الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحريات العامة بالمغرب ... على ضوء منع ندوة الامازيغية و التنمية البشرية بتزنيت

أحمد الخنبوبي

2007 / 5 / 15
حقوق الانسان


إن الحريات العامة التي يفترض أن يتمتع بها المواطنون داخل أي دولة, أي حرية المواطن في الفكر, و حرية الصحافة, و حرية التجمع ترتبط كلها بالديمقراطية السياسية داخل الدولة. فلا يمكن ممارسة الحريات دونها حيث تتحدد هذه الديمقراطية السياسية من مدى ديمقراطية الوثيقة الدستورية , و مدى حق المواطنين في الممارسة السياسية.

كما ترتبط الحريات العامة بالمنظومة القانونية للدولة التي تتشكل بدورها من الهيئة التي تسن القوانين و من المسطرة التشريعية , و هنا لابد من استحضار مفهوم الإرادة العامة التي تتحدد بإعطاء الإرادة للشعب لاختيار ممثليه بكل حرية و بطريقة ديمقراطية للسهر على حفظ الحرية العامة التي هي بالأساس من اختصاص السلطة التشريعية, لأن حفظ النظام العام يعد من صميم السلطة التنفيذية, كما أن المسطرة التشريعية يفترض فيها تبني مجموعة من المبادئ لسن قوانين تتميز بالشرعية و المشروعية .

و ترتبط الحريات العامة كذلك بالإطار القضائي لممارستها, حيث يفترض وجود قضاء مستقل عن السلطات و عن المصالح و الطبقات .

إن الحريات العامة بالمغرب بوضعها في إطارها السياسي و القانوني و القضائي , نجدها أنها تتخبط في مجموعة من التناقضات و التعقيدات و المنزلقات , مما يجعل وضعها لا يصل إلى المستوى المنشود , و لقد بدأ تقنين الحريات بالمغرب مع دخول الحماية الفرنسية حيث أصدرت سنة 1914 ظهائر تنظم الصحافة و التجمعات , بعد ذلك جاءت ظهائر 1958و ما تلاها من تعديلات لإرساء البناء القانوني للحريات العامة بالمغرب.

الحريات العامة بين الغموض القانوني و التطبيق التعسفي


بتحليلنا لبنود قانون الحريات العامة المغربي بظهائره الثلاثة المنظمة لحق تأسيس الجمعيات , و حق إصدار الصحافة , و حق عقد التجمعات , يمكن استنباط ملاحظات أساسية أهمها تكرار مفهوم الآداب العامة و النظام العام اللذان يعتبران مفهومان معقدان و غامضان في القانون العام , و بالتالي وظفهما قانون الحريات العامة المغربي كآلية للتعسف القبلي على الحريات من خلال النصوص القانونية فأي فعل كيفما كان يمكن أن يأوله القانون على أنه مس بالنظام العام .

كما أن القانون يتميز بإحالاته المتكررة على ما يصطلح عليه السلطة الإدارية المحلية أي ما يسمى أيضا بسلطات الوصاية ( الشيخ – القائد – الباشا – العامل – الوالي...) دون أن يتم تحديد بشكل دقيق مما يجعل مفهوم السلطة الإدارية بدوره معقدا و غامضا.

إن سلطات الوصاية تفتقد للمبدأ القانوني المسمى " الإرادة العامة " أي إرادة المواطنين حيث أن هذه السلطات ليست سلطة إدارية منتخبة من الشعب لا بشكل مباشر أو غير مباشر بل هي سلطات معينة مركزيا, و بغياب الإرادة العامة نكون أمام تناقض صارخ مع المفهوم الأصلي للحريات العامة . إضافة إلى ما سبق نجد قانون الحريات العامة في مجموعة من بنوده يتبنى نظام التصريح أو الإشعار لممارسة الحقوق و الحريات العامة إلا أنه كلما ذكر مصطلح التصريح و الوصل المؤقت المسلم من السلطة إلا و ذكر العون القضائي و اختصاصه بالتبليغ , و كذا التبليغ عن طريق البريد المضمون مما يترك للسلطة مجالا واسعا للقمع و التعسف على الحقوق و الحريات العامة , أمام الضعف الإداري للأعوان القضائيين و رجال البريد أمام سلطات الوصاية .

كما نجد في الفصول المتعلقة بالعقوبات و المخالفات المتعلقة بالحريات العامة , عقوبات قاسية قد لا نجد مثيلا لها في القانون الجنائي , و هو ما يمكن تسميته "بمبدأ العصا والجزرة في منح الحريات العامة بالمغرب" .

هذا بالإضافة إلى أن الإدارة و السلطة الإدارية التي لها الاختصاص القانوني فيما يخص الحريات العامة ,يفترض فيها الإلمام التام بالقوانين المتعلقة بالحريات العامة نجدها تفتقد إلى هذا الشرط و كذا افتقاد أغلب عناصرها إلى ثقافة الحوار و حقوق الإنسان .

مما سلف تكون منظومة الحريات العامة بالمغرب محكومة بمطرقة النصوص القانونية الغامضة مما يجعل هذه الحريات تنتهك بسبب سوء تأويل القوانين ( حالة منع مجلة نيشان مثلا , منع عقد مجالس جماعة العدل و الإحسان ... ) , و سندان التعسفات و الخروقات التي تمارسها السلطة , و عناصرها الذين يلجأون إلى اجتهادات إدارية فردية لتبرير الشطط في استعمال السلطة , أو يخضعون للتعليمات الشفوية لمرؤوسيهم مما يفقد تعاملهم مع المواطنين قاعدة تعليل القرارات الإدارية بالكتابة ( منع ندوة الأمازيغية و التنمية البشرية لجمعية افرا بتيزنيت, رفض تسليم الوصولات القانونية لمجموعة من الجمعيات.. ) .


تنازع الاختصاص القانوني و السياسي في نسق الحريات العامة بالمغرب

إن الحريات العامة بالمغرب تعاني من تعقد العلاقات بين السلط , في النسق السياسي المغربي , وهو ما يؤثر سلبا على وضعية الحريات العامة رغم ما تبدله الدولة من جهود لإبقاء الحريات العامة كوسيلة للمشروعية السياسية من خلال الفصل التاسع عشر الذي يعتبر الملك أمير المؤمنين و له صيانة حقوق و حيات المواطنين و الجماعات و الهيئات , و بالتالي فإن أي محاولة لبناء الترسانة القانونية للحريات العامة , ( قانون النقابات , قانون الأحزاب السياسية, قانون الصحافة الجديد ... ) , أو أي محاولة لطي صفحة الماضي لانتهاكات الحريات العامة ( هيئة الإنصاف و المصالحة,الهيآت الموازية لجبر الضرر , المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ... ) سيتم تصنيفها في خانة تجديد المشروعية السياسية.

هذا بالإضافة إلى الإشكال و التنازع القانوني الذي أحدثه قانون النقابات , و الأحزاب السياسية في علاقتهما بظهير الجمعيات , و بظهير التجمعات العمومية , في ظل الظروف الذاتية و الموضوعية المحيطة بمنظومة الحريات العامة , السالفة الذكر , فان أي إصلاح لهذه المنظومة من أجل بناء قواعد متينة للحقوق و الحريات العامة بالمغرب لا سبيل من أن ينطلق من توافق سياسي بين مختلف القوى السياسية بالمغرب , في ظل استحضار المواثيق , و الإعلانات الدولية لحقوق الإنسان الفردية و الجماعية , و كذا للحريات العامة الأساسية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الشكر
هدى الكرينى ( 2011 / 4 / 29 - 12:34 )
باسم الله الرحمن الرحيم
السلام على كاتب الموضوع وبعد
اشكرك كثيرا على هدا الموصوع الدى فادنى كثيرا انا وغيرى واتكلم باسم زميلاتى اشكرك كثيرا نريد الكثيرا نتمنى لك مسيرة متفوقة فى هدا الميدان


2 - maroce
hajar lawejihe ( 2012 / 3 / 6 - 21:21 )
hada ata9erire fadani majmo3a mina alma3lomat achekoko sahibe anase katira achokre

اخر الافلام

.. فلسطيني يصنع المنظفات يدويا لتلبية احتياجات سكان رفح والنازح


.. ??مراسلة الجزيرة: آلاف الإسرائيليين يتظاهرون أمام وزارة الدف




.. -لتضامنهم مع غزة-.. كتابة عبارات شكر لطلاب الجامعات الأميركي


.. برنامج الأغذية العالمي: الشاحنات التي تدخل غزة ليست كافية




.. كاميرا العربية ترصد نقل قوارب المهاجرين غير الشرعيين عبر الق