الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كتّاب جاؤوا من رعب الديكتاتوريات.. رحل مهرجان أدنبرة وبقوا

علي ديوب

2007 / 5 / 20
الادب والفن


شهور مضت على رحيل مهرجان ادنبرة الدولي، لكن عددا من وجوهه استمر بيننا، سواء بالفرق الموسيقية أو المسرحية أو بما هو أقرب، وأقصد الكتب. ومن أهمها كتابان جديدان، الأول أصدرته مؤسسة بانيبال، بالتعاون مع وكالة القراءة ـ وهي جمعية خيرية مستقلة (بريطانية طبعا) تهدف إلى مساعدة المكتبات العامة في إنشاء خدمة للقراءة ـ الكتاب بعنوان «Unbuttoning the Violin / أزرار الكمان» ضم بعض الاعمال المختارة لأربعة كتاب عرب: الشاعران جمانة حداد من لبنان، وعابد إسماعيل من سوريا، والكاتبان منصورة عز الدين من مصر، وعلاء حليحل من فلسطين، الذين كانت دعتهم المؤسسة نفسها ـ بالتعاون مع المجلس الثقافي البريطاني ـ في جولة أدبية في بريطانيا، لإجراء سلسلة من اللقاءات الأدبية والمناقشات الحيّة، والعروض المسرحية والقراءات في كل من لندن ودربي وشيسترفيلد، ومانشستر وساوث شيلدز، كانت خاتمتها القراءة المرافقة للمهرجان العالمي للكتاب في أدنبرة. وهو مهرجان لا يتوسط دور نشر في علاقته المباشرة مع القارئ؛ استضاف في دورته الأخيرة عددا كبيرا من الكتاب من بلدان وثقافات مختلفة من باكستان، أوزبكستان، إيران، نيوزيلندا، إضافة إلى أسماء نالت شهرة عالمية، مثل هارولد بينتر، الحائز على جائزة نوبل ,2005 الشاعر شيموس هيني، والكاتب الألباني إسماعيل كاداريه، وغيرهم. وقد ترك غياب الشاعرة اللبنانية جمانة حداد، التي كانت محاصرة، إلى جانب بلدها، ظلاً من الأسى، على كليهما!
أما مؤسسة بانيبال فقد اشتهرت منذ بضع سنوات، وعقب إشهارها، في العام ,1998 بأنها تقوم بدور تجاهلته المؤسسات العربية الرسمية، عن عجز أو جهل أو عمد، إذ تفتح باب ترجمة الأدب العربي إلى الانكليزية، فتسمح للغرب بإطلالة على الثقافة العربية دونما وسيط الاستشراق المعهود. كما استحدثت هذا العام، ولأول مرة، جائزة تحمل اسم «جائزة بانيبال»، وستمنح لأفضل ترجمة لرواية عربية إلى اللغة الإنكليزية؛ وقد سجل الشاعر لقمان ديركي شهادة في الشخصين الفاعلين في المؤسسة (صموئيل شمعون، ومارغريت أوبانك زوجته)، دعّمها بشهادات لمثقفين عرب بارزين أثنوا على الزوجين، مع ان الأول آشوري عراقي، والثانية بريطانية؛ كما يوضح لقمان مستنتجا بأن بانيبال تكون على هذا قد ولدت من خارج الرحم المريض للثقافة العربية!
الكتاب الثاني من نشاطات المهرجان، أصدرته الجمعية الطبية (ميديكال فاونديشن) لرعاية ضحايا الاضطهاد، تحت عنوان لا يخلو من تحد «إزرع الريح واحصد العاصفة»، وهو عمل جديد من «مشروع كتابة للحياة». طبعت مادته على ورق عادي، بخط ناعم ومضغوط، وأخرجت صفحاته بصورة فنية بسيطة غير متكلفة، مزينة بخلفيات من رسوم تعبيرية، تضفي شيئا من الحركة على كتيب فقير في الشكل، بدءا من الغلاف غير الملون؛ لكن توزيعه المجاني أبطل العجب، وأشعر الكتاب المشاركين في مادته، والمتلقين له ـ على السواء ـ بقيمة المشروع.
المشروع بدأ عام .1997 وقد توسع ليضم الآن عشرين ممثلا وسبعة كتاب متطوعين، ينخرطون بحماسة في العمل الميداني لإيصال أصوات الضحايا لأوسع دائرة من الناس، والعمل جنبا إلى جنب مع كتاب آخرين لاجئين في بريطانيا.
نقطة استناد المشروع تقوم على فكرة تقول ان فعل الكتابة هو شيء من الممكن لأي شخص أن يفعله. وكل ما يلزم هو ورقة وقلم؛ القليل من الهدوء لكيما يتاح للكلمات أن تتجسد.
القاسم المشترك لمعظم أفراد طاقم المشروع هذا، يتجلى في الحياة المعطلة، والأوضاع القلقة، حيث الخوف من ترحيلهم، يحيل بينهم وبين مد أي نوع من الجذور في هذه التربة البريطانية؛ أو بناء علاقات صداقة مديدة، أو التوسع في معرفة الآخر: الجيران والمجتمع. هذا عدا عن أنهم ـ ولكونهم من طالبي اللجوء (بعضهم فقط قبل طلبه) ـ يظلون تحت مستوى الطمأنينة، وغير متشجعين للاندماج مع المجتمع، لحرمانهم من العمل، حتى التطوعي غير المأجور. وفي مثل هذه الأوضاع تتحول الذات إلى مكان داخل المكان، ويتحول اللاجئ إلى كائن استذهاني.
وجوه تبرز من العتمة!
عبد العزيز إدريس من السودان، وهو من مواليد ,1978 الحنانية، بالسودان، دخل إلى بريطانيا منذ أزيد من خمس سنين، كطالب لجوء، هربا من القتل الذي كان يهدد ذوي البشرة السوداء ـ كما يقول ـ على يد أناس شاطرهم الحياة، حلوها ومرها، واعتاد أن يبادلهم تحيات السلام في اليقظة والنوم... وجاءت مشاركته بقصة تحت عنوان الحلزون، تحدث فيها عن عمليات القتل تلك، التي كانت سبباً في هربه. اشتغل إدريس على مزج الواقع بالرمز، ولكن هنا كل شيء يتم من مدخل الواقع: الواقع أبلغ من أية دلالة.. وكان الحلزون رمزاً للمضطهد مغرياً: هذا الحيوان الرخوي الضعيف الذي لا يجد لنفسه ملجأ غير قوقعته.. ولكن قوقعة حلزوننا البشري لا تمنحه الأمان، لأن الخطر يساكنه فيها.. ولا يبقى ثمة مهرب سوى «الانسلاخ من حياتك هذه، والبحث في مآوي الكون، بعد أن: قتلوا أطفالنا، واغتصبوا أمهاتنا وأخواتنا وزوجاتنا. وعندما انتهوا من ذلك قطعوا أرجلنا، بتروا أيدينا، واقتلعوا أعيننا. وبعدها أحرقوا منازلنا وأمرونا أن نغادر».
سينيت هاجوس، من أثيوبيا، كتب قصيدة بعنوان «طالب اللجوء»، لافتا إلى أنها مستوحاة من الجندي روبرت بروكس. وهي تهليلة تبتل وتقديس لأثيوبيا، التي يصفها بأنها الأرض الأغنى، والمباركة من الله، والمالكة التاريخ، وجذر الحكمة.. الخ. وهنا من الضروري أن نلفت إلى الكلمات التي أرفقها سنيت مع قصيدته، يقول: ولدت في أديس أبابا ,1982 ورحلت إلى لندن، عام ,2000 ولكني ما زلت أعاني من قمع ذهني. أحيانا أضحك لوحدي، كشخص مجنون. لقد اضطهدت بسبب أصول عائلتي العرقية، مع أن جنسيتي ليست من اختياري!
ألبان كاتب من كوسوفو، مواليد ,1987 سجن خمس سنوات، فور نيله الشهادة الجامعية 1998 ليستأنف البحث بعدها عن بداية جديدة لحياته في بريطانيا، وتكون بممارسته مهنته (طبيب مبتدئ). مشاركته هنا حملت عنوان «بيتي الأول والأجمل» وهو عنوان يشي بالحنين لجنة مفقودة، والتوق لماض جميل، غير ممكن الاستعادة، ظل يعشش كالمرض في رأس الشاب، الذي كان هو الأصغر ـ الطفل المحبوب ـ بين عدد كبير من أفراد العائلة الممتدة؛ وربما يكون هذا هو السبب الذي جعله يحمل من ذكريات الطفولة أجملها؟
نادين توناسي، كاتبة من أب رواندي، من قبيلة التوتسي، وأم كونغوية. وقد قتل أبوها ـ على مرأى من أمها ـ بيد جنود الرئيس كابيلا. وذات مرة خطفت، على يد بعض أولئك الجنود، وهي في طريق البحث عن طعام للأسرة، وقد عذبوها، ونكلوا بها؛ لترحل بعدها إلى أنغولا، ومن ثم تبحث لنفسها عن مأوى آمن في بريطانيا. ولقد وجدت مبتغاها، في المأوى الآمن؛ ليظل خوفها على أسرتها يصلب سعادتها على خشب الهواجس والكوابيس. شاركت نادين بمقطع وجداني، تحت عنوان «يداي»، وهو نص يمور بين القصة القصيرة جدا وبين الشعر المنثور. وتندب فيه بلسان المتكلم يديها اللتين لم يعد لهما من حاجة، حيث لا بيت بعد الآن؛ وبالتالي لا طعام يمكن لهاتين اليدين أن تعداه.. لقد تحولتا فجأة إلى ما يشبه الجلود الميتة!
فاريدون محمد سيد، من مواليد عام ,1972 في مدينة السليمانية، بكردستان العراق. قاده الوضع السياسي والاحتلال والابادة والتدمير للقرى الكردية من قبل نظام صدام للانخراط في العمل السياسي.
يقول انه تعرض للسجن من قبل ذلك النظام في سنوات مراهقته الاولى. ولا تزال آثار تلك التجربة باقية معه حتى هذا اليوم.
يحمل إجازة في العلوم الانسانية، عمل بموجبها مدرّسا للغات والادب. وفي عام 1994 بدأ ينشر كتاباته، ويقرأها في مؤتمرات واجتماعات، وقد حرص من خلالها على شرح أعمال العمالة والنفاق السياسي التي عانى منها الاكراد العاديون. فكان هذا السبب الاساسي ـ كما يقول ـ الذي اضطره لمغادرة البلاد.
يقول عن مشروع كتابة للحياة انه دعمه لإحياء كتاباته.
وقد حملت مشاركته عنوان «وداعا يا أرضي»، وهي من أطول المشاركات في الكتاب، وتحتل المرتبة الثانية في الحجم، بعد مشاركة حسن البحري، من سوريا. وفيها يسترجع فاريدون هموم حياة استثنائية، في بلد تميزت الحياة السياسية فيه بكل ما هو استثنائي، وبأبلغ المعاني سواداً. يقول عن نفسه: الوضع السياسي والاحتلال، والإبادة الجماعية، وهدم القرى الكردية، على يد نظام حكم صدام، قادتني إلى السياسة. ولقد كنت سجنت من قبل ذلك النظام، منذ عمر مبكر.
حسن بحري، من مواليد قرية صغيرة في سوريا، مجهول التاريخ، ضمن مجاهيل عديدة! ونشأ مثل كل شخص بأحلام تغيير العالم. درس في الاتحاد السوفياتي، وسجن في سوريا والآن يكتب لمشروع الكتابة للحياة في المملكة المتحدة. مؤخرا حقق طموحا قديما للعيش في سوهو (حي شهير وسط لندن)، حيث امتلك اخيرا شقته وخط الإنترنت الخاصين به.
وقد قدم المساهمة الأكبر بين مجموعة الكتاب، وهي قصة حملت عنوان «لا تطمر برازك عميقا أبدا».
تحكي القصة عن مجموعة من المعتقلين في سجن صحراوي، في إشارة لسجن تدمر الصحراوي الرهيب، في سوريا، حيث مكثوا هناك ثلاث سنوات يأكلون من نفس الطعام ويتنفسون نفس الهواء، حتى إذا أصابت الحمى أحدهم وجب أن يصاب الجميع بها. في هذا المكان المقتطع من الجحيم، يحاول عشاق الحياة التغلب على الموت، بأن يزرع أحدهم بذرة رمان، مؤملا الجميع بأنهم سيأكلون من ثمارها وسيستظلون بظلها.. وفعلا تحيا شجرة الرمان، وتكبر بسرعة، وتمتلئ بالأزرار، ويستظل بها الجميع. ولكن أعداء الحياة كانوا أكثر حرصاً من أن يتحملوا كل هذا التشبث بالأمل، من قبل مجرمين، جريرتهم هي هذه: الأمل/ الحياة، فقاموا بنقلهم إلى سجن آخر، مبني من الفولاذ، يستحيل عليهم فيه أن يجدوا ثقبا يمكن أن يستنبتوا فيه حياة.. ولم يكن الترحيل هو ما آلمهم، فقط، فخبر قطع الشجرة كان أشد إيلاما؛ بما يحمله من دلالة العقاب الشامل لمن سيأتي بعدهم أيضا؛ بل عقابا للطبيعة في آن: يجب أن يعمها التصحر، جنبا إلى جنب مع البشر!
غيريل مبوما مانغونغو المولودة عام 1979 في بوينتي ـ نوير، بالكونغو، اعتقلت بسبب نشاطات أخيها السياسية. وسجنت وتعرضت للاضطهاد: الذي تركها ضحية لمشاكل صحية مديدة. تحاول الاتصال مع عائلتها بواسطة الصليب الاحمر.
تعترف بأنها استمتعت فعلا بالكتابة. وتصفها بأنها «طريقة لجعل الناس تعلم بما أشعر به.. فأحيانا من الصعب أن أتحدث عن بعض الاشياء، ولكنني أستطيع كتابتها».
أمينة عبد الله من مقديشو، بالصومال، طردتها الحرب، لكن لجوءها لبريطانيا لم يبت به، على عكس الشعر (الضوء الأخير)؛ فكان لها أن حصلت على عضوية فريق الكتاب للحياة، الذي فتح لها أفق التعرف على الريف، من خلال زيارتها لديفون: وهي أول تجربة لأمينة، في حياتها ـ كما تقول ـ تتعرف من خلالها على الريف، الأغنام، المروج، والأكواخ المسقوفة بالقش.
نور الدين م. حسن كاتب فلسطيني مولود في مخيم جباليا، بقطاع غزة. فقد أباه، قبل أن يكمل عامه الأول من العمر، إذ رحّلته السلطات الإسرائيلية إلى الأردن. درس نور الدين الأدب الانكليزي، ثم درّس في جامعة غزة. وقد اعتقله الاسرائيليون أربع مرات، خلال الانتفاضة الأولى، لتأخذ السلطة الفلسطينية حصتها منه لاحقا، فتعتقله ثلاثاً أيضا، لانتقاده اتفاق أوسلو. وبغض النظر عن معاناته وجد نور الدين عزاء في مهنة التدريس، حتى أجبرته الضغوط السياسية على مغادرة فلسطين مع زوجته وأولادهما الأربعة. ليصل إنكلترا عام 2005 وينضم لفريق كتابة للحياة؛ الذي يرى فيه «منبرا لصوتي كي يسمع، وبيئة تمكنني من المشاركة في لأم الجروح اليومية المؤلمة، لهؤلاء المولودين في فلسطين».
مارك هيل هو كاتب إيراني، قدم إلى بريطانيا عام ,1989 نقل مباشرة إلى مركز للترحيل، حيث أحبه، بالنظر للمفارقة بينه وبين السجن العراقي الذي كان معتقلا فيه. ولكنه عندما أخذ إلى المطار ومات تقريبا من الفزع؛ استعاد سعادته في اليوم الثاني، عندما أعيد ثانية لمركز الترحيل. أطلق سراحه بعد فترة من الوقت لبيت أحد الاصدقاء. وبعدها إلى نزل في بريكستون، حيث كان ممنوعا من الزيارة. مما اضطره للنوم في الشارع، إلى جانب أخيه الذي قدم من بلجيكا لزيارته!
أمضى بعدها ستة أشهر في مشفى نفسي، مجاهدا للتخلص مما حل به في العراق. منذ ذلك الوقت حصل مارك على درجة جامعية في الرياضيات والكمبيوتر. وكتب روايتين بالفارسية.
سامندار، هو أيضا كاتب إيراني، مولود في منطقة الجبال. درس الفن والدراما في جامعة طهران. عندما أغلقت الجامعات في زمن الثورة الثقافية، أصبح عضواً في فرقة مسرحية للهواة. اعتقل عام 1981 ووضع في السجن لعشر سنوات.
يقول سامندار بمعايشة السجناء اكتشفت معاني كلمات مثل «وجود إنساني».. الخ. بعد إعادة اعتقاله عدة مرات هرب وأتى إلى بريطانيا سنة .1999 أصبح عضواً في تجمع الكتابة للحياة منذ .2003
وحده سامندار ـ إلى جانب مواطنه السابق ـ في قصة بعنوان «ماذا علي أن أخلف لابنتي؟» سجل الذل النفسي، هنا في بلدان الحريات المكفولة بالقانون، الأكثر إيلاما ودواما من الأذى الجسدي، الذي يخلفه اعتداء يقع عليك بفعل العنصرية؛ وهو يشدد على عدم جدوى الإجراء القانوني، الذي لا معنى لحمايته لك، لأنه يأتي متاخرا، بعد أن يكون ما تحطم في داخلك قد تحطم!
ستيفاني ندونغو المولودة في دوالا والكاميرون، عام ,1976 اسمي الاول جاء من اسم أميرة موناكو المشهورة ستيفاني. تلقيت تعليماً بلغتين وحصلت على شهادة في قانون الاعمال.
بعد موت مفاجئ لوالدها، اضطرت لإيقاف تعليمها، للبحث عن عمل تعين من خلاله أمها وأختها. بدأت كصحافية في جريدة. ثم، ولأسباب سياسية ضد الحكومة، تعرضت للسجن. فطلبت اللجوء السياسي إلى بريطانيا عام .2003
قضيتها لا تزال معلقة، تقول. أما الكتابة بالنسبة لها، فتعني أن تكون صوتاً للناس الذين لا يستطيعون الكلام. «والكتابة الآن أكثر من ذلك بالنسبة لي إنها علاج».
نسرين بارفاز المولودة في طهران عام ,1958 بدأت نشاطها في حقل المجتمع وحقوق الإنسان بعد الثورة الإيرانية، اعتقلت عام 1982 وسجنت حتى .1990 بعد إطلاقها واصلت البحث عن المتبقي من رفاقها، لتجد نفسها تحت مراقبة مستمرة من قبل حراس الثورة، ويعاد اعتقال بعض رفاقها. عام 1993 طلبت اللجوء السياسي لبريطانيا، وأعطيت هذا الحق في العام التالي.
في لندن، وبعد أن حازت على إجازة في علم النفس ثم ماجستير في العلاقات الدولية، وهي تعد رسالة الدكتوراه عن الآثار الاجتماعية والنفسية للحكم الإسلامي في إيران.
كتابها حول تجربة سجنها، تحت النرجسية، نشر في الفارسية عام .2002 وهي تعكف الآن على مجموعة مسلسلة من القصص عن حياتها في ايران وبريطانيا، هي أيضا زميلة في جمعية تحرير المرأة، وتكتب مقالات في مجلتها الأسبوعية. ولها موقع خاص على شبكة الإنترنيت. مشاركتها في هذا الكتاب، تحت عنوان الإصلاح أو التجديد، أعتبرها الأفضل. تقول لا معنى للتجديد والإصلاح. عندما تخلخل شيئا أو تخرب شعور شخص ما، فلا يمكن لشيء أن يعيده إلى وضعه الاصلي. ليس أمرا خارقا أن يبذل الشخص عظيم جهد لكي ينسى؛ ولكنه في النهاية ليس بمقدوره أن يزيل تيار الألم الذي مس يوما بدنه أو عقله. قد يزول الالم النفسي أو الجسدي ولكن ذاكرته تبقى، تلتصق وتصبح جزءا منك. الجزء الذي تعرض مرة للأذى يصبح حساسا ويصبح ذاته محسوسا الآن ولاحقا وربما حتى الموت.
ربما يتلقى المساعدة لاستعادة إحساسه، من تجمّد فيه الإحساس. ولكن ماذا عن العملية ذاتها، كيف نستطيع إجراء مسح لذاكرة الحالة وزمن فقدان الاحساس؟ كيف نستطيع استعادة ذلك؟ وبماذا يمكننا أن نضمن هذه الاستعادة؟
ماذا يعني التعافي لشخص عانى القمع، شخص تأذت رجله بالجلد، وتبدو مع مرور الوقت طبيعية؟ الالم والاذى الفيزيائيان يختفيان مع الوقت. ولكن حتى بعد عشرين سنة على تعذيبها، ما ان تسمع بجلد أقدام الناس في أي مكان، حتى تشعر باهتياج ووخز في باطن قدميها. أصابع وأخمص قدميها لا تزال تتحسس للبرودة والحرارة واللمس. ما الذي يعيد قدميها للحالة الطبيعية؟ من الأفضل قبول حقيقة بأنه لا أحد يستطيع أن يسترجع أو أن يبطل الأذى، ولكن فقط يمكن أن يساعد الناس على التأقلم.
ماذا يعني أن لا يستطيع شخص تحمل أصوات الالعاب النارية لأنها تذكره بالحرب، بالموت، بأخت سحقت تحت الحجارة.
ماذا يعني العلاج لشخص تعيش ذاكرته (تصحو) في الليل فتوقظه دائما متعرقا؟
يستطيع الشخص أن يتجاهل الكوابيس أثناء النهار، ولكن لا أحد يستطيع استعادة نوم الطفولة الهانئ.
كيف لي أن أستعيد الصديقة التي قبلتني وتمنت لي البقاء حية، ثم صعدت الدرج فلوحت لي بيدها قبل أن تختفي لمصيرها: الاعدام بعد بضع ساعات. رسالتها الاخيرة في الدرج لن تعيدها لي.
ربما يكون القتال من أجل تغيير العالم هو العلاج الوحيد لخسارتنا؛ تقدم عملية التجديد لعالم أفضل لم نختبره من قبل. انظر إلى حياة اللاجئين، يفرون من الاضطهاد فقط لينهوا مواجهة العنصرية، الفقر والإذلال. قد يكون التجديد ممكناً فقط حيث يستطيع المعتدى عليهم والمتأذو الإحساس النزيه بشعور جدواهم من جديد. إن هم استطاعوا إيجاد حياة لائقة في المنفى، فلن يعانوا كما هو حالهم اليوم.
(اسكوتلندا)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أون سيت - هل يوجد جزء ثالث لـ مسلسل وبينا ميعاد؟..الفنان صبر


.. حكاية بكاء أحمد السبكي بعد نجاح ابنه كريم السبكي في فيلم #شق




.. خناقة الدخان.. مشهد حصري من فيلم #شقو ??


.. وفاة والدة الفنانة يسرا اللوزي وتشييع جثمانها من مسجد عمر مك




.. يا ترى فيلم #شقو هيتعمل منه جزء تاني؟ ??