الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محنة السلم العالمي

بن سعيد العمراني عبد السلام

2007 / 5 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


ما بين روعة الحلم المنشود في تحقيق سلم عالمي بين كل المكونات و الفرقاء و بين واقع الصراع المزمن المهيمن على الساحة الدولية يجب على الإنسانية أن تخطو خطوات كثيرة و أن تقصي سلوكيات كثيرة و رؤى فردانية عنصرية متعددة.
فالمتأمل للسياسة الأمريكية و ما تعرفه من تجاوزات و إجحاف في حق شعوب بأكملها بتأييدها للسياسة العدوانية لإسرائيل و باستمرارها في احتلال العراق دونما وضع رؤية واضحة لمعالم المستقبل و باتخادها لقرارات فردانية ضدا على الإرادة الدولية و بمحاولاتها احتكار الهيمنة و احتكار التكنولوجيا الحديثة... و المتأمل لردود الفعل التي ما فتئت تتناسل لتحمل دعاوي الإسلام السياسي الثيوقراطية إلى الواجهة في إيران و فلسطين و السودان و الصومال (و إن لمدة قصيرة) و العراق.. بكل ما حملته من مخلفات دمار و تناحرات لا تنتهي و مسلسلات عنف دموي طاحنة و لتدفع لظهور حركات انفصال عرقية (التاميل، الأكراد...) بكل ما تشكله هاته التطورات من بؤر انفجار صعبة التحكم يدرك مدى حجم المأساة التي يعرفها السلم العالمي.
فالعالم أضحى اليوم (بما يعرفه من دعاوي انغلاق ديني و عرقي و لغوي و إيديولوجي من جهة و رغبة القوى الدولية في الهيمنة و السيطرة من جهة أخرى) ساحة للمواجهة و العراك دونما اهتمام بصيرورة و مستقبل البشرية.
و تشكل حالة العالم الإسلامي حالة خاصة لما يعتمر المنطقة من أزمات و مواجهات و عنف دموي لا متناهي و لما تعرفه من انتشار لعقيدة المؤامرة و فكرة ضرورة السيطرة على العالم و محاربته. إذ لهاته الاعتبارات المتشكلة أساسا من انتشار حركات الإسلام السياسي فإن العالم الإسلامي (كما الأقليات المسلمة التي تعيش في مجموع دول الغرب) أصبح ينحو إلى العزلة و الابتعاد عن فكرة المصير الأوحد للبشرية، بل الأدهى أصبح ينحو إلى الاستعداد إلى حمل العالم لمواجهة حضارية قد تشكل انتكاسة شاملة للبشرية بسبب الحجم الذي قد تأخده. و مما يزيد الوضع تعقيدا (كما أدرجنا في بداية المقال) السياسة المحافظية المتعثرة للجمهوريين بالمنطقة، و التي تشكل مصدرا و سببا في تقوي حركات الإسلام السياسي.
إذن، منطق البقاء يحتم التفكير في بعث ثقافة السلام من جديد، و يفرض على كل المجتمعات و الفرقاء النزوع إلى حوار حضاري كفيل بتقريب المسافات خاصة و أن التاريخ (و رغم كل الانكسارات و المواجهات) يشكل مثالا حيا على الكيفية التي مكنت البشرية من تحقيق تراكم حضاري مهم و يدفعنا أن نقتنع بأنه من الممكن إلغاء منطق صراع الحضارات كأسلوب لتدبير الاختلاف العقائدي و الاثني و اللغوي... و تظل مسألة الدفاع عن مأسسة علمانية إنسية، في نظرنا، هي مقدمة الطريق من أجل الوصول لحالة الوئام و السلم الداخلي في كل الدول التي تعرف نزعات متباينة ثم حالة سلم عالمي في مرحلة ثانية.
كخلاصة، على كل الفرقاء أن يتشبعوا بنظرة مستقبلية تطرح ضرورة الحفاظ على النوع البشري كأولوية قصوى و على حركات السلام العالمية أن تنفض الغبار و تتحرك لتعبئة المجتمعات لفكرة السلام، و على المفكرين تبقى مسؤولية طرح بدائل الصراع و علينا أن نعرف أن العلمانية الإنسية، كفكرة تؤمن بمركزية الإنسان في الكون و تؤمن بحلم تعايش الأديان و الحضارات في وئام، أن تكون نبراسا و هدفا لجيل جديد مجبول على احترام الآخر و الرغبة في العيش بسلام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: اتهامات المدعي العام للجنائية الدولية سخيفة


.. بعد ضغوط أمريكية.. نتنياهو يأمر وزارة الاتصالات بإعادة المعد




.. قراءة في ارتفاع هجمات المقاومة الفلسطينية في عدد من الجبهات


.. مسؤول في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي يعترف بالفشل في الحرب




.. مصر تحذر من أن المعاهدات لن تمنعها من الحفاظ على أمنها القوم