الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محاربة الفقر : تجربة بنك جرامين

أمياي عبد المجيد

2007 / 5 / 23
حقوق الانسان


مباشرة بعدما دخل العالم في الألفية الثالثة أطلق زعماء دول العالم صياحهم من أروقة المتحدة سنة 2000 داعين إلى تحقيق الأهداف التنموية للألفية الجديدة ، تلك كانت التفاعلات والانفعالات الطبيعية التي عادة ما تحدث في مثل هذه المناسبات الدولية، ولكن العديد من المتأملين خيرا قي مثل هذه المبادرات يتطلعون إلى أن تكون مخلصة دول الجنوب من براثين الفقر الذي ينهش أجسادها، بيد أن التجربة التي سبقت بينت أن ما يقال عادة في مثل هذه المناسبات لا يعرف طريقه إلى التفعيل ، كيف ذلك والدول الغنية تشارك نظيراتها الفقيرة فقط لتوهم التعاون، وتشيد بسمعة مفضوحة .أ وليس صندوق النقد، والبنك الدوليين أداتان من أدوات القفز على مصالح دول الجنوب ؟،الم تغلب الدول الغنية أسلوب المكر عبر هاتين المؤسستين لتمرير صفقات مشبوهة ، ومنح قروض مشروطة وفقا لمصالح هذه الدول ؟
إن الحديث عن محاربة الفقر في صيغته الكونية أمر محمود ويوحي بحس إنساني يتشارك فيه سكان العالم ، لكن نختلف مع البعض في أساليب المحاربة ،فلا أرى كما يرى الكثيرين أن مشاكل الفقر يمكن التنظير لها من أروقة المؤسسات الدولية التي حقا تجهل أمورا كثيرة في خصوصية الظاهرة لدى كل دولة ، قد نقول بان الفقر هو الفقر سواء في الصومال أو بنغلاديش لكن الفقر عندما يكون عند دولة آفة تؤدي إلى استنهاض الروح الوطنية، وتجنيد الضمائر والإمكانيات لمحاربته، ليست هي الدولة التي يكون هذا الشبح (الفقر ) مصدر للنزاعات الأهلية والاقتتال الداخلي !
تجربة بنك الفقراء
ـــــــــ
سنتحدث في هذا الإطار على بنك جمع بين العبقرية التنظيرية والمبادئ الإنسانية ، التي برهنت فعلا أن الفقر يمكن أن يكون أكثر من مصدر للمجاعة، وإنما مصدر للحروب حتى واقتتالات أهلية .
في 13/10/2006 حصل الدكتور محمد يونس وبنك جرامين الذي أسسه على جائزة نوبل للسلام مناصفة بينهما لتطبع صفحة جديدة من التاريخ الإنساني الذي سجل عبقرية رجل الاقتصاد هذا، ودور البنك الذي أسسه لاجتثاث الفقر ، وانتزع اعترافا عالميا بأنه رجل التنمية البشرية الأول في العالم بدون منازع .
ولد محمد يونس في وسط ميسور الحال ، وتعلم وارتقى ليحصل على أرقى الدرجات العلمية من كبريات الجامعات الأمريكية، وبعد مشوار معرفي وعلمي اكسباه تجربة رجل المسؤولية، والنضج في التنظير الاقتصادي عاد إلى بلده بنغلاديش ليدشن مسيرة طويلة من النضال التنموي ، وبدا بتشخيص الظاهرة التي يعاني بها وطنه انطلاقا من مقعد التدريس الجامعي منذ سبعينيات القرن الماضي ، وبتدرج ملحوظ بدا في الاحتكاك بالفقراء عبر مصاحبة طلابه إلى القرى النائية والفقيرة جدا حتى يتعرفوا على الظاهرة بشكل أدق متفوقا بالتالي على زملائه من الأساتذة الذين كانوا يدرسون مواد الاقتصاد بشكل نظري مترجم عن ما تلقوه في الجامعات الأجنبية .
انقلب محمد يونس على ما درسه في أمريكا ورأى أن ما درسه في تلك الجامعات من نظريات اقتصادية إنما يتسق ، واقتصاديات واضعيها وباشر في التفكير بتأسيس بنك يقدم قروضا متناهية الصغر بعدما فشل في بلورة هذه الفكرة انطلاقا من البنوك التجارية والربحية الأخرى، فاقترض قرضا شخصيا وبدا به مشواره على عينة من الفقراء ، وبعدما حقق نتائج لم تكن متوقعة باشر في العام 1983 في ترسيم البنك ودفعه إلى العمل وفق الاستراتيجية المرسومة له .
وسائل العمل
ـــــ
يهدف بنك جرامين في الأساس إلى القضاء على الفقر عبر الوسائل التالية :
- 1- تشجيع المقترضين على اخذ القروض بأساس تعليمي وتنموي اجتماعي لتوفير ظروف اجتماعية مناسبة لكل عائلة .
- 2- المتناهية التامة في الاستفادة من الفوائد وتحديد سقف مجددا لها مهما طالت مدة السداد بمعنى لا يجوز لقيمة الفائدة أن تتجاوز قيمة القرض مهما تأخر المقترض في السداد .
- 3- الاشتغال وسط النساء كقوة تنموية وفسح المجال لهن للاقتراض قصد إقامة المشاريع الصغيرة المدرة للدخل .
- 4- الأخذ بمبدأ التنمية للجميع وتحديد أهداف استراتيجية تنموية في قطاع الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية ( بناء المستشفيات، والمدارس...الخ )
استنساخ التجربة
ـــــــــ
في المغرب مثلا كان الفقر يشمل أكثر من 56 في المائة من السكان خلال فترة الستينات وبعدها تراجع إلى مستوى أل 14 في المائة تقريبا ( البحث الوطني حول مستوى العيش 2000-2001) ولكن هذه النتائج لا تعكس الصورة الحقيقية للواقع الاجتماعي للبلاد اليوم ، وحسب تقرير( الخمسينية) فان عدد الفقراء يناهز 5 ملايين فقير، و4 ملايين يعيشون تحت عتبة الفقر النسبي . هذه الأرقام المخيفة تدفعنا بجدية إلى مراجعة الاستراتيجيات التي اتبعت في محاربة هذه الظاهرة والتي برهنت على عدم فاعليتها بدليل التزايد المستمر في نسب الفقر .
وما دامت تجربة كتجربة محمد يونس وبنكه قد حققت نجاحا كبيرا فلماذا لا تستنسخ التجربة على أساس علمي فبغض النظر عن الخصوصية المغربية في توزيع نسب الفقر، فالأساس في تجربة بنك جرامين تحيلنا على حل سحري ولا نبالغ في ذلك . فالقروض المتناهية الصغر في حالة ما إذا قدمت إلى الفقراء متجاوزة التوجسات من شانها أن تخفض نسب الفقر بشكل كبير ، وكان في الحقيقة لزاما على مبادرة التنمية البشرية أن تولي اهتماما لمثل هذه المبادرات .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة اعتماد الجمعية العامة قرارا يدعم منح السلطة الفلسطينية


.. مشهد يوثق تكدس خيام النازحين في دير البلح بغزة




.. مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة يمزق الميثاق الأممي بأمريكا


.. بالأغلبية الساحقة.. 143 دولة تصوت بالأمم المتحدة تأييداً لعض




.. الرئيس الفلسطيني بعد التصويت بأحقية فلسطين بعضوية الأمم المت