الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوارية مع الشعور القومي وآخرين

محمد زكريا السقال

2007 / 5 / 16
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


حكمت المحكمة الجنائية بدمشق على الكاتب والباحث ميشيل كيلو، مؤسس لجان إحياء المجتمع المدني في سوريا، بالسجن ثلاث سنوات بتهمة إضعاف الشعور القومي.
عند سماعي للخبر تتناقله الفضائيات ووكالات الأنباء، قدرت ان هناك التباس بالاتهام،
ولكنه تأكد ونشر بكل الأحرف من الرقعي إلى الكوفي. وحيث اني أعرف ميشيل واعتزازه بهذا الشعور القومي، قلت لابد أن في الأمر خيانة، فنحن في أيام لا يأمن الأخ أخيه، ولا القلم صاحبه، ولا الحزب قائده، لذا عزمت أمري للوقوف على حقيقة هذا الشعور القومي الذي لايعرف الخبز والملح، ولا القيم والمبادئ.
أسرعت لهزيمة 1967 وجئت بحزيران شاهداً، وسألتهما عن دور ميشيل بهذه الهزيمة فنفت الهزيمة وقالت: أشهد بالله أنه قام بدوره، وكتب عن الذين باعوني خطباً ورموني عظما مفحماً، وهذا حزيران اسأله...اسأل الجولان كم بكاه ميشيل، ياسيدي اسأل الياس مرقص، وكيف أنهما معا عريا خالد بكداش لأنه لم يطرح فلسطين كقضية عربية، ولم يناضل من أجلها، وفضل ميشيل ومن معه، الانشقاق وعدم التلطي والتصييف بموسكو وكييف وكل المدن الاشتراكية من أجلي.
فتركت ال 67 وذهبت الى 1970 وأيلول الأسود وقلت له اريد شهادة لله والتاريخ عن دور هذا الميشيل بكل المذابح التي حصلت للفلسطينيين والتخلي عنهم، فبكى أيلول وغض طرفه وقال: ياريت ردوا على ميشيل كان يمكن صار في دولة وعاصمتها القدس الشرقية والغربية.
انطلقت إلى تشرين، وقلت له : اسمع وله... أنا بعرف إنك مزاود وبتلعلع كثير عالفاضي، بس بدي أعرف دور ميشيل بهالحرب ,, التحريرية ,, قال : لقد بكى عندما أدرك انه من بعدها سوف يزج بكل قومي بالسجن، وكل ثوري سوف تقطع يده ولسانه، وكل قلم سوف يصمت أو يغني موال بتشرين وآذار.
رحت للمقاومة الفلسطينية وسألتها وحلفتها بالشهداء كمال ناصر وأبو يوسف، وكمال عدوان، وأبو علي وكل الطيبين، فقدموا شهادة عالية عن ميشيل ودوره المشرف والقومي بها.
قلت: غريبة شو هالشعور القومي الذي أضعفه ميشيل.
فسألت الاجتياح 1982، وخروج المقاومة، والطائف وحرب الخليج، وأوسلو، ووايت ريفرز، وحصار العراق، ومن ثم اجتياحه وسقوط بغداد، وكلهم أكدوا أن ميشيل يحمل قلمه كعلم ويرفعه من أجل الشعور القومي والحس القومي، لدرجة شعرت ان ميشيل من مؤسسيي الحركة القومية العربية، ولايقل عن ساطع الحصري والأرسوزي إلى جورج حبش والهندي والكبيسي وعبد الناصر.
- العمى شو هالشعور القومي هذا!...اللي مابيحس كيف ضحك عليه ميشيل وخللاه يضعف، وتهزل عضلاته، ويقف على الأطلال هاربا.
لم أدع الأمور هكذا يجب مقابلته، وتعنيفه، وشد أذنه كمان، كيف بيتخلى عن أبنائه وأصدقائه وأحبائه، ورحت أتلطى له بكل الزوايا المظلمة في هذا الوطن العربي، أيام وأنا أبحث عن هذا الشعور القومي ولا أجد له أثراً لدرجة إنني قدرت إنه هارب متخفي وقلت بسري والله يمكن ميشيل فعلها ومو بس أضعفه، بل قد يكون طفشه، وقبل أن ينفذ صبري وادع هذه المهمة، جاءني هامس يهمس بأذني ويقول : ان الشعور القومي ضعيف ومنعزل ببيوت الفقراء، وحارات المظلومين وإنه يحتضر ويريد أن يوصي. أسرعت فالقصة صحيحة والشعور القومي ضعيف وممكن يموت، يجب إدراكه وأخذ إفادته فالجماهير الغفورة لن تغفر للذي أضعف شعورها وسحقه وألغاه.
دخلت مسرعا على شيخنا الجليل الشعور القومي، كان بحالة لا تسر يتنفس بصعوبة ولا يقوى على الحراك. أسندت رأسه بيدي ورحت أمسد رأسه وأمسح دموعه وأعتذر وأتوعد ميشيل ومن لف لفه بالعقاب المناسب. تلفت الشيخ إلي وقال: يا ولدي لا تظلم ميشيل هذا الصديق الذي لازمني كثيراً وواساني وطيب خاطري. يا ولدي ان ميشيل ومنذ 1967 وهو يرسل لي الرسائل ويطمئنني، ويعدني بالكثير. لولا ميشيل وأصدقائه كنت مت من زمن بعيد، هوالذي فتش علي بكل السجون والزنازين، وتواصل معي ودب في الأمل والحياة، ليته تركني أموت، أموت غما ونكدا أفضل بكثير من هذه الأيام الصعبة.
- وهل كنت معتقلاً ياسيدي؟
- نعم يا ولدي لقد كان لي زنزانة وقبو بكل سجن عربي، أُحكمت عليَّ الأبواب وأوصدت ولكن ميشيل وأصدقائه كان يجدون دائما وسيلة للاتصال بي ومتابعة أمراضي وهمومي.
- سجين ! غريب... وكيف؟ ولمن هذه الأصوات التي تأتي للقصر وتصرخ وتهتف للعروبة وفلسطين والوحدة. رجال يلبسون الياقات والبدلات، محامون، كتاب، مفكرون، كانوا يهتفون بالقصر للرئيس، وهو يعدهم بالمقاومة والتحرير والسيادة.
- لا ياولدي، هذا لست أنا، لقد زيفوني، زوروا شخصيتي، صوتي، أيعقل أن أبني الوحدة من القصور، الوحدة تبنى من الحدود التي يجب أن تلغى، ومن الأرض التي يجب أن تحرر.
قلت: ماذا عن المؤتمرات القومية واللقاءات الفضائية وعدد الأسماء اللامعة في حمل شهادة القومية العربية والمتحدثين باسمها
قال :" ياولدي لا أريد أن اظلم احداً ولكن ثق بأن النضال لا يمكن ان يكون إلا بالمناضلين ولا يحرر الأرض إلا الأحرار. لا يمكن للعبيد أن يحرروا إن لم يتحرروا هم أنفسهم. كل الطغاة لديهم هذا الشعور بالقوة وعلى الانسان أن لا يرمي البذور الطيبة في الأرض الغبسة.
قلت : يا والدي، أيها الطيب، قم معي الآن لتقدم شهادتك عن ميشيل كيلو وأصدقائه ورفاقه.
- لا ياولدي ميشيل ليس بحاجة لشهادة....ميشيل بحاجة لعدالة، وهذه أبحث عنها أنا أيضا منذ زمن طويل.......
انسللت من عنده وإنا خجل من كل شئ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات في جامعات عراقية للمطالبة بوقف الحرب في غزة


.. مشاهد من لحظة وصول الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى قصر الإليزيه




.. فيضانات وسيول مدمّرة تضرب البرازيل • فرانس 24 / FRANCE 24


.. طبول المعركة تُقرع في رفح.. الجيش الإسرائيلي يُجلي السكان من




.. كيف تبدو زيارة وليام بيرنزهذه المرة إلى تل أبيب في ظل الضغوط