الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإنسحاب بات وشيكاً.. وماذا بَعد ؟

أحمد الجُبير

2007 / 5 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


من قراءه بسيطه للأحداث المتسارعه في العراق، ولما يَدور في اروقة الإدارات ومراكز البحث الأمريكيه، وللضغوط المستمره التي يمارسها الديموقراطيون ذوي الأغلبيه في السلطه التشريعيه، ومن قراءه متأنيه للصحافه البريطانيه والتي ما فتأت القول بأن خليفة بلير والمرشح القادم لرئاسة الوزراء البريطانيه،(ينوي سحب القوات البريطانيه من العراق بالتفاوض مع الأمريكان) ونتيجه للإستعدادات التي تتم في العراق لما بعد الإنسحاب(في حال حصوله فوراً)، وبالأضافه الى مؤشرات أخرى نتيجه لتحركات سياسيه تدور كلها في نفس المحيط (كالحوار الأمريكي الإيراني بشأن العراق، ومشروع تقاسم النفط، والمصالحه الوطنيه،(كلها مشاريع أمريكيه مفروضه على المسؤولين العراقيين) والزيارات المكوكيه لمسؤولي عراقيين لأمريكا وغيرها) نلاحظ بأن هناك تغييراً كبيراً سوف يحصل في القريب العاجل، وبأن الأنسحاب بات وشيكا من العراق.
فإذا كان الإنسحاب نتيجه منطقيه للوضع الكارثي الذي زًج به الرئيس الأمريكي بلاده، (بناءاًعلى نبوءآت تحوي في طياتها الحقد والكراهيه لكل ماهو عربي ومسلم، وللأحساس المفرط بالقوه والعَظَمه الذي أتى بغير محله) فهل أن الإحتلال ذاته كان نتيجه منطقيه ويخلوا من أي حساب. للأسف هناك الكثير الذي لايتقبل القاعده القانونيه التي تقول بأن كل مابُنيً على باطل فهو باطل. فإذا كان الإحتلال باطلاً جملةً وتفصيلاً (برغبة الشعوب أو وفق القانون الدولي) فهل لنا أن نقول بأن كل ما بناه الإحتلال باطل؟ وهل يجوز للمجتمع الدولي محاسبة كل الذين تسببوا في هذه المآسي للعراق ولشعبه؟. أم أن هذه الجريمه ستمر كما مرت الجرائم الإنسانيه العديده في حق شعوب وأقوام مختلفه في العالم؟.
فلنعد بالذاكرة لمن لايريد التَذًكر بأن مبررات الإحتلال كانت مزوره وغير حقيقيه، وقد أثبتت الوقائع خلاف ماإدعته الإداره الأمريكيه والحكومه البريطانيه، ولم يتم العثور على اسلحة الدمار الشامل المزعومه، والتي أرعب بها بوش وبلير بسطاء الناس والسذج وهلل لها كل الطامعون وذوي الضمائر الميته والخونه من كل جنس. كما ولم يعثر لأي دليل لعلاقة النظام السابق بتنظيم القاعده الإرهابي حسب إعتراف المصادر الأمريكيه والبريطانيه نفسها. وحين تعترف الدول المحتله بعدم صدقية معلوماتها تلك. فبأي منطق إنساني أو قانوني يجيز لهذه البلدان الإستمرار بإحتلال البلد وتدمير كل شيء فيه، وتكبيل وتقتيل وتعذًيب أبناءه بأسوأ صوره عرفتها الإنسانيه حتى الآن. وحيث لم يكتفوا بالذين واجهوهم أطالت حملتهم كل بريء من طفل وشيخ وأمراه.
والكل يعرف بأن المنتفعين والخونه لأوطانهم والأذلاء، لاهمً لهم سوى التشبث بأولياء النعم، فرحيل المحتل يعني إنقطاع سُبل العيش الرغيده على حساب كل شيء، حتى الكرامه! (أية كرامه؟).
فهل فكر هؤلاء بما بعد الإنسحاب؟ أم انهم سينسحبون وأياهم كما جاءوا أول مره؟ وسيكون حالهم حال (الأقدام السوداء) (وهو اللقب الذي أُطلق على خونة ثورة الجزائر، حين قاتلوا أبناء شعبهم الى جانب المحتل الفرنسي)، والذين قال عنهم( جورج فرييش) رئيس بلدية مدينة مونتبلييه الفرنسيه، وأحد البرلمانيين عن الحزب الإشتراكي الفرنسي مؤخراً بقوله( نحن الذين جعلنا منهم رجالاً) بمعنى أدق، إن خونة شعوبهم مهما قدموا من خدمه للمحتل، فأنهم لايَرقون الى مستوى الرجال.
فما الذي سيَتخًلد بعد رحيل المحتل بأكثر من ديار تهدمت، ومناطق تسًورت، وأبناء تيتمت، ومشاغل تعطلت، ورجال فقدت، وعوائل ُشردت، وأموال نُهبت، وكرامةُ تدَهورت، وذمم إنمحت.
فإذا وجدنا مقابر الأمس فهل لنا أن نجد مقابر اليوم؟ وإن وجدناها فكم سيكون مضاعفاً أعدادها في هذا الزمن القياسي؟ زمن الحريه والديمقراطيه(زمن آلاف الجرائد التي تعود ملكيتها لآلاف من الأحزاب الطائفيه والعرقيه والتي تعمل جاهده على تقطيع البلد وشعبه بإسم الحريه المفقوده ) واللتان حصلنا عليهما وفقدنا كل شيء في مقابلهما (التعليم والصحه والماء والكهرباء والأمن) والأهم من كل ذلك (الإنسان وهويته ومن ثم الوطن وتبعيته!).
إن من الجهل الأعتقاد بأن الذين جاءوا في ظل الأحتلال لهم القدره على إعادة لحمة الوطن، وقد وصفهم (بول بريمر) أول حاكم مدني أمريكي للعراق بعد الإحتلال بكتابه الذي نشره مؤخراً بأن القاده الذين عينهم بنفسه كانوا( غير قادرون على تسيير مظاهره في أحد شوارع بغداد) فما بالك عزيزي القاريء وهؤلاء على قمة قيادة البلد، وما بالك والأقل منهم شأناً يقودون البلد اليوم ويرومون ذلك لما بعد رحيل المحتل.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: ما الذي قدمته هذه القياده لهذا الشعب الذي أضناه فقدان كل شي تملكه الإنسانيه في عالم اليوم، فإذا كان العذر هو الوضع الأمني المتدهور في المناطق الساخنه، فما الذي قدمته في المناطق الآمنه غير زيادة البؤس والحرمان والبطاله وإرتفاع نسبة الجريمه وتهريب كل شيء، وفقدان كل شيء، ناهيك عن زرع الفتنه الطائفيه والقتل المجاني، وإنتهاك الحرمات، وتهجير الناس والإستيلاء على أموال الآخرين، وترويج المخدرات، ومساندة شبكات القتل والترهيب، زد على ذلك، تراكم القاذورارت والإهمال والرشوه وشراء الذمم وما الى ذلك،(أرقامها في إرتفاع مستمر). فما هي هموم القياده الجديده إذن؟
والجواب هو كما تنشره الصحافه العراقيه ذاتها بأن لاهم للمسؤولين( بمن فيهم مسؤول لجنة النزاهه التي الفتها الحكومه ذاتها) سوى النهب وإستخدام النفوذ والسرقه لكل ماتصل اليه أيديهم، والآن ورغم أن كل شيء في أيديهم، فإنهم يتصرفون بصيغة المعارضين لأنفسهم، لانهم لايجدون من يعارضونه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمود ماهر يخسر التحدي ويقبل بالعقاب ????


.. لا توجد مناطق آمنة في قطاع غزة.. نزوح جديد للنازحين إلى رفح




.. ندى غندور: أوروبا الفينيقية تمثل لبنان في بينالي البندقية


.. إسرائيل تقصف شرق رفح وتغلق معبري رفح وكرم أبو سالم




.. أسعار خيالية لحضور مباراة سان جيرمان ودورتموند في حديقة الأم