الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليست العلّة في الدستور ، بل بالمسؤولين

هرمز كوهاري

2007 / 5 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


يتصور كثير من الساسة والكتاب ،بأن مشكلة العراق تنتهي أو يقل الأرهاب على الأقل بمجرد تعديل الدستور وبعض القوانين وأن هذا التعديل يكون مفتاح الحل!! ولهذا تنكب اللجان التخصصية من الساسة والقانونيين لإجراء التعديلات المقنعة للأطراف المختلفة !! ، ومع الأسف ،إن هذه تمنيات مُبالغ بها ! فالدساتير والقوانين في كثيرمن الدول العربية والإسلامية هي كالشعارات التي يرفعها الساسة وهم لا يؤمنون بها بل هي وسيلة للنفاق وإيهام الناس بعدالة وبجدية برامجهم وأهدافهم ! . ولكن ليس المهم ما تحتوي تلك الشعارات من الأهداف ، بل من يرفع تلك الشعارات ونوايا رافعيها .

كذلك الدساتير فليس المهم ما يدّون فيها بقدر أهمية حسن نية المشرع وسلامة مبدأه ومدى إخلاصه وإنتماءه للشعب والوطن ، فلا أهمية للدستور مهما كان متطورا ، منصفا لجميع فئات الشعب ، محتويا لجميع الحقوق والواجبات ، متجاوزا كل الخلافات والتخلفات والمشاكل والإشكالات التي تعيق تطور المجتمع . إذا لم يوضع بآياد أمينة كفوءة مخلصة للشعب والوطن ، بعيدة عن القومية الشوفينية والطائفية المقيتة والتفرقة العنصرية والمناطقية والإرتباطات الخارجية والمصالح الأنانية الشخصية الضيقة .,.

ونقول إذا كانت المشكلة بذات الدستور ! لكانت بريطانيا التي تعتبر أعرق دولة ديمقراطية في العالم ، داخليا على الأقل ، تلك الدولة الديمقراطية التي ليس لها دستور مدوّن ، لكانت دولة تعمها الفوضى وصراعات دموية وجثث مجهولة ومعلومة ملقاة يوميا في الساحات والطرقات والأزقة !! ، ولكانت خيم المهجرين والمهاجرين تضم ثلث الشعب البريطاني ، مهجرين قسرا أو عُسرا لأن ليس لهما دستورا مدوناً يحميهم !!

إن جميع الدول العربية تخدع شعوبها والشعوب الأخرى بأن لها دساتير عادلة ، كما أشرنا إليه أعلاه ، تضاهي بل تتفوق في بعض موادها وفقراتها ،على دساتير بعض الدول الديمقراطية !!، فقد تعلمنا منذ العهد الملكي في درس الواجبات الوطنية " أن العراق يتميز بديمقراطيته على بريطانيا العظمى أي أكثر ديمقراطية منها ! لأن له دستورا مدونا مُهدى من الشعب العراقي إلى مليكه المفدى ! ، بينما الشعب البريطاني يفتقر الى دستور مدون وإنما هو مجموعة ( عادات وتقاليد وقرارت البرلمان وقرارات المحاكم ،التي تعتبر أساسا للحكم!) والوثيقة التي صدرت منذ الثورة البيضاء قبل مئات السنين وتلك الوثيقة لم تكن هدية الشعب للملك بل بالعكس كانت هدية الملك للشعب !! وعلى سذاجتنا ونحن كنا طلاب المتوسطة في الأربعينيات ،كنا نسال أحيانا مدرس الواجبات الوطنية ونقول " إن ما نراه في الشارع غير الذي نقرأه !! فيقول مضطرا : ".. ما عليكم ، عليكم أن تحفظوا ما مكتوب وبس !!" مع هذا كانت جرائم القتل السياسي والقومي والطائفي والتهجير والتفجير والجثث المعلومة والمجهولة معدومة في ذلك ، عدا الصراعات بين العشائر ، وكانت جميع فئات الشعب العراقي غير المسلمة بما فيهم اليهود معزز ين مكرمين ، كان منهم قادة أحزاب ومسؤولين كبار وتجار وأثرياء وكان العراق أكثر بلدان الشرق الأوسط متطورا من حيث الأمان والنظام والتطور .

وما أريد قوله هنا : ما قيمة الدستورالمحشو بكلمات منمقة وأحكام مثالية ! إذا كان من يساهم أو أو يشرف على تشريعه و تنفيده وتطبيقه لايؤمن بما يدوّن بل مجرد للدعاية والإعلان والتبجح بأن لنا دستورا ديمقراطا متطورا !! مثالا على ذلك عندما بلغ الإستخفاف بحقوق الإنسان، الصلافة والوقاحة في عهد صدام ، أن يعين القاتل المحترف والمشرف على الإغتيالات في اوروبا ، برزان التكريتي ، ممثلا للعراق في منظمة حقوق الأنسان في جنيف !! ليقول صدام وأزلامه إننا نؤمن بحقوق الأنسان ومنتمين اليها ، بدلالة أن لنا ممثلا في المنظمة المذكورة !! وهكذا فعلت وتفعل أكثر الدول العربية والإسلامية وإن كانت أقل إستخفافا ووقاحة من عهد صدام !!

ونعود الى دستورنا الديني الطائفي الحالي ، ونقول : ما قيمة ماورد في مواده وفقراته من حقوق وواجبات !! ما قيمة الدستور العراقي " الديمقراطي " إذا كان الأشخاص الذين فوق أو خارج الدستور والقونين ، كالمرجعيات وملاليها ومليشاتها وغيرهم أكثر من الناس الخاضعين لذلك الدستور وتلك القوانين !! وما قيمة ما تتضمن تلك الحقوق والتي لاتقل عن حقوق الفرد في سويسرا والسويد مثلا !! وهناك من يزعق في الجوامع والحسينيات ويهدد المسيحيين وغير المسلمين " إسلموا لتسلموا .." وإلا يكون مصيرهم الذبح أو التهجير أو التفجير ، هؤلاء الذين يزعقون بهذا التهديد ، ليسوا إرهابيي القاعدة بل ربما ملالي في الإئتلاف الشيعي وتحت مسمع ومرأى الحكومة " الديمقراطية " المسؤولة عن تطبيق الدستور !! دون أن يكلف نفسه المالكي الديمقراطي بإعتقال الملا الارهابي أ والمحاسبة أو حتى الإستنكار !! بل قد يرتاح لذلك مازال برنامج حزبه يهدف " ..الى تحكم الإسلام في كل مفاصل الحياة " !!

حتى الدستور الذي يكتب بماء زمزم ويغلف بغلاف من ذهب ! لايعني شيء إذا لم تتوفر النوايا الحسنة لدى المسؤولين عن صياغته وتنفيذه مضافا اليه وعي وسمو الأخلاق لعامة الشعب أو على الأقل لأكثريته ، فكل ما زاد وعي المجتمع وسمت أخلاق وأتزنت تصرفات المسؤولين كلما قل حاجة الدولة الى الدساتير المعقدة ، وقل حاجتها الى جهاز متابعة تطبيقا للقوانين والتعليمات ، ففي الدول الديمقراطية المتطورة مثلا لانجد شرطة مرور في الشوارع مع ذلك نجد المخالفات المرورية شبه معدومة ، بعكس ما في الدول العربية والإسلامية التي تضيق شوارعها بشرطة المرور فتكثر وتضيق الشوارع بالمخالفات المرورية !!

وما قيمة ديمقراطية تلك الدساتير إذا كانت تلك الدول تفرض على شعوبها حالة الطوارئ والمحاكم الثورية والعسكرية بحجج وأسباب مفتعلة ! تدوم فترات تزيد على ربع قرن ومنها أكثر نصف قرن مثل النظام المصري والسوري بل في أكثرها ومنها نصف المجتمع مغيب وأقصد النساء والنصف الآخر " البدون " أي من غير المسلمين أو غير عرب من أحفاد عدنان وقحطان ،أو غير حزبيين في حزب الحكومة الديمقراطية !!!

كم من السيدات والسادة ،من الساسة و الوزراء و النواب الذين صاغوا قانون مكافحة الارهاب وهم جزء من الإرهاب سواء بالإيواء أو التمويل أو التحريض !! كم من السيدات والسادة من الساسة والوزراء والنواب إشتركوا في تشريع قانون ، النزاهة ، وهم ملوثون بالنهب والسلب من المال العام والخاص والرشاوى من أخمص قدمهم حتى شعر رأسهم !!، كذلك الطائفيون ،الذين أسسوا الطائفية وروجوها ويعيشون لها ويبنون مستقبلهم عليها ثم يشتركون في سن قانون ووصايا ضد الطائفية !!! .

ألا تنطبق عليهم الحكمة التي تقول :" لا تنهى عن خلق وتأتي بمثله ، عار عليك إن فعلتَ عظيم" !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تسيطر على الجانب الفلسطيني من معبر رفح.. وتوقف دخول


.. بعد قتله جنديين.. حزب الله يستهدف مجدداً ضباطاً إسرائيليين ب




.. هل سيطرة إسرائيل على معبر رفح مقدمة للسيطرة على المدينة بكام


.. شقاق متزايد في علاقة الحليفين.. غضب إسرائيلي من -الفخ الأمير




.. ترامب يتهم بايدن بتزوير المحاكمة لأهداف سياسية