الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخابات التشريعية ل2007...واجترار السيناريو السياسي بالمغرب

أحمد الخنبوبي

2007 / 5 / 19
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


تنقسم أشكال الانتخابات التي عادة ما ترتبط بالأحوال السائدة داخل كل دولة إلى الانتخاب الأحادي الاسمي (أي المرشح الوحيد) والانتخاب بالقائمة (أي لوائح تضم عدة مرشحين)، وهكذا ففي إطار الانتخاب الأحادي الاسمي يصوت الناخبون على مرشح واحد، إذ غالبا ما تطغى في هذا النمط شخصية المرشح على الحزب أو البرنامج ويكون التنافس بين الأشخاص لا بين المشاريع والأفكار، أما نظام الانتخاب بالقائمة فهو عكس الأول حيث يصوت الناخبون على لائحة تضم مجموعة من المرشحين، وفي هذا النمط يطغى الانتماء الحزبي للمرشحين على شخصياتهم، كما يمكن تقسيم أنماط الاقتراع إلى الاقتراع بالأغلبية أو التمثيل النسبي.

وبتسليط الضوء على المغرب، يطرح سؤال أي نمط اقتراع يلائم طبيعة المنظومة المغربية باعتبار المغرب دولة تنتمي إلى العالم الثالث، وباعتبار هامش الممارسة السياسية ما يزال هشا، إضافة إلى انتشار الأمية وغياب الوعي السياسي لدى غالبية المواطنين زد على ذلك سيادة العلاقات الاجتماعية التقليدية داخل الدولة.

إن الانتخاب الأحادي الاسمي سيكرس مما لا شك فيه بنية المجتمع التقليدي، وسيزكي تغلغل اللوبيات الاقتصادية و" وجهاء " المناطق و الجهات بالرغم من افتقارهم لأهلية التمثيل السياسي، وهو ما حصل منذ استقلال المغرب إلى انتخابات 2002، حيث ظل النظام الانتخابي المعمول به هو الاقتراع الأحادي الاسمي، وبالتالي فإن الأنسب ولو جزئيا هو الاقتراع باللائحة مع التمثيل النسبي بتطبيق قاعدة توزيع البقايا على الصعيد الوطني لأن نظام اللائحة سيجعل الناخبين ينظرون ولو نسبيا إلى الحزب والبرنامج السياسي، وإلى مجموعة المرشحين رغم أن الانتخابات التشريعية الماضية برهنت أنه يتم التركيز على المرشح الذي يوجد على رأس اللائحة. إن قاعدة توزيع البقايا على الصعيد الوطني ستعطي بعض الحظوظ للأحزاب الصغيرة والحديثة النشأة مما سيكسر حاجز العتبة الذي حاولت الأحزاب السياسية المستفيدة من الوضع السياسي الحالي تطبيقه، لتجدد احتكارها لآليات العمل السياسي والتشريعي.

من الظاهر أن نمط الاقتراع لن يؤثر بشكل حاسم في المشاركة السياسية والانتخابية للمغاربة في انتخابات 2007 لأن نسبة المقاطعة في الانتخابات التشريعية الماضية وصلت في بعض المناطق إلى أزيد من 70% . وهذه نسبة تعكس نفور المغاربة من الانتخابات ومن العمل السياسي بصفة عامة الشيء الذي يعود بالأساس إلى غياب دستور ديموقراطي يزكي فصلا حقيقيا للسلط ويعطي صلاحيات أوسع للبرلمان والحكومة ويحد من سلطات الوصاية. إن المشاركة في انتخابات 2007 لن تختلف حسب المعطيات المتوفرة على نظيرتها في انتخابات 2002 لأن لا شيء تغير في المغرب منذ ذلك التاريخ إلى اليوم زد على ذلك تعيين تقنوقراطي على رأس الوزارة الأولى مما يفقد الانتخابات التشريعية شرعيتها.

إن ما يتنبأ به المحللون في انتخابات 2007 هو ما يحصل غداة كل انتخابات تشريعية بالمغرب حيث يظهر حزب سياسي جديد يتمكن في وقت قياسي من اختراق الساحة السياسية، والاقتراب من الأغلبية البرلمانية هذه الأحزاب غالبا ما تكون مدفوعة من القصر لتحقيق التوازنات المطلوبة فقد شهدت انتخابات 1963 ميلاد جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية الذي اكتسحت الانتخابات بـ 77 مقعدا من أصل 144، وهو ما حدث كذلك مع حزب التجمع الوطني للأحرار الذي يرأسه أحمد عصمان صديق وصهر الحسن الثاني، وكذلك سنة 1984 مع حزب الاتحاد الدستوري وكذا في انتخابات 1997 حيث حصلت الحركة الديموقراطية الاجتماعية التي يقودها محمود عرشان المسؤول الأمني السابق والمقرب من القصر، على 39 مقعدا وهو ما حصل عليه حزب الاستقلال تقريبا الذي يعتبر نفسه أقدم حزب سياسي بالمغرب، أما في انتخابات 2002 فحصل حزب العدالة والتنمية الذي كان اسمه الحركة الدستورية التي يرأسها عبد الكريم الخطيب أحد الشخصيات المقربة من القصر منذ فترة محمد الخامس على المركز الثالث رغم حداثة تأسيس الحزب وهذا السيناريو سيحصل مما لا شك فيه في انتخابات 2007 مع الحزب العمالي الذي يرأسه عبد الكريم بنعتيق الذي سبق أن كان وزيرا وهو أحد المقربين من ملك البلاد، ويسانده في ذلك ما يسمى بجمعية "داب 2007" التي يرأسها شخص يدعى نور الدين عيوش صرح لإحدى الجرائد أن له علاقات شخصية مع الملك، وأن الجمعية سترصد مبالغ ضخمة للدعاية الانتخابية وهو ما يعتبر سابقة غريبة في تاريخ الانتخابات في العالم.

يبدوا أن الانتخابات بالمغرب كما يراها البعض مسرحية سياسية مدروسة توزع فيها الأدوار بإحكام، وهذا ما أكده الوزير الأول إدريس جطو في تصريح صحفي بالعاصمة الفرنسية باريس حيث قال إن الانتخابات في المغرب متحكم فيها عن طريق نمط الاقتراع المتبع وأنه لا خوف هذه المرة من صعود الإسلاميين.

إن الأحزاب السياسية التي تحترم نفسها والتي تحكم على الانتخابات بالمغرب أنها مهزلة في درب الديموقراطية الصورية بالمغرب كالحزب الديموقراطي الأمازيغي المغربي الذي يلقى الآن مضايقات من الدولة المغربية كان أبرزها محاولة الاغتيال التي تعرض لها أمينه العام، وحزب النهج الديموقراطي الذي دأب على مقاطعة الانتخابات وحزب البديل الحضاري الذي عانى الأمرين في الحصول على الوصل القانوني، إضافة إلى الهيئات المدنية والحقوقية والجمعيات السياسية عليها تشكيل جبهة قوية لمقاطعة الانتخابات وشرح ملابساتها وفضح خروقاتها للرأي العام الوطني والدولي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين أنستغرام والواقع.. هل براغ التشيكية باهرة الجمال حقا؟ |


.. ارتفاع حصيلة القتلى في قطاع غزة إلى 34388 منذ بدء الحرب




.. الحوثيون يهددون باستهداف كل المصالح الأميركية في المنطقة


.. انطلاق الاجتماع التشاوري العربي في الرياض لبحث تطورات حرب غز




.. مسيرة بالعاصمة اليونانية تضامنا مع غزة ودعما للطلبة في الجام