الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نهب المال العام و الترددات الكبرى نحو الانتقال

محمد بن فاتح

2007 / 5 / 15
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


من مفارقات التاريخ -ولربما من مكره- ان مغرب الاستقلال. الذي حلم فيه المغاربة البسطاء بضمان الخبز والكرامة للجميع. استمرت فيه نفس العلاقة الاستغلالية . تلك التي رسمت معالمها ادارة الحماية الفرنسية. وهي تمتص دماء الوطن لتسمن جسد البلد الام فرنسا.. فالمغاربة الذين اعتلوا كراسي المسؤليات في الدولة بمختلف مرافقها. لم يستطيعو(او لم يرغبوا) في عدد كبير منهم التمييز بين الملك العمومي وامواله الثابتة والمنقولة وبين ملكيتهم الخاصة.. وكلما كبرت المسؤلية -للاسف- كلما تقوى هذا الاحساس وتضخم هذا التصور. تصور المسؤوليت الاداريةكبقرة حلوب لا باس ان " يمتص كل واحد منها حقه. وهكذا ظلت الاموال التي كان الاستعمار يهربها الى وطنه الام هي -تقريبا-ذات الاموال يهربها المسؤولون الى ابناك الغرب ومؤسساته المالية. في مغرب الاستقلال
وبالرغم من الاصلاحات التي طالت الادارة والجيش والسلطة في افق العصرنة لبناء "الدولة الحديثة" فان ثقافة "الحبة والبارود من دار القايد"ظلت هي المسيطرة على الذهنيات والعقول..ففي مخاض الصراع الصامت والعلني (بين الكتلة الطبقية الحاكمة وبين المعارضة ..) انتبه الراحل الحسن الثاني الى العلاقة الحميمية التي تجمع المال بالسياسة. وسمح باطلاق ايدي الفئات الاداريةالعليافي ثروة الوطن.حيث وصل التنافس بينهامداه.فاصبح النهب عنصرا ضمن العناصر البنيوية للادارة والسلطة.الى درجة اضحى معها العفيف عن مده يده لاموال الادارة "ساذجا" في اعراف وتقاليد هذه الفئات.ويتحول الى مغضوب عليه .عادة ما يكون مصيره التهميش والاقصاء في افضل الاحوال... وكلما كبرت تلك الفئاتالا وترسخ نفوذها وازداد اقتياتها من دماء ثروات الوطن ضراوة واصرارا.كلما اضحت اكثر شراسة وولاء في الدفاع عن النظام السياسي واستقراره-كبقرة حاوب- اما محاولات الاصلاح واحلام التغيير.وكما تنتشر النار في الهشيم انتقات عدوى النهب والهدر لتخترقى جسد الادارة من اعلاه الى اسفلهومن مراكزه الى هوامشه..ولحماية النهب باتت المسالة المالية من المواضيع المسكوت عنها .الغير قابلة لا للتداول ولا للمراقبة.. وحدها الاجهزة الامنية-على حد اعترافات العميل السابق في الكاب احمد البخاري-ظلت تحتفظ بالملفات لترفع واحد منها بين الفينة والاخرىمن اجل تصفية الحسابات او معاقبة وقمع متنطعين ما .ولم تسلمنخبنا السياسية والثقلفيةمن عدوى نهب المال العام .اذ الى جانب الاموال التي كانت تضخ في حسابات الاحزاب الموالية للنظام على عهد "الصدر الاعظم"ادريس البصري -خاصة-.كان غض الطزف عن القيادات والاطر داخل الاحزاب ولحظات تحملهم لمسؤوليات التدبير.علاوة على الهدايا والعلاوات السريو في الكواليس..ظلت هذه السلوكات نهجا وخيارا من خيارات السلطة.الى درجة ان السلطة لو ارادت تقليب المواجع-حسب بعض المهتمين -لدخل جزء عريض من النخب الادارية .السياسية والاقتصاديةالسجون.
ومع عهد محمد السادس و"حكومة التناوب التوافقي"تم فتح ملفات نهب المال العام وتبذير الثروة الوطنية..الشيء الدي اعاد بعض الامل لدى الراي العام المتعاطف مع العهد الجديدالذي تشارك في تدبيره احزاب الحرة الوطنية.فعرف المغرب متابعة مسؤولين وازنين في فضائر التبذير والفساد المالي.متل "القرض الفلاحي" "القرض العقاري والسياحي" والبنك الشعبي ...جراح عميقة ساد الاعتقاد لدى العديدين ان القضاء سيتكفل بلملمتها وايقاف نزيفها.غير ان التحقيقات وقفت -او اوقفتفي الحقيقة- في وسط الطريق وبداياته.فلجن التحقيق التحقيق التي انبثقت عن البرلمان .لمحدودية صلاحيتها من جهة .ولعدم استقلالية الحزاب الممثلة فيها من زاية ثانية كانت مؤشرا قويا على ان المبادرة مالها الفشل والاجهاض لسبب اغو اخر.. عدم استئناف ومتابعة معالجة قضية نهب المال العام راه البعض مسالة عادية في سياق استراتيجية الملك محمد السادس القاضية ب"التغيير ضمن الاستمرارية".وقراه البعض الاخر"تخوفا من ايقاظ الوحش"."الوحش" الذي كبر نفوذه وتغلغله في مختلف مواقع السلطة والنفوذ.ولعل ذلك ماجعل الملف يقفل لان رغبة الفاعلين السياسيين الوحيد الواضحة -كما اشار الباحث الطوزي- هي ان يجتنبوا ما لايرغبون فيه. واذا كان ضبط مجاري الصرف الصحي ممكنا .فانه من غير الممكنضبط مجاري مسالك المال العامفي ظل واقع سياسي لم يقطع مع تداخل المسؤوليات والمهام والصلاحيات.ولم يتحرر من المقدس كسياج يحمي مجتمع- مثل مجتمعنايعيش اقتصاد النذرة-ضد نهب وهذر وتبذير الثروة الوطنيةكما يحدث في القتصاد الاسودوفي ( الصناديق السوداء لمختلف الاجهزة الامنية والعسكرية..رخص اعالي البحار.. مقالع الرمال..غموض الصفقات المالية الرسمية..)والمحصلة -حسب هذه القراءة التي تقول بها مختلف مكونات اليسار المعارض-انه مادام المغرب لم يواجه تردداته الكبرى بجراة وشجاعة.للعبور نحو الحداثة السياسية وفي قلبها الديموقراطية التي تسمح بدخول المجتمع على خط المراقبة والمحاسبة للسياسات والمهام.فان المغرب سيظل يراوح مكانه .ومن يراوح مكانه في زمن العولمة يحكم على نفسه بالتقدم الى الوراء








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معركة رفح.. إسرائيل تتحدث عن خيارات بديلة لهزيمة حماس | #غرف


.. العلاقة بين الولايات المتحدة وإيران.. عقبات -لوجستية- و-سياس




.. قصص ومعاناة يرويها أهالي منطقتي خزاعة وعبسان الكبيرة بسبب تو


.. شهداء غزة من الأطفال يفوقون نظراءهم الذين قضوا في حروب العال




.. نتنياهو: قمت بكل ما في وسعي لإضعاف قوة حماس العسكرية وقضينا