الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جنة الشيطان

أحمد زكارنه

2007 / 5 / 16
القضية الفلسطينية


قديما قالوا " إن الدينار وسيلة للعيش والكلمة وسيلة للتعبير، ولكنهما يمكن أن يكونا وسيلة للقتل " .. فما يدور في رحاب أرضنا الذي وصفها الخالق ب" المباركة " من استغلال للوضع الاقتصادي المتردي جعل من الدينار فقط وسيلة للقتل دون العيش ، كما جعل من الكلمة أيضا وسيلة لتغييب الوعي دون التعبير ، في تلاق واضح وصريح لصالح ترسيخ صراع ايديولوجي معمد بالدم لا يخدم إلا المحتل، ما يجعلنا لا نفرق ما بين جنون البقر وجنون البشر في مشهد تراجيدي مضحك مرده الاساس هو أننا شعب يرزخ تحت نير الاحتلال ولا يتحكم فيه إلا عصابات المافيات من جهة والعصابات الحزبية من الجهة الاخرى .
والمفارقة أننا اندفعنا نحو تشكيل حكومة وحدة وطنية تم التوافق عليها بتوقيع اتفاق " مكة " لرص الصفوف وتوحيد الرايات والاهداف واعلاء صالح الوطن والمواطن فوق أي اعتبارات أخرى في وجه التصلب الاسرائيلي ، إلا أن الفشل الذريع الذي منيت به هذه الحكومة وضعنا في حالة شبيه بالمعدة المحرومة الجائعة التى فتحت شهيتها التوافقية أوسع من قدرتها الوطنية، فانتفخت ليصيبها المرض العضال المتمثل في عسر هضم الحروب الحزبية.
فليس ببعيد عن الذاكرة المراق على جانبيها الدم ، تدور الدوائر لنعود الى المربع الاول من كابوس الاقتتال الداخلي الذي تصورنا أننا في طريق التخلص منه بوحدتنا المنشودة ، ليتضح لنا أن وحدتنا باتت أشبه ما تكون بالحلم الهائج الذي يتخطى قدراتنا على الفعل ، والقدرة المبتورة التى لا تتخطى جرأتنا على البوح بما يعترينا من أمراض على المستوى الفكري والسياسي والاقتصادي ، ما يؤكد أن المسافة الفاصلة بين أوهام التفاؤل وتواضع التنفيذ هي ذاتها مسافة التناقض بين الحلم والكابوس.
وهاكم الحجة...حلمنا برص صفوف الوحدة فمنحونا حكومة محاصصة ماضية من فشل الى فشل وصولا الى مقايضة بدأت على المراكز العليا ولم تنته عند الوظائف الدنيا..وحلمنا برفع الحصار فجعلوا منا شعبا متسولا لا يحلم الا بالدولار..وناشدنا الديمقراطية فمارسوا علينا شيئا اقرب ما يكون الى الديكتاتورية المطبقة لثقافة القطيع في شريعة الغاب.
وتلك شواهد مرئية..هنا قتل وقصف وخطف واغتصاب، وهناك شعارات زائفة غارقة بالمتناقضات..والشماعة الدائمة اما الاحتلال واما ضيفنا القديم الجديد الفلتان، وكثير ما يوصف هذا الاخير بالمجهول وما هو بمجهول، ما يقطع الشك باليقين بانهم لا يريدون لنا الخير وربما لا يستطيعون وضع الحلول.
فإن سجال المشاريع التصفوية الدائر في غزة التي أصبحت بؤرة الخلاف الفصائلي المستمر إنما يرسخ شهوة الإنتقام والثأر في حرب ضروس في بلد مطحون في سياق صراع قذر على مناصب هلامية لقادة يتلاهون بمصائر البلاد والعباد بأياد مرتزقة لا تصوب السلاح إلا نحو صدور الاخوة والاشقاء.
ففي ظل إنتظار قرار ممنوع من الصرف ستستمر مفرمة اللحم البشري في الطحن، ما يؤكد أن الوضع مرشحا للعبور نحو التقوقع حول مجانية الموت، ما دمنا لم نزل نعتبر أمراء الحرب مكونا اساسيا من مكونات النظام السياسي الفلسطيني.
أيا أيها المجرمون الحالمون بالجنة .. اكتبوا أسفاركم بحروف الدم واحملوا تعاليمكم العصبوية لمن لا يفهم إلا مفاهيم الدمار عوضا عن مضامين الوطن ، ولا تقتربوا من قرأة الكتب السماوية، فقط تمسكوا وفسروا ورددوا كما شئتم ما جاء بسفر التكوين " بدون سفك دم لا تحصل المغفرة " فنحن لا نختلق الاكاذيب ولا نبشر
بالخراب ولكن فعل اياديكم لا يعدو إلا كونه فتنة عمياء في جنة الشيطان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح