الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عصر الإساءة إلى الديانات السماوية

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2007 / 5 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


إذا كانت الديانة السماوية تدعو إلى التعايش السلمى وتسعى إلى نشر الأمن والسلام بين الناس فلماذا يستغلها البعض كأداة لنشر الكراهية والبغضاء؟ فالمؤمن حقا بديانته لا يقبل التعرض للديانات السماوية ولا يرحب بتوجيه الإهانات لرموز هذه الأديان. وليس من الصواب أن يضيع الوقت فى إثبات فساد تلك الديانات التى لا نعتنقها لأن مثل هذه المحاولات لا نجنى منها سوى الغضب والاحتقان ولن يدفع فاتورتها سوى الوطن. يتعين على المواطن أن يتعلم احترام الديانات الأخرى ولا يتعرض لها بالتجريح والسباب ولا أعتقد أن النبش فى قبور العصور الماضية بحثا عن نقيصة هنا أو هناك سيعلى من قدر هذه الديانة ويحط من شأن الأخرى.

من المعروف أن المسلمين لا يقبلون أى انتقاد يوجه لدينهم أو لرموز معتقداتهم. لقد هب المسلمون فى كل ربوع العالم الإسلامي عندما نطق بابا الفاتيكان بعبارات مقتبسة من كتب العصور الوسطى تتضمن إساءة للرسول الكريم ولم يقبل المسلمون الإساءة التى وردت فى فيلم (الخضوع) للمخرج الهولندى ثيو فان جوخ. وهذا الفيلم يتناول تجربة أربعة نساء مسلمات مع التعذيب والاضطهاد فى مجتمعات إسلامية وعرض المخرج آيات قرآنية مدونة على أبدان نساء عاريات مما أثار حفيظة أئمة المساجد فى هولندا وانتهى الأمر بمقتل المخرج فى 2 نوفمبر 2004م فى العاصمة أمستردام على يد أحد المسلمين هو محمد بويرى، وكذلك صب المسلمون فى هولندا جام غضبهم على هيرسى على المواطنة الهولندية من أصل صومالى عندما ارتدت عن الإسلام فى عام 2002م وأصدرت كتابا بعنوان (الكافرة) تنتقد فيه الديانة الإسلامية وتتهمها بالتعصب ضد النساء وكادت الكاتبة أن تلقى مصير المخرج لولا أنها هاجرت إلى أمريكا. كما لا يتحمل بعض المسلمين الأصوليين أى اتهام أو انتقاد يوجه إلى عصر الخلافة. فالدكتور فرج فودة فى كتابه (الحقيقة الغائبة) يذهب إلى أن الخلافة الإسلامية لم تكن لها صلة بالإسلام إلا فى ومضات خاطفة تمثلت فى عهد عمر بن الخطاب وانتهت علاقتها بالإسلام بعد عثمان بن عفان وعلى بن أبى طالب. واستعرض فرج فودة التصرفات المشينة التى شابت العصر الأموى والعصر العباسى وبالرغم من أن فودة استقى هذه المعلومات من أمهات الكتب والمراجع التى لا يختلف عليها اثنان إلا أن الجماعات المتطرفة لم تتحمل هذا النقد واغتالته نهارا جهارا فى يونيو عام 1992م. ولو افترضنا جدلا أن الحكام فى العصر التالى للخلافة الراشدة تقاعسوا عن التمسك بتعاليم الدين وأتوا بأفعال تتناقض مع قيم الإسلام فإن ذلك لا يعطينا الحق فى استنتاجات خاطئة تلصق النقيصة بالدين الإسلامى.

وفى المقابل فإذا كنا لا نقبل أن يتعرض كائن ما كان لمعتقداتنا ورموزنا الإسلامية فالأحرى أن نلتمس العذر لمن يرفض المساس بمعتقداته بصرف النظر عن مواقفنا تجاه هذه المعتقدات بل يتطلب الأمر أن ندين أية اعتداءات على الديانات السماوية. فمنذ قترة وجيزة ثار الأخوة الأقباط عندما اصدر الدكتور محمد عمارة كتابا عنوانه "فتنة التكفير" حيث يفتى الكاتب بتكفير الأقباط ويحرض على قتلهم واستحلال دمهم وأموالهم وأعراضهم ولم تهدأ الأمور إلا بعد أن اعتذر الكاتب عن العبارات التى تتضمن الإساءة والإهانة وأعلن أن ما أثار ثائرة الأقباط يتلخص فى كلمتين فقط وهما "إباحة الدماء" اقتبسهما دون تدقيق من كتاب للغزالي اسمه "فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة". وشهدت الأيام القليلة الماضية موجة احتجاجات بشأن ما ورد فى كتاب بعنوان (الفلسفة المسيحية فى العصور الوسطى) أصدره أستاذ بجامعة إقليمية وقرره على طلاب الجامعة وينتقد فيه وضع الأديرة التى كان يمارس فيها الرهبان أعمالا غير أخلاقية. ولو افترضنا جدلا أن هؤلاء الرهبان مارسوا هذه الأعمال فى تلك الفترة فإن ذلك لا يعنى أن الديانة المسيحية تقر هذه الأفعال بل من المؤكد أن لوائح الكنيسة تتضمن عقوبات رادعة للرهبان الذين يأتون بأعمال مخالفة للتعاليم الدينية. ومن نافلة القول إن مخالفة رجل دين لتعاليم دينه وإتيانه بأفعال مشينه وغير أخلاقية وارد فى كل الثقافات والأديان مما يتعين علينا توخى الحرص وعدم التسرع فى إصدار أحكام عامة تسئ إلى الأديان.

وخلاصة القول فإن وقف هذه الممارسات التى تمس الديانات السماوية يقع على عاتق المجتمعات المحلية والدولية، فعلى المستوى المحلى فإن هذه المسئولية تمتد لسائر مؤسسات الدولة التى تختص بأمور التعليم والدين والإعلام. أما على المستوى الدولى فان الأمر يتطلب التدخل الفورى لوقف الإهانات التى تصوب تجاه ديانات ومعتقدات الشعوب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد سنوات من القطيعة.. اجتماع سوري تركي مرتقب في بغداد| #غرف


.. إيران تهدد بتدمير إسرائيل.. وتل أبيب تتوعد طهران بسلاح -يوم




.. وفاة طفل متأثرا بسوء التغذية ووصوله إلى مستشفى شهداء الأقصى


.. مدرسة متنقلة في غزة.. مبادرة لمقاومة الاحتلال عبر التعلم




.. شهداء وجرحى بينهم أطفال في استهداف الاحتلال مجموعة من المواط