الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحباب في العالم الاخر 1

فواز فرحان

2007 / 5 / 23
الادب والفن


لم يكن يعلم على وجه التحديد طبيعة المشاعر التي انتابته فجأةا تجاهها,فقد كانت تلك النظرات القادمه اليه من الوجه المتسم بعلامات من البرائه والجد في نفس الوقت حملت اليه تيارا من المشاعر لم يعشه من قبل ,لا بل غيرت كيانه واصبح يشعر بأن هناك شيئا ما اصبح يتملكه لم يسبق له من قبل الشعور به .اخذت الافكار والهموم تتقاذفه محاولا البحث عن السر الذي شده اليها رغم ان وجهها لم يكن يحمل في قسماته جمالا فائقا لكن نظراتها,نعم نظراتها وبريق عيونها,والبرائه واشياء كثيره اخرى لم يكن قادرا عن التعبير عنها ...لقد شدته اليها بقوه حتى انه اصبح عاجزا عن مقاومة هذا الشعور,وفوق ذلك ادرك انها سكنت اعماقه واحتلت مساحه من قلبه حتى شعر بالامتنان لتلك المناسبه الدينيه التي جمعتهم في ذلك المزار البعيد الذي يذهبون اليه للتذرع لله وطلب المطر عند حدوث حالة انعدامه..لم يكن يعلم عنها شيئا ,لكنه راح يبحث عنها وسط تلك الجموع ..كانت العوائل تتخذ من السهول الخضراء المحيطه بالمزار مكانا للاستراحه وتفترش الاغطيه للجلوس عليها وتناول وجبة الطعام التي عادةا ما تأخذها معها في مثل هذه السفرات وراح يتنقل بين تلك العوائل يبحث عنها دون جدوى حتى انه نسي اهله وصديقه الذي يرافقه دون ان يعلم عن السبب الذي حدى بصديقه للشرود بهذا الشكل..وجدها اخيرا وعرف على الفور انها ابنة عائله لا تقربه بشئ,تعرف على اشقاءها من النظر اليهم فهم ابناء بلدته وكثيرا ما التقى بهم بشكل عابر في مقهى البلده وتبادل مهم اطراف الحديث.....قرر ان يتخذ من حجاره بارزه على احد اطراف الشارع الترابي الصغير القريب من مكان جلوس عائلتها مكانا له للجلوس ومبادلتها النظرات لكن صديقه نبهه الى ان ذلك سيسبب لهما المتاعب لانه تعديا على حرية الناس لا سيما اوقات تناول وجبة الطعام ..استجاب لطلب صديقه وعاد ادراجه الى المكان الذي اتخذته عائلته لتناول الطعام هناك....راح يفكر بها ليل نهار منذ عودته من المزار ويحاول البحث عن طريقه تمكنه من رؤيتها كل يوم فقد اصبح هائما بها لا تعرف عيناه النوم حتى ساعات الفجر من كل صباح..يذهب متعبا الى الحقل الذي يعمل به لمساعدة اسرته وادرك ان تلك الصوره الجميله لا يمكن ان تغادر خياله بعد اليوم بسهوله واضحت جزءا من كيانه وان المستقبل لا يمكن تصوره دونها...بدأت أسرته تشعر بالتغييرات التي حلت عليه لا يفكر بالطعام بالعمل بالنوم كما كان يفعل بالسابق كان يحب الجلوس بمفرده تائها شاردا يقضي معظم اوقاته ليس بوسع احد ان يخترق دواخله ليعلم اسراره..حتى صديقه اقرب المقربين اليه لا يعلم شيئا عما يحدث معه,تغير كثيرا وراح يولي مظهره اهتماما اكبر من السابق كل ماكان يشغله هو رؤيتها ثانية عله يدرك ان تلك النظرات لم تكن عابره ومحض صدفه لا تحمل في طياتها شئ مما يشغله ليل نهار....وشرع ذات يوم بتحقيق حلمه البسيط والمرور من امام دارها مع ساعات المغيب عندما تتجمع النساء على عتبات الدور ليتبادلن الاحاديث وكانت تلك اولى خطواته نحو التحقق من مشاعرها ..كانت بالفعل تجلس مع والدتها واثنتين من نساء الجيران كان وجهه مظربا للغايه يحاول جاهدا اخفاء الخجل الذي اعتراه فور مشاهدتها قسمات ذلك الوجه كانت تفضحه على الفور والهيام يشع منه كان يتمنى في قرارة نفسه ان يكون وحيدا معها في ذلك الزقاق يتوق لمبادلتها تلك النظرات التي اسرته بها وادرك معها انها تشده الى عالمها غير قادر على مقاومتها يحاول الحفاظ على توازنه وكبرياءه دون جدوى حتى ان والدتها شعرت بما يدور بين ابنتها وذلك الشاب الذي مر للتو من امام عتبة الدار..شدها اليه هو الاخر بقوه وادركت ان هذه المشاعر لا يمكن ان تكون سوى العشق..لقد سكن قلبها واصبحت تنظر حتى الى الليل والنهار نظره اخرى .الى ذهابها مع والدتها باتجاه المراعي لحلب الاغنام وسماع اصوات الاجراس الصغيره التي تتدلى من رقابها واصوات تلك الصغار من الاغنام التي تبحث عن والدتها لقد احبت كل شيئ وتنظر اليه بعمق اكثر من ذي قبل..اصوات الاطفال في الدار كانت تبعث فيها نوعا من الغضب والانزعاج تغيرت حتى انها راحت تتأمل تلك النبرات البريئه المنبعثه من اصواتهم وتتلذذ في الاقتراب من معانيها...صوت جدها وجدتها ووالدتها التي تنهض كل صباح لاعداد الخبز الحار وتذمرها في بعض الاحيان من حماتها التي كانت دائما تعيب الخبز الحار الذي تعده دون مبرر..اما هي فكانت تسحب الغطاء حتى رأسها لتجنب نسمات البرد الصباحيه وتنبعث في داخلها ابتسامه تعبر عن عشقها لهذه التفاصيل اليوميه التي لم تعد تكرهها كما كان يحدث معها في السابق...اصبحت تنتظر حلول المغيب كل يوم بفارغ الصبر لانه يجمعها بحبيبها حتى وان اقتصر ذلك على النظرات المعبره عن العشق المتبادل رغم ان القلق كان ينتابها بين الحين والاخر من مروره امام دارهم ,أكتشفت فجأةا أنها لا تعرف أسمه رغم انها احبته وبدأ الامر لها مضحكا وبعد مرور اسابيع على هذا الحب تمكنت من سؤال جارتهم عنه وعلمت أن اسمه جابر وهو ينتمي لعائله فلاحيه من البلده..لقد تأكدت انها اصبحت لا تتحمل يوما دون مشاهدته ولو من بعيد في قرارة نفسها كانت لا ترغب بالبوح لاحد بمشاعرها او ما يجول في خاطرها لاي كان لانها تعلم ان ذلك سيولد لها المتاعب مع والدها واشقائها..اما جابر فقد بدأ بتغيير جدول حياته تماما واصبح يستيقض بعزيمه الى الحقل وينهي واجباته على اكمل وجه كي يعود للدار مبكرا ويذهب لرؤيتها وتحولت حياته الى شكل اخر اكثر تنظيما واندفاعا من السابق..قرر ان يحكي لصديقه عن تلك المشاعر التي تنتابه ,صديقه سالم كان شاهدا لاول مره شاهد جابر حبيبته في المزار فحكى له كل شئ حتى انه طلب منه مصاحبته اثناء المرور من امام دارها..راح يبحث عن طريقه تمكنه من لقائها والحديث معها والبوح بما في داخله من مشاعر لها كي يطمئن اكثر,لقد شعر للمرة الاولى في حياته ان هناك معنى لوجوده وان هذا المعنى لم يكن ليجده لولا حبيبته التي حركت كل مشاعره دفعه واحده ..يومين متتالين مرا دون ان يتمكن من رؤيتها كان يجهل الاسباب ولا يعلم شيئا عن سبب عدم جلوسها كالعاده امام باب الدار لكن غدا حائرا لا سيما بوجود صديقه معه هذه المره..اصابته صدمة واصبح عاجزا عن تفسير غيابها وانتابه القلق لاول مره وراح يعيد شريط الاحداث في خياله لعله ارتكب خطيئه دون ان يشعر تسببت بذلك الغياب عنه؟ وفي اليوم التالي قرر اعادة المحاوله وشاءت الصدفه ان يجدها مع مجموعه من نساء محلتها يذهبن وفي يد كل واحده منهن اناء(سطل)وأدرك على الفور انها ذاهبه بأتجاه بيادر البلده للقاء قطيع الاغنام وحلبها ..وهي عاده سائده في البلده لكنه ظفر ببعض النظرات التي اوحت له بالاشتياق وعاد الى الدار ظافرا ويشعر بالنشوه من مشاهدته لها في ذلك اليوم...كان شوق الربيع وذلك الهواء العليل الذي يستنشقه يدفعه باتجاه الافصاح عن مشاعره لها في اسرع وقت خوفا من ان يعترض هذا الحب اي طارئ يعكر صفوه...استجمع قواه ذات يوم عاقدا العزم على البوح لها بمشاعره دون الالتفات للهواجس التي عملت دائما على منعه من القيام بذلك..واتجه نحو دارهاليراقب من بعيد خروجها بأتجاه بيادر البلده حيث كانت الاغنام تتجمع هناك ,انطلقت من الدار مرتديه شالا احمرا جميلا اضفى عليها نوعا من الاعتداد بالنفس لم يألفه فيها من قبل ..كانت كل افكاره تتجه نحو البوح لها مهما كلفه ذلك من ثمن فقد اصبح مريضا بالهيام بها وصورتها اصبحت تجسد العالم الذي يعيشه بأوسع معانيه,كانت بصحبه مجموعه من النساء وان الاقتراب منها يشكل ضربا من الجنون,شعر للمره الاولى في حياته ان يقوم بعمل صبياني بملاحقته لحبيبته بهذه الطريقه كانت تلتفت اليه بين الحين والاخر لتبدي اهتماما به تجعله اسيرا في عالمها ولم تشعر اي من النساء بما كان يجول بينهما لانها كانت تحرص على اخفاء ذلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عمرو الفقي: التعاون مع مهرجان الرياض لرعاية بعض المسرحيات وا


.. ثقافة البرلمان تشيد بتفاصيل الموسم الثاني لمهرجان العلمين وت




.. اللهم كما علمت آدم الأسماء كلها علم طلاب الثانوية من فضلك


.. كلمة الفنان أحمد أمين للحديث عن مهرجان -نبتة لمحتوى الطفل وا




.. فيلم عن نجاحات الدورة الأولى لمهرجان العلمين الجديدة