الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشروع الإصلاح والتحديث، سقف التوقعات والآمال

عبدالهادي مرهون

2003 / 9 / 7
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية



في وسائل الإعلام كما في الديوانيات والمجالس وقبل هذا وذاك في حوارات بعض الرموز الوطنية والسياسية والمنتديات العامة و الإلكترونية كثيراً ما يتردد الاعتقاد أن المجلس النيابي ولد ميتاً أو ضعيفاً لا يستطيع أن ينجز شيئاً، و مع الاحترام الشديد لوجهة النظر تلك و المنطلقات القانونية و الدستورية التي يتكىء عليها وتسببت في إرباك سياسي مرت به بداية المشاركة في الحياة السياسية في المملكة اعتبره عدد من المراقبين أول الاختبارات التي عاناها المجتمع ولا يزال يحاول بجد تلمس طريقه لتجاوز آثارها وتداعياتها لو استطاع.
        ولكن دعونا نمعن النظر في صحة هذه المقولة- المجلس النيابي ولد ميتاً و ضعيفاً لا يستطيع أن ينجز شيئاً - فهي كما نرى وجهة نظر تقديرية وتحتاج إلى إثبات ودليل، فإذا أعدنا فحص الموضوع بتجرد فسوف نرى أن هذا المجلس يمكن أن يشكل نواة تجربة مديدة ذات أفق وتطلع إلى بدايات حياة ديموقراطية واعدة تحتاج إلى التعزيز والدفع من كل الخيرين من أبناء هذا الوطن والحريصين على استمرار انطلاقة مشروع الإصلاح والتحديث منطلقين في ذلك من قاعدة تدعوا إلى اعتبار العملية الديموقراطية والمكاسب التي تصاحبها والمترتبة عليها هي محصلة لعملية تراكمية مرتبطة بمجريات الحراك المجتمعي العام وفي القلب منه حركة الاقتصاد والتنمية التي يجب أن يشترك في الإسهام في بناءها كافة فئات وطبقات المجتمع بما يشمل المؤسسة التشريعية والجمعيات السياسية والمهنية والرموز والشخصيات الوطنية الفاعلة في البلاد وعلى الخصوص السلطة التنفيذية ممثلة في الحكومة التي يقع عليها عبىء التخطيط والتنفيذ السليمين وقبل ذلك إبداء قدر أكبر من حسن النوايا. وذلك ما يدعوا إلى أهمية توفير وحشد كافة طاقات المجتمع وتوجيهها لدعم هذا التوجه وتركيز العوامل المساعدة على استمرار هذا النهج.
         لذلك ففي كل المجالس التمثيلية في مختلف دول العالم، نيابية، بلدية، محلية، في الدول المتقدمة كما هو الحال في النامية فإن الحكومة كممثلة للسلطة التنفيذية تسعى دائماً لتمرير سياساتها وبرامجها وتشريعاتها بصورة سلسة وتوافقية سريعة من غير إملاء أو فرض. والبحرين لن تكون خلاف هذا الواقع ولا استثناءً منه، إلا أن ذلك لا يمنع ممثلي الشعب المنتخبين الذين يتبنون القضايا العامة في تلك الدول من خوض غمار الصراع المرير ضد تلك البرامج والسياسات إذا تبين أنها لا تدعم حقوق المواطنين الدستورية والإنسانية، وإن ذات الواقع لن يمنع ممثلي التيار الوطني والديموقراطي من الاعتراض والائتلاف مع النواب الخيرين منعاً لتمرير القرارات الغير شعبية والمقيدة للحريات أو التي تحمي الفساد وتطلق أيدي الجلادين من منتهكي حقوق المواطنين الدستورية وكل ماهو في غير المصلحة العليا للمملكة وعزة وكرامة المواطن على هذه الأرض الطيبة، ومثل ما هنالك احتمال لحصول بعض التراجع في بعض المنعطفات وقبل استقرار التوازنات، فإن هناك أمل لحصول بعض عناصر التقدم لو أحسنت قوى المجتمع المؤثرة قراءة الواقع والعوامل المؤثرة فيه والمحددة لمساره وهو ما يفترض أن نستهدفه في عملنا البرلماني والوطني مما يجعل من مراكمة التقدم وتعزيز المكتسبات والإصلاحات والإنجازات ممكناً عبر السعي الحثيث لتوطيد المنظور القائل بأن العملية الديموقراطية تراكمية لا تأتي دفعة واحدة.
         ومن هنا نرى أن علينا جميعا المضي بخطى حثيثة للأمام للابتعاد عن نقطة البداية والاقتراب من الهدف الذي نرمي إليه في بناء الديموقراطية وحقوق الإنسان والمواطنة حتى نجعل من العودة للوراء عملية غير ممكنة وليست ذات جدوى. وسوف يدرك الجميع ولو – بعد حين – إن ما سوف يتحقق من خلال الممارسة السياسية الصحيحة داخل وخارج البرلمان سيجعل من مشروع الإصلاح خيار بناء الوطن وأمل أطفاله في المستقبل وأحد أهم محاور تحقيق المطالب الشعبية والارتقاء بمستوى أداء التنمية الاقتصادية والمجتمعية على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وماسوف يؤدي له هذا الحراك المستمر من تطوير في المستوى المعاشي للمواطن البحريني.غير إن على جميع القوى المؤثرة والدافعة لمسيرة تطور المجتمع الإدراك إن الوصول لهذه الغاية لاتتم عبر آلية الخط الهندسي المستقيم بل إن ذلك سوف يمر حتماً عبر خط متعرج يرتفع حيناً ويهبط أخرى، وبالمثل ربما يكون سقف التوقعات والآمال المعلقة على الأداء والإنجاز مختلفاً يتسع حيناً ويضيق أخرى حسب معطيات الزمن ،مما يرتب مسئولية على جميع الغيورين والحريصين وهي أن لا يجعلوا هذا المنحنى يهبط إلى درجة الصفر والعدم وفقدان الأمل من خلال إبداء حرص أكبر على إبقاء اقنية الحوار مفتوحة وذلك عبر المبادرة بالفعل المحسوب وليس بمعيار الربح والخسارة اللحظية لأن هنالك من المعطيات الموضوعية ماهو اكبر وأعمق ،وهي المصلحة المجتمعية في الدفع بأجواء الانفتاح وتعزيز المكاسب على الصعيد الاقتصادي الذي سينعكس - حتماً- فعلاً إيجابياً على الجبهة الاجتماعية والشعبية .
عبدالهادي مرهون
النائب الأول لرئيس مجلس النواب-البحرين
[email protected]
 

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طهران تزيد قدراتها على تخصيب اليورانيوم وفرنسا وألمانيا وبري


.. معركة رفح.. تقديرات بأن تنتهي العملية العسكرية خلال أسبوعين|




.. مظاهرة في تل أبيب تطالب بوقف إطلاق النار في غزة


.. حجاج بيت الله الحرام يتوجهون إلى منى لرمي جمرة العقبة في يوم




.. أهالي قطاع غزة يحيون عيد الأضحى وسط قصف الاحتلال المستمر منذ