الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عربائيل

كاظم الشاهري

2003 / 9 / 6
الادب والفن



اليوم مساء الاحد . ودائما في الاحد مساءً تحزن المدينة . لااحد يعبر عن حزنه لااحد يقول اني حزين . ولكن الحزن في مساءات الاحد لايحتاج الى تصريح . تستطيع ان تشمه في رائحة المدينة تستطيع ان تراه في السماء وان تراه على الوجوه تستطيع ان تراه ممددا على الشوارع وتستطيع ان تراه عاى واجهات المحلات  . مساء الاحد في هذه المدينة الواقعة في الشمال الامريكي له طريقة مختلفة تماما للتعبير عن نفسه من كل ايام الاسبوع وليالية .
في يوم الاحد يتغير الحال . نعم يتغير تماما . وهذا التغيير يطرأ على كل شئ . البشر والسماء والرائحة والاشجار والشوارع والاطفال . آوه . نسيت ان اقول الاطفال فقط لايمسهم هذا التغيير .
في يوم الاحد. يصحوا اغلب سكان هذه المدينة ويرتدون ملابسا محتشمة ورسمية ويقضون ساعات الصباح الاولى وحتى بعد منتصف النهار . يقضونها في الكنائس .
بعد منتصف النهار من الاحد . يبدأ مشوار رمادي غير واضح . لااحد يقول اني حزين ولااحد ايضا يلغي شعور الحزن العام .

وتلجأ المدينة في اغلبها من مساءات الاحد الى الشواء ( بار بي كيو ) الخمور محرمة في هذا اليوم . الاباء الامهات ، الابناء والبنات الكبار يجلسون على مصاطب الحدائق العامة آو على كراس خفيفة الحمل امام باحات بيوتهم . يتبادلون احاديثا مقتضبة كما لو ان تلك الاحاديث اعدت سلفا من اجل هذا المساء الاحدي . وانظارهم الى اطفالهم واطفال غيرهم الذين يلعبون ويضحكون ويبكون ويتخاصمون من غير اكتراث لمساء الاحد آو يهيمون بنظراتهم مع الدخان الابيض المتصاعد من شي اضلاع الخنزير آو البقر آو افخاذ الدجاج من مناقل الشواء التي ليست بعيدة عنهم .
وانا  . نعم انا .. ماهو موقعي في كل مايحدث .
انا اسكن في هذه المدينة منذ عشرين سنة وانني من عربائيل التي  ضاقت مدنها حتى بمنحي قبرا فانهزمت منها الى دول الشمال الصليبي . وكانت تلك المدن بحق مكانا رائعا للعيش والحياة والاحلام . 

. وان عادات هذه المدينة صارت جزءً من عاداتي وفي مساء الاحد رغم اني لااذهب الى الكنسية . امارس عادة الشواء وبالوجوم ذاته البادي على وجوه اهل المدينة ، اشم روائح اللحم المشوي واشعر بالحزن ايضا .
ومن اجل تبديد سفر عائلتي ( زوجتي واطفالي ) الى الاهل في عربائيل . وكان سفرهم ، ويا للمصادفة الخيثة بعد 11/ ايلول . ان عقدت صداقة مع اطفال الجيران وادعوهم الى وليمتي في مساء الاحد . كنت اشتري صحونا ورقية واعد لكل واحد منهم صحنه . مساء الاحد حزين ولكنه مع مرح الاطفال يجعل الحزن مقبولا واحيانا مبهجا . ،

مساء الاحد هذا توقفت (3) سيارات شرطة . بالقرب من مسكني . كان
رجال الشرطة يبسمون لنا جميعا. يلعبون مع الاطفال . ثم  اقنع شرطي طفل باخذ صحنه ودخل السيارة . بعد ان  اعطاه العابا وحلويات وخرج الشرطي بعد دقائق من سيارته المختبر باسما .
قال قائد المفرزة . بصوت خفيض سمعته جيدا للرجل الاشقر جاري الذي كنت اطعم اطفاله : ـ
الاكل غير مسموم ، يستطيع مواصلة احتفاله والاطفال . وغادروا .......

                                              
                                                    امريكا المحروسة
                                                    تموز   2003

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال