وتتمترس بانتمائها العام الى الشعب العراقي وكذلك كلما ابتعدت بالمسافة بين موقعها السياسي الذي انطلفت منه الى موقعها الحكومي الذي آلت اليه .. ومن هنا على هذه الشخصية ان تدافع عن مشروعها الحكومي وعن مركزيتها في الحكم وسط التجاذبات الفئوية التي قدمتها الى هذه المسؤولية من جهة ، وبين التجاذبات الجماعية التي تريد من هذه الشخصية المسؤولة توزيع انتمائها الى كل فئات الشعب وقد تفتت كثير من الشخصيات الحكومية الرئاسية على صخرة المركزية تلك الشخصيات التي لم تستطع ان تتخلص من تبعاتها الفئوية ولم تستطع ان تمتلك هالتها الحكومية العامة ..
كما ان هناك موازنة اخرى على شخصية رئيس الوزراء ان تحققها وهي الموازنة بين الجو الديمقراطي التي تعمل ضمنه هذه الشخصية وان كانت الديمقراطية العراقية طفلة مازالت تحبو في ارض ملغومة ! ، وين سلطتها الفردانية او لنقل هامش تسلطها وقوتها التي اذا ما مسك زمامها بشكل قيادي صحيح سيجعل الهاجس الديمقراطي يتجه نحو فردانية او مركزية هذه الشخصية فالديمقراطية على اية حال لا يجب ان تعني تضعيف شخصية رئيس الوزراء او الوزير ولكنها – الديمقراطية – ارضية سياسية وشرعية يسير عليها منهج الحكومة ولكن بصفة خاصة وصارمة احيانا .. من هنا جاء هذا البند من بنود ورقة حزب الفضيلة وهو الاشارة ضمنا الى مركزية شخصية رئيس الوزراء التي تمثل القطب او المحور في الحكومة لتضع رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي او من يتصدى الى هذه المسؤولية وجها لوجه امام مقدار تحقيقه من هذه المركزية وبالتالي مقدار قدرته الاستقطابية المحورية فتضعه على المحك الصعب و لاسيما في هذه المرحلة من التجاذبات السياسية الداخلية او الخارجية من القضية العراقية ..

2 - القراراتية
تتعلق هذه النقطة بسابقتها ولكن قضية صنع القرار من اهم القضايا التي تواجه الحكومة في تصديها للواقع العراقي الراهن .. فمن الذي يصنع القرار الحكومي العراقي الان ؟؟ اين يكمن المطبخ القراراتي وخلف أي كواليس ؟؟ وما مدى تدخل المحتل في صنع القرار الحكومي الان ؟؟ او لنكن اكثر واقعية فنقول ما مدى تدخل الحكومة في صنع القرار الذي تخيم عليه قوى الاحتلال مثلما تخيم وتجثم على صدر البلد الذي تحتله .. ؟ هذا من ناحية المحتل ، اما من ناحية التجاذبات الماصصاتية او الفئوية فهذا جدل اخر علينا ان نتطرق له .. فاذا كان هناك متكـ او مرجعية تشريعية هي مجلس النواب في صنع القرار او اعطائه صفته التشريعية ، وان كان هذا المجلس تتجاذبه التكتلات التوافقية وغيرها لكن هناك قرارات ميدانية سريعة يفرزها ويتطلبها الواقع العراقي بتسارع احداثه سواء المرتبط منها بالوضع الامني المتدهور او الوضع الاقتصادي او المستجدات العاجلة في كل الميادين الاخرى .. أي ان الحكومة لها هامش تصرف آني وتنفيذ سريع تقتضيه الحال الطارئة المستمرة في المشهد العراقي .. فمن يقف وراء هذا القرار الميداني الذي يتطلب الجراة والمرونة في العمل السياسي والعسكري والاقتصادي والاداري بشكل عام ، وكيف سيقف رئيس الوزراء في مربعه الخاص دون ان تتدخل الايدي الاخرى من حوله لصنع قراره .. ان صفاء هذا المربع الحكومي هو صفاء العقل القيادي المدبر بعيدا عن التشوش والتدخلات من اية جهة داخلية او خارجية .. من هنا يريد مشروع حزب الفضيلة من القيادة ان تحافظ على نظافة ونزاهة هذا المربع من التدخلات والتجاذبات والمصالح الفئوية التي تسلب شخصية رئيس الوزراء صفتها القراراتية وان لا يصبح عاكسا لردود الافعال المتباينة من ارتباطاته الفئوية والمحاصصاتية او من ارضائه للطرف الاخر وهو المحتل المتربص بالقرار العراقي و لا يسمح له ان يمر الا من خلال ( فلتره ) الاحتلالي الخاص والذي يفترض نفسه مالكا لكل المربعات في العراق ومن ضمنها المربع الذي يجلس عليه رئيس الوزراء ... !

3 – الصفة التشكيلاتية :
وهي ايضا تنبع من الصفتين السابقتين حيث ان تشكيل الحكومة بكل هيائتها الادارية سواء الوزارات او تفرعاتها الاخرى وباقطابها الادارية من مسؤولية الوزير الى كل المسؤوليات الاخرى هذا التشكيل يتطلب قدرة على خلق هذه الشجرة او هذا التفرع الشبكي في منظومة الحكومة .. فالمعضلة الادارية الكبرى التي تواجه رئيس الوزراء في الحكومة العراقية الحالية هي المحاصصاتية المفروضة واتكاء كل مسؤول وزيرا كان او غيره في الحكومة على جدار هذه المحاصصاتية بحيث ان رئيس الحكومة غير قادر على ازاحة احد هؤلاء من مكانه في حالة اثبات فشله او فساده الاداري او المالي لان الوزارات تشكلت حسب مبدا المحاصصة وتوزعت على التكتلات لا على الكفاءة او التكنوقراط وما على رئيس الوزراء سوى القبول بمرارة هذا الواقع الاداري والسياسي ولم يبق بيد رئيس الوزراء سوى الاجراءات الروتينبة الادارية وهذا هو الفرق بين الديمقراطية والمحاصصاتية ففي كل الانظمة يقع على عاتق رئيس الوزراء تشكيل الحكومة وفي نفس الوقت يمنح الفرصة او امتلاك ناصية القرار لتشكيل حكومته من السلطة التي حصل عليها من الطرق الديمقراطية ذاتها التي اوصلتها الى مسؤوليته فهنا تنتهي كل المآلات السياسية و لايبفى سوى مآل الحكومة الجديدة المنتخبة التي عليها ان تشكل نفسها بطريقتها الخاصة وبرؤيتها للعمل السياسي الذي ينتظرها دون حساب للمجاملات والارضاءات المحاصصاتية فتكون الديمقراطية مرتكزا اساسا وقوة للحكومة لا معرقلات تضعف عمل الحكومة و تتعارض مع ارادتها ..
ان تشكيل الحكومة هو الفرصة الاكبر والاوضح لمعرفة ولاثبات شخصية رئيس الوزراء ، بل ان هذه الفرصة هي التي سيتضح فيها وقوف رئيس الوزراء بمسافة واحدة من كل مكونات الشعب العراقي واطيافه ام لا .. وبنفس الوقت لاثبات استقلال وحرية رئيس الوزراء اولا من الضغط الاحتلالي وبالتالي فرض هذه الحرية على المحتل وابراز الارادة العراقية الخالصة على اهم محك ومراى الا وهو مراى تشكيل الحكومة ، وثانيا استقلاله وحريته من الضغط الساسي الداخلي المحاصصاتي وغيره وثالثا حريته امام الجهة التي ينتمي اليها ..
ان مشروع حزب الفضيلة يضع شخصية رئيس الوزراء امام هذه الامتحانات لان الحزب راى ان للعملية السياسية او لاصلاحها ودفعها بالاتجاه الصحيح لها مفاتيح يمكن مسكها بواسطة البنود التي وضعها في هذه الوثيقة وكان من هذه المفاتيح المهمة هو مسؤولية رئيس الوزراء ومركزيته وقدرته على صنع القرار الصائب وعلى ادارة الازمة بعقل عراقي جامع ورؤية سياسية سليمة

4- الحيادية
والمقصود بها الحيادية في اتخاذ القرار وما ذكره لمشروع حزب الفضيلة بورقته هو الوقوف بمسافة واحدة من الجميع ومفردة ( الجميع ) هنا مفردة صعبة تخفي في ثاياها المصالحة ومراجعة المواقف والاراء المسبقة كما ان ( الجميع ) والمقصود بهم جميع العراقيين ففيهم من يقف معراضا للعملية السياسية وفيهم من له موقف سابق لا يتفق مع منهجية رئيس الوزراء او منهج تكتله وبرنامجه السياسي .. وان ينسى رئيس الوزراء كل المواقف السابقة التي كان يتخذها حين كان يقف في جهة واحدة من العملية السياسية هي جهة الحزب او التكتل السياسي الذي ينتمي اليه فان مسؤوليته الجديدة هي مسؤولية الاب الذي ينسى احقاده او خلافاته القديمة ويغض النظر حين يكون غض النظر نافعا ويترفع على كل ضغائن من شانها ان تسحبه الى تخندق طائفي او عنصري او غيرها وهنا اذكر بيتين الاول للشاعر ابي تمام :

ليس الغبي بسيد في قومه
لكن سيد قومه المتغابي

وبيت المقنع الكندي حين يقول :

ولا احمل الحقد القديم عليهم
فليس رئيس القوم من يحمل الحقدا

يتبع ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا وراء سجن المحامية التونسية سنية الدهماني؟ | هاشتاغات مع


.. ا?كثر شيء تحبه بيسان إسماعيل في خطيبها محمود ماهر ????




.. غزة : هل توترت العلاقة بين مصر وإسرائيل ؟ • فرانس 24 / FRANC


.. الأسلحةُ الأميركية إلى إسرائيل.. تَخبّطٌ في العلن ودعمٌ مؤكد




.. غزة.. ماذا بعد؟ | معارك ومواجهات ضارية تخوضها المقاومة ضد قو