الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجريمة الكبري والخسارة الفادحة، مسؤولية التوعية ضد التطرف ودعاته

عزيز الحاج

2003 / 9 / 4
اخر الاخبار, المقالات والبيانات



الزمان، 3/9/2003
إنها حقا لجريمة عظمي في النجف الشريف. وإنها لخسارة فادحة جدا للعراق أجمع باغتيال الشخصية السياسية والدينية البارزة
آية الله السيد محمد باقر الحكيم، فقيد الشيعة وكل الشعب العراقي، والعالم الإسلامي.
لقد كان الشهيد السيد الحكيم مناضلا كبيرا من أجل الحق والعدالة، ورمزا من رموز الاعتدال الديني والسياسي، وقدم وعائلته ضحايا غالية علي أيدي القتلة الصداميين، الذين لهم الضلع الكبير في الجريمة الجديدة التي تأتي بعد كارثة تفجير مكاتب الأمم المتحدة في بغداد.
إن هدف القتلة الحاقدين، ذوي الأيدي القذرة الملطخة بالدم، هو تعطيل تقدم العراق إلي أمام نحو عهد جديد من الحرية والتسامح والديمقراطية
واسترجاع الثروات الوطنية التي كان صدام المجرم وعائلته وبقية شركائه ينهبونها.
وكان فقيدنا الحكيم معلما من المعالم النضالية والفكرية العراقية في الطريق نحو العراق الجديد. ولكن الحاقدين علي المسيرة العراقية الجديدة بعد السقوط المدوي للطاغية، من فلول المجرم الاكبر وحلفائه الجدد من الإرهابيين العرب، وكذلك دوائر عديدة في الجوار، ولا سيما إيران (الساعية لاحتكار المرجعية الشيعية)، تعمل بجنون وبشبه اتفاق ضمني وعملي علي تخريب المساعي العراقية الخيرة، وتحويل العراق إلي صومال ورواندا جديدتين مغرقتين بالدم المسفوح كالأنهار. فالصداميون يحلمون بعودة الطاغية ونظامه؛ والإرهابيون العرب المتطرفون، الرافعون زورا ونفاقا لراية الدين، يحلمون بهزيمة أمريكا في أرض العراق وبناء (الجمهورية الإسلامية الكبري) انطلاقا من بغداد، وضباط المخابرات الإيرانية المتسللون، ومن يشايعونهم من بين شيعة العراق من ذوي الميول المتطرفة، يسعون لقيـــام دولة (ولاية الفقيه)، وكذلك بأمل إنهاك أمريكا في العراق لتصرف النظر عن برنامج السلاح النـــــووي الإيراني. وتري هل من الصدف أن تتوجه كل أسبوع الحافلات الحاشدة بالمتطرفين الوهابيين الذين يعتبرون الشيعة كفارا، والصداميين المخابراتيين وفلول (الفدائيين) القتلة، للصلاة كل جمعة في مسجد الكوفة وراء قائد (جيش المهدي)؟!!
لقد أعلن الصداميون وحلفاؤهم المؤقتون المختفون وراء شتي المسميات، أن من أهدافهم قتل جميع أعضاء المجلس الانتقالي وكل من (يتعاون) مع التحالف، وراحت فضائيات خليجية لا تتورع عن بث تلك الإعلانات والرسائل والأشرطة المفخخة، الداعية للقتل والدمار.

ضربة للآمال
إن الاغتيال الدنيء لآية الله السيد محمد باقر الحكيم، رحمه الله، هو ضربة كبيرة لمجلس الحكم، وللولايات المتحدة ولآمال الأكثرية من الشعب العراقي. وثمة أخطاء كبري اقترفتها الخطة الأمريكية قبل الحرب وبعدها، وكان حل الجيش فجأة خطأ فادحا بدلا من التطهير المتدرج والتهيئة المسبقة. وأما المجلس الموقر فانشغل بالحصص وبالسفر والإجازات، بدلا من التشكيل الفوري منذ تشكيله للحكومة العراقية لتتولي الأمور لا سيما الأمن. وانصاع المجلس لاعتبارات دبلوماسية كلفته الوقت الثمين بدلا من عقد الاجتماعات المستمرة في بغداد نفسها لمعالجة مشاكل البلد الساخنة. وقد ترك حل الجيش وجهاز الشرطة حدودنا الواسعة بلا حراسة، مما مكن من تسلل إرهابيي الخليج واليمن وسوريا والسودان، وضباط المخابرات الإيرانية وغيرهم، سواء بتساهل او بتواطؤ من بعض الحكومات المرعوبة من أفق نجاح التجربة الديمقراطية في العراق والتي لا تريد الاستقرار للعراق. ولا ننسي دهاقنة الجريمة المنظمة الذين أطلق الطاغية سراحهم من السجون، وزعماء المافيات من إيران ودبي وغيرهما، من محترفي التهريب وخطف الأطفال والنساء، واستيراد المخدرات ،الخ.

ثقافة العنف
غير أن من المشاكل الكبري والخطيرة أيضا تزعزع وتشوه الكثير من عناصر الشخصية العراقية نتيجة سنوات الحكم الصدامي، وانتشار ثقافة العنف، وميول الانتهازية المصلحية، والجهل المزمن الذي يجعل من مواطنين كثيرين ضحايا سهلة للتطرف الديني والمذهبي ولجميع أنواع الإشاعات وغسل الدماغ بمواد فضائيات الجزيرة والعربية. ولا تزال دكاكين هذه المنابر الإرهابية مفتوحة في بغداد ويسرح مراسلوها ويمرحون بلا أي احترام للقانون وللقيم الإنسانية والضوابط الأخلاقية. ومع أن أكثرية العراقيين هي من الصامتين الفرحين بتغيير النظام علي الرغم من الشكاوي اليومية المشروعة، فإن المتطرفين والغوغائيين والمجرمين يمارسون علي هذه الأكثرية أنواع التخويف والابتزاز والتضليل، ويثيرون الفتن في شوارع العديد من المدن العراقية.
لا شك في أن جريمة مقتل الفقيد الكبير ستضع التحالف ومجلس الحكم في حيرة وارتباك مؤقتين. ولعل القضية الأولي تشكيل مجلس الوزراء فورا بلا حساسيات وحسابات مذهبية وقومية، وتخويل المجلس صلاحيات أكبر والإسراع بزيادة عدد الشرطة العراقية وترغيبهم وزيادة تسلحهم ورفض التحفظات علي هذا أو ذاك لمجرد أنه كان بعثيا ولكن دون اقتراف جرائم. وكذلك دعوة الجنود المسرحين للالتحاق بالجيش الذي يجري تشكيله بعدد كاف، وضمان الوظائف لمن تبقوا، ولا أري أية حاجة لقوات أجنبية أخري،غير قوات التحالف، أو عند الضرورة إرسال قوات أمريكية جديدة خاصة بالأمن وخبيرة بالإرهاب. إن العراقيين هم الأقدر علي حفظ أمنهم وحدودهم، بالتعاون مع التحالف، بشرط تزويدهم بالسلاح والإمكانيات الكافية. ونحن في حاجة لقوات التحالف في هذه الظروف ولكن علي إدارة بريمر زيادة صلاحيات المجلس العراقي والتنسيق المستمر معه في عمليات المطاردة والمداهمات في تعقب عصابات الإجرام الصدامية وحلفائهم وعصابات الاجرام المنظم والمافيات القوية وفي بغداد خاصة. وعلي الكونغرس الأمريكي وإدارة بوش تخصيص موارد مالية إضافية لتحسين وتصليح الخدمات العامة وبسرعة، وتحسين الوضع المعيشي للعراقيين، وضمان رواتب الموظفين والمتقاعدين بلا انقطاع.

جريمة ضد الشعب
إن الجريمة النكراء الجديدة موجهة ضد الشعب العراقي كله وليس الشيعة وحدهم، وهي تحد صارخ لروح الدين. وإن الاغتيال الدنيء للشهيد السيد الحكيم خسارة كبري لنا جميعا نحن العراقيين داخل العراق وخارجه. ولابد أن يستخلص المجلس والتحالف دروسا عملية وصائبة وسريعة من الكارثة. وأري، وعدا زيادة الإجراءات الأمنية الحازمة لحماية شخصيات المجلس والقيادات الحزبية ومقراتها والمواقع العراقية الحساسة، أن تأخذ النخب الشيعية من سياسية ودينية بالاهتمام فرضية ضلوع متطرفين من الشيعة بالتواطؤ مع الإرهابيين العرب والصداميين. وكان المرجع الشيعي الأعلي السيد السيستاني قد أعلن منذ شهرين أو أكثر أن أعوان النظام راحوا يلبسون العمائم، ويدّعون انتسابهم للحوزة. صحيح أن هناك اتفاقا شيعيا ـ شيعيا ضمنيا علي عدم كشف الخلافات والمنافسات والصراعات علي النفوذ والمرجعية، ولكن اغتيال الشهيد محمد باقر الحكيم يجب أن يجعل النخب والمراجع الشيعية المعتدلة أن تراجع الموقف الخطير، وأن تحقق وتدقق، فإذا تم اكتشاف ضلوع بعض المتطرفين الشيعة في الجريمة، فيجب مد أصابع الاتهام علنا لكل مجرم، وتوعية الناس ضد التطرف المذهبي ودعاته. إن هاجس الفتنة وحده لا يكفي، فلابد في الأوضاع والأزمات الحدية من إعادة التقييم والموقف، حرصا علي أرواح أعيان الشيعة والعراق من مختلف شخصيات البلد الأخيار، ومن مختلف الأديان والقوميات.

استئصال تراث صدام
رحمة الله علي الشهيد الكبير السيد محمد باقر الحكيم، وتعازيّ الحارة لعائلته وحزبه والحوزة العلمية وللمجلس الانتقالي ولجميع العراقيين الحريصين علي استئصال تراث صدام الدموي وإعادة بناء العراق الجديد من عرب وأكراد وتركمان وآشوريين ومن مسلمين من المذهبين ومسيحيين وصابئة وغيرهم.
تحية إكبار لذكري الشهيد الغالي، وليخسأ المجرمون القتلة. ولسوف يرفع العراق راية الديمقراطية والتسامح والتعايش رغم جميع أعداء شعبنا المسعورين. ولنثق بأن مجلس الحكم سوف يثبت قدرته علي قيادة البلد في المرحلة الانتقالية الصعبة نحو الدستور الديمقراطي العلماني ونحو الحكومة المنتخبة والبرلمان الحر، ونحو الإنهاء السلمي للوجود العسكري الأجنبي.

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ستارمر يتولى رئاسة وزراء بريطاينا بعد 14 عاما من حكم المحافظ


.. اشتعال النيران في منزل بكريات شمونة شمال إسرائيل إثر سقوط صو




.. ما دلالات تقدم المرشح الإصلاحي بزشكيان على منافسه المحافظ جل


.. هل يرغب نتيناهو بالتوصل لاتفاق بشأن وقف الحرب على غزة؟




.. ما الضغوط التي تمارسها أمريكا لدفع إسرائيل لقبول الصفقة؟