الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فراق

سعيدة لاشكر

2007 / 5 / 25
الادب والفن



نهض عن كرسي الحديقة متتاقلا منهكا وكأنه لا يريد النهوض وكأنه يجر جرا ليتحرك فربما هذه آخر مرة سيعاود فيها الجلوس على هذا الكرسي, هذا الكرسي الذي درف فيه خمس سنين من حياته وتوهجت فيه شعلة حبه وعاهد نفسه فيه على الإخلاص والوفاء لحبيبة عمره, صفاء التي ما إن دخلت حياته حتى فاضت بالسرور واغرورقت بالحنان والحب والصدق وتنفس لأول مرة حلاوة الحب وروعة الحب, هنا في هذه البقعة كان أول موعده مع الحب, هذه البقعة هي مكان التقائه كل يوم مع حبيبته.

قبل خمس سنين بالتحديد وخلف أسوار الكلية أحب سميرصفاء, الفتاة الجميلة الغنية التي ما إن تعرفت عليه حتى أحبته هي الأخرى متجاهلة أختلاف مستواه المادي المتواضع أمام غناها المطلق تناسوا كل هذة الفرقات وسبحو في جمال الحب كل واحد منهما يغدق على الأخر يحلمان بالزواج و باليوم الذي سيجمعهما بيت واحد.

وهكذا مرت فترة الدراسة سريعا ليتخرجا وينشغل كل منهما بأعماله, هي في انهاء مشوارها لتصبح صحافية كما حلمت دوما وهو في عمله الذي به ينفق على عائلته والتي هو أكبر أفرادها, ورغم كل هذا بقي موعد التقائهما قائما في ركن الحديقة على كرسي محدد موعد لا يخلفه أحد, توالت الأيام وأحس سمير أن وضعه لم يتغير ولن يتغير وهي الأخرى تعبت من رفض الخطاب وتعبت من الحب , خمس سنوات وهي تحته على أن يتقدم لخطبتها أن يطلب يدها من والدها لكنه دائما يرفض ويتعدر بعائلته التي ينفق عليها ويؤكد بأن والدها لو درس حالته المادية فلن يرضى بأن يزوجها له أبدا فتقتنع بالمنطق الواضح لكن قلبها لا يقتنع, فحياتها تمر وأحلى سنين حياتها تكاد تودعها فماذا أنجزت فيها وعلى ماذا حصلت, هي بالتأكيد تحبه أعمق حب, لكن أسرتها ومجتمعها يصران عليها أن تقبل أحد الشبان الكثر الذين يطرقون بابها وعقلها أيضا ذهب مذهب قلبها وأحس أن لا طائل من انتظار شخص غارق هو أول واحد يعترف بذلك, نعم اعترف لها كثيرا واعترف لنفسه أنه لن يجهز أبدا ليكون الزوج المتالي الدي حلمت به وفي أحيان كثيرة عندما تخبره أن شابا تقدم لخطبتها تنتابه غيرة لادعة وحزن لا يوصف لكنه يقول لها من وراء قلبه بأن تقبله.

وتوالت هذه الواقعة مرارا في الفترة الأخيرة إلى أن جاءت يوما متجهمة وعيونها منتفخة من كثرة البكاء وقالت له من خلال دموعها المنهمرة أنها قبلت الزواج أخيرا من أحد المتقدمين لها, فصعق وكأن قلبه تحول لقطعة تلج باردة لم يعد يحس بشيء فجاء سؤاله الذي اخرجه رغما عنه عن من هو هذا الشخص فأجابته أنه شاب من أحد أقربائها وأخبرته أنها ستسافراليوم في القطار ليقام العرس في العاصمة تم بعده يسافران للخارج حيت يسكن.

دار بخلده كل هذا وهو يودع الكرسي الذي بصم حبهما إلى الأبد ويودع معه أجمل الأوقات وأمتعها على الإطلاق, تم راح يجر أقدامه, نظر لساعته فوجد انها بقيت دقائق على انطلاق القطار الذي يؤدي للعاصمة تراخت قدماه وبدأ يخطو خطوات واسعة إلى أن وصل إلى المحطة التي باتت خاوية, شاهد القطار يتحرك لا يريد شيئا يريد فقط أن تلمحها عيناه لآخر مرة, اختلجت مشاعر شتى في قلبه, حزن, عذاب, اشتياق, وألم الفراق الذي لا يمكن وصفه تمادى في جريه تمادى في تعذيب نفسه وكلما أسرع القطار إلا ويسرع أكثر وتتغلغل الآلام لقلبه أعمق تم بكى, أخرج كل ما يمسه ليعبر عنه بالدموع وفجر سوء حظه في شكل دموع أخيرا اختفى القطار ووقف وهو يلهت, يشيع القطار المختفي, ليختفي معه كل الحب وكل الحنين وكل الأحلام وكل الأماني وكل أمل بالغد والمستقبل ليبقى صدره أجوف هش لا يحمل إلا الألم والحزن وقساوة ألم الفراق ليصير بقايا إنسان في عالم مليء بأشلاء الإنسان.

[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال


.. محمود رشاد: سكربت «ا?م الدنيا 2» كان مكتوب باللغة القبطية وا




.. جائزة العين الذهبية بمهرجان -كان- تذهب لأول مرة لفيلم مصري ?


.. بالطبل والزغاريد??.. الاستوديو اتملى بهجة وفرحة لأبطال فيلم




.. الفنان #علي_جاسم ضيف حلقة الليلة من #المجهول مع الاعلامي #رو