الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المستنقع الآسن

حسن عماشا

2007 / 5 / 25
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


من قعر المستنقع يخرجون إلى صومعاتهم الحديثة, المكيّفة, وحواسيبهم المتصلة بالعالم. يتربعون ويستطلعون الأخبار, في الوكالات والصحف الألكترونية. ومن ثم يخرجون علينا بدعوة إلى رحاب أذهانهم, يرسمون لنا اللوحات الزاهية لمستقبلنا. فلا علم ولا تاريخ ولا كينونة؟!!. تولد الظواهر عندهم كل يوم بيوم. تسقط الخصائص الاجتماعية والتاريخية, للأمم والشعوب, من الحساب. وكل صراع هو عبث يعكر مزاجهم؛ ويصبح الإنسان عندهم واحدا رغم اختلاف الزمان والمكان. وما عليه إلا أن يصغي لمواعظهم ونظرياتهم حول " قبول الآخر" الفارغة من أي مضمون. وحلّ التناقضات، "بالحوار الديموقراطي"!!.
وسقطت من قواميسهم ومفاهيمهم مقولات :"الصراع الطبقي"، والاستعمار حتى بأبشع صوره المتمثلة, ب"الاستعمار الاستيطاني". لتحل محلها مفردة واحدة هي: "الديمقراطية"؛ بسحرها تختفي كل التناقضات؛ هي أيديولوجية العصر – بل الدّين الجديد -، وكل محاولة لتوصيفها أو تحديد قواعدها كفرا بها ومساس بقداستها.
ب"الديمقراطية" يتساوى كل شيء، بكل شيء؟. الجزء هو كل، يتساوى بالوزن والقيمة. الحبر كالدم، التضحية القسرية بيوم عمل، كالتضحية بالنفس بوجه غازي.
عذرا عودوا إلى مستنقعكم وأخرجونا من أذهانكم, نعيش في الواقع الموضوعي وإن كان المستنقع جزا منه، وفي ضوء الشمس التي تهربون منها نرى:
منذ تأسيسها كانت، "الدولة" في لبـنان بما تعنيه: أرض وشعب ومؤسسات, انعكاس لموازين مركبة تترجم المصالح الإقليمية – الدولية وكان استقرار هذه "الدولة " رهن استقرار تلك المصالح. والفرق المكونة للنظام السياسي للدولة، المسماة "طوائف" هي تعبير عن تلك المصالح وتتحدد قوة وحصة أي من هذه الطوائف (الفرق) بقدر الأثر الذي تمثله القوة الدولية أو الإقليمية التي ترتبط بها.
لأن مجتمعنا مجتمع بدائي يعتمد على الاقتصاد الريعي والزراعة المحدودة والحرف المتخلفة وطابعها الفردي العائلي. وتنحصر روابطه الاجتماعية في حدودها الضيقة: العائلة، القرية، المنطقة, أو نخب معزولة تخرج من جلدها. وفي ظل ضيق سبل العيش كان لابد من التجاوز والبحث عن مجالات أرحب. إن توافرت كانت محكومة بالمرور عبر إقطاع يسمى: ديني، طائفي، سياسي. المحدود في القدرة أصلا على تلبية الحاجة - هذا إن توفرت النية لذلك -.فكانت الهجرة إلى ما وراء البحار تصدّر جزءا من الفائض البشري الذي يؤخر الانفجار دون أن يلغيه – بسبب النمو المطرّد لهذا الفائض – ومع استمرار التراكم والاحتقان كان يقع (الانفجار) وحجمه يحدد ما إذا كانت إزالة آثاره تتم عبر بعض التجميل أو استدعاء المراجع الإقليمية – الدولية لوضع صيغة معدلة يضاف عبرها أعضاء جدد إلى نادي النظام ويمر عقد ونعود من جديد: أزمات، هجرة، احتقان, ثم الانفجار. وهنا ينفتح الداخل اللبناني على الخارج الإقليمي – الدولي. الذي يجد فيه الأرض الخصبة لتحقيق مآربه (مصالحه). الذي بدوره يعطي للأزمة أبعادا مفتوحة تتيح له المقايضة لدوره في المنطقة.
يضاف إلى ذلك عاملا جديدا أنتجته الحرب الأهلية في العام 1975-1990 حيث, ولدت في ظلها كتلة اجتماعية جديدة, موزعة في كافة المناطق وعلى كل الطوائف. وتمثل القوة السائدة في الحركة السياسية. موحدة من حيث نمط عيشها وموزعة بين زعماء المناطق والطوائف. وتميل أجزائها تبعا لميول زعمائها, قطيع له عقل واحد هو عقل الزعيم. رغم المناصب التي احتلوها بعد الحرب؛ وزراء, ونواب, ومديرين, هم أعضاء مكاتب سياسية, ولجان مركزية في أحزابهم وتنظيماتهم. لم تسجل حالة واحدة من هؤلاء, منذ نهاية الحرب حتى يومنا هذا, بان يكون الوزير وزيرا لكل لبنان, أو النائب نائبا لكل لبنان. ولا حتى معبرا عن كتلة اجتماعية طبقية معينة. من توهم منهم وحاول أن يلعب خارج الدائرة المرسومة من قبل الزعيم طواه النسيان بين ليلة وضحاها. ومن هم دون ذلك موظفون على اللوائح المالية وحسب ولا يعرفون الإدارات التي ينتسبون إليها.
شكل اغتيال رئيس حكومات "الطائف"، رفيق الحريري، العبوة الناسفة لصيغة التفاهمات الإقليمية – الدولية، حول المنطقة ومن ضمنها لبـنان. والتي دامت ما يقارب العشرين عاما. تلك الصيغة التي قامت على أساس استراتيجية أمريكية هدفت إلى "تسوية" الصراع العربي – الصهيوني؛ في إطار المفاوضات والتي إنطلقت من مدريد، وأنتجت سلسلة من الاتفاقات والتفاهمات بين "إسرائيل" و منظمة التحرير الفلسطينية وعدد من الدول العربية. أبرزها "اتفاقات أوسلو" و" وادي عربة"، كانت جميعها تتسم بالتنازلات العربية لصالح العدو الصهيوني؛ بحجة الاختلال في موازين القوى لصالح العدو، على كل الصعد وفي كافة المجالات. وكان الاتجاه السائد بين الأطراف المعنية يتوزع على مستويات ثلاث: الأول: متحمس ومندفع لتحقيق التسوية بأي ثمن؛ في مقدمته الراحل ياسر عرفات. الثاني: متردد ينتظر ما يتحقق وينسج علاقات مع "إسرائيل" على ضوءه؛ وهذا حال دول الخليج. أما الثالث: متحفظ ومتمسك بما تبقى له من حقوق.
غير أن مسارا آخر كان ينمو ويتوسع من قوى ترفض التسوية وعملت على مقاومة الاحتلال الصهيوني واتسعت فعالياتها بما يفوق بدرجات كبيرة الفعالية التي كانت تتمتع بها القوى التي انخرطت بالتسوية.
فتخرج علينا طحالب المستنقع لتقنعنا ب"أن لبنان يمر الآن في مرحلة تأسيس الدولة من جديد".؟!!
و"تحقيق السيادة والاستقلال". عبر التحالف الشباطي المكون أساسا من ثلاثي الانعزالية التاريخية، والمذهبية القبلية، والرأسمالية المافياوية.
حسن عماشا










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صفقة الاتحاد الأوروبي مع لبنان..ما خلفياتها؟| المسائية


.. بايدن يشدد على إرساء -النظام- في مواجهة الاحتجاجات الجامعية




.. أمريكا.. طلاب يجتمعون أمام منزل رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شف


.. الجيش الإسرائيلي: 12 عسكريا أصيبوا في قطاع غزة خلال الساعات




.. الخارجية الأمريكية: هناك مقترح على الطاولة وعلى حماس قبوله ل