الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السفر في أغوار بغداد

رحاب حسين الصائغ

2007 / 5 / 19
الادب والفن


عالج الشاعر هذهِ القصيدة أثناء وجودهِ في" باريس" عام 1948
يحتضنُ بغداد من خصر لياليها وقد ملأت النشوى رأسه يصف عطرها وعبيرها وشِعْرُها في " قصيدة( شهرزاد) إلى أن يجد نفسهُ محصوراً بين شرودهِ والهيام فيرتدُ مطالباً الدجى والنجوم والصباح والغدير والعيون، آخذاً في فك العقد المحبوك حولَ عنقَهُ، فتتهادى شهرزاد في خيلاء الدُّجى نحو حلم رائع لذيذ تذكرهُ:
(( في غديرٍ مرقرقٍ ضحضاح بين عينيكِ نهبهُ للرياح
وغياضُ المروجِ أهدتكِ طلا إنّ هذا الطير البليلُ الجناح))
* * * *
ويعود في قصيدة" شهرزاد" بين الفنية والأخرى للأخذ من الشفاه وجمرها، والحسان وعبثهنّ، والعيون ولمعانها، والنهود الكواعب ودلالها،والوجوه الغافية عليها مساحيق الليالى الثقيلة، أما شهرزاد مقياسُ الجمال عند الجواهري في ذلك المقهى(( رشفة مجّ عطرها وتولى)) في باريس يقف الجواهري عند التناسق بين المرأة في الشرق والغرب.
وشهرزاد بغداد يغلب عليها الإيقاع العربي بثقة خالية من التعقيد، إنها نحمل وجه المرأة المحسوس أما هنا في باريس فتعليل الظواهر له دالة مختلفة عن المرأة. وشهرزاد العراق مفعمة بالحنين والحنان وتعكس الأمل بخفة الصباح:
(( وتملأ النفس الفضاء عبيرا ))
***
(( والليالي في ((شهرزاد)) تصيح
هنا هنا يطيب الصبوح
حلم رائع وطيف لذيذ
بهما اليوم من غدٍ يستعيذ)).

انه يتعوذ من هذ التخلف المشبوهة باسم الحضارة الباريسية، والمخنوقة تحت وطأة التأطير بما لا يشبه التسمية، فيحزن من أجل بغداد ويقذف حالة التصعلك عند شهرزاد الغرب قائلاً: ((الأباريق نال منها النزيف – غير إنّا- وربُ صفوٍ يخيف
ملك الذعر نفسنا والفؤادا
ونسينا حتى المنى والمرادا
وأبحنا للعاطفات القيادا
أترى أنّ هذهِ (( شهرزادا ))
ذكّرتنا أحلامها(( ببغدادا))
يحمد الله أنّ حالة التناقض هذه لا تعرف طريقها في بلدهِ والمرأة مصانة وذوقها يتجلى بقناعة طرفها العفيف وكبرياؤها السامي. فيدعو أن لا ينزل بها مكروه فهو يحب عراقهِ من خلالها هي جدود عيوبه وسجادة روحه وقوام عقله، ما لهؤلاء القوم ينفشونة رقة المرأة هنا ويلبسوها أسلاك الشوك ويقولون أعطيناها الحرية وهم يستعبدونها واصفاً الموقف:
(( تتثنى على الكؤوس دلالا
كل عطفٍ لولا الحياء لسالا
سوف تنهدُّ بعد حينٍ كلالا
حين تستامها الحياة النضالا
وتنهار مشاهد الجمال، تدهشهُ إختلاطات الجانب المعتم عند المرأة في الغرب ويجدهم:
(( يستعيدون من صدى الاجيال وحفيف الاحراش والادغال))..
يضحك في خفوت فهو الرجل المبثوثة في نفسه الطباع الصلبة راضعاً من حقل العقول الرابية مستظلاً الأغصان الطيبة لا تجزعهُ هذهِ النفوس، مع أنّهُ شغوف بالأنثى، وذلك معروف عنه عاشق للجمال، لكنهُ لا يهوى النفوس الوضيعة كما يتهم، وما أجده من خلال قصائدهِ أنه يتسامى في إعجابه بحسن إبداع الخالق في هذه المخلوقة" المرأة".


واجلاله للمرأة يصل به درجة أنه لا يجد أيّ وصف، لأنَّ لا يتسامة مع ما تحمله من معاني الجمال، تحزنه" شهرزاد " المقهى/ وتسعدهُ شهرزاد بغداد، ينقشُ قضبان قصائدهِ، ويبني جدرانهُ العالية من كبريائها ويشيد قلاع قصائدهِ من خصلات شعرها وثغرها حائماً حول صلابتها، وتطربهُ ليونتها لا يجدها إلاَّ عالية ناسخة عذاباتهِ بطَرفِ عينيها وكمالها.
الجواهري أعطى للمرأة العراقية مكانة تليق بها وبقي مغرم بها مع أنّهُ نظم العديد من القصائد الوطنية ولم ينسى أنّ هناك جانب في الحياة يستحق مثل الوطن الاهتمام والانصياع لخلجاتهِ العذبة بدون مجاملة أو إطراء.
من كان قريباً من الجواهري ومن قرأ له يفهم حقاً ماذا تعني له المرأة وما تشكل عندهُ من مساحة، فهي الأم والحبيبة والطيبة والصدق والسِّرْ والفرح.. الجواهري ترك الكثير من القصائد في هذا الجانب(المرأة).
المصدر: ديوان الجواهري ج 3 / ص 353 / الجمهورية العراقية وزارة الاعلام/ مديرية الثقافة العامة/ ديوان الشعر العربي الحديث/ مطبعة الاديب البغدادية.
جمعه وحققه وأشرف على طبعه: -
1- الدكتور أبراهيم السامرائي
2- الدكتور مهدي المخزومي
3- الدكتور علي جواد الطاهر
4- رشيد بكتاش








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاعلكم الحلقة كاملة | حملة هاريس: انتخبونا ولو في السر و فن


.. -أركسترا مزيكا-: احتفاء متجدد بالموسيقى العربية في أوروبا… •




.. هيفاء حسين لـ «الأيام»: فخورة بالتطور الكبير في مهرجان البحر


.. عوام في بحر الكلام | مع جمال بخيت - الشاعر حسن أبو عتمان | ا




.. الرئيس السيسي يشاهد فيلم قصير خلال الجلسة الافتتاحية للمنتدى