الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القزمة

صبيحة شبر

2007 / 5 / 26
الادب والفن



جلست في غرفتي ، وحيدة ، لااقوى على الحركة ، أفكر ان أقاوم الحالة البائسة التي أنا فيها ، ولكن قدماي لا يطاوعانني ، أظل جالسة على سريري ، لا اقدر على الحركة ، ترد الى راسي رغبة في القيام ، ولكن جسمي لايحب الامتثال
اسمع نداء أمي ، يأتيني ، بإلحاح ،
- مها ، ابنتي ، هيا انهضي ، حان أوان الانصراف
أزيح الغطاء الثقيل عن جسدي ، برهة ، تتصارع في داخلي أفكار ، متناقضة ، كل منها يأخذ بيدي الى جانب ، نوازع مختلفة تتصارع ، يقلقني ما حل بي ،
ولماذا اخترت أنا من دون خلق الله الآمنين ، ان يمثل معي تلك المسرحية الهزلية ، لاستدرار الضحك من أفواه البائسين ؟
- مها ، ابنتي هيا انهضي ، الحليب ساخن
فجأة وعلى غير توقع مني ، اسقط صريعة للتردد ، وعدم القدرة على اتخاذ القرار المناسب ، موقف محدد يلزمني ، لماذا أصبحت هكذا هشة ؟ ولقد عرف عني سرعة البديهة ، والذكاء المتوقد ، هل يمكن ان تغير كلمات قليلة ، من توجه انسان ، وتجعله عاجزا عن الحركة ، بعد ان كان الجميع يشهد بنشاطه الكبير ؟
- مها ، ابنتي ، جميعنا ينتظر
أحاول ان استجيب للنداء المتكرر ، ولكن فكرتين متصارعتين تمسكان بي ،
أنجزت كل واجباتي بمنتهى الكمال ، أديت امتحانات نصف العام ، بمهارة ، أنتجت تفوقا كبيرا ، مثيرا للإعجاب
- مها ، حبيبتي ، هذا آخر نداء ، أنت حرة
اجتمعت الطالبات في الساحة الكبيرة ، وزع المدير الشاب نتائج الامتحانات ، كل طالبة تسمع ملاحظات الهيئة الإدارية ، وكلمات الأساتذة ، عن اجتهادها ، ومستواها الدراسي والأخلاقي
لماذا أصبحت منهكة القوى ؟ خائرة الإرادة ؟ بعد ذلك النشاط الغريب
- مها :طالبة مجدة ، خلوقة ، هادئة ، تحظى بتقدير الجميع
أحاول ان اجعل قدمي تستجيبان لإرادتي ، وتقدمان على النهوض ، والإسراع للالتحاق بركب الصديقات ، راسي يحيط به الخواء ، لم اعتد على هذه الحالة ، ان تنازعني الهموم ، وان تسود الطرق ، ويضمحل الوضوح
يواصل المدير الوسيم مديحه لي ، كم يستهويني كلامه الجميل ، فهو غيث يسقط على الأرض الجديبة ، فيحيلها خضراء
تنطلق همهمة من بعض الطالبات ، كلمات المدير تنقلني الى عوالم سحرية
- أحرزت مها على نتائج رائعة ، درجاتها عالية ونهائية في معظم الدروس ، أخلاقها رفيعة
وأنا أطير فوق السحاب ، تنزل بي الهمهمة إلى ارض سحيقة ، اسمع صوتا مألوفا يهمس :
- لكنها قزمة
تنبعث الضحكات المكتومة ، أتظاهر إنني لم اسمع ، والوصف ذاك يرعبني ، تر مضني حقيقته
لماذا أصبحت بهذا العجز ، وأصابني الذهول بعد كلمة واحدة ، وكنت واثقة منها ، مدركة لوجودها ، أ لأنه سمعها بملء الأذنين ؟
أحاول ان انطلق من فراشي ، والتحق بدروسي ، رنين تلك الكلمة يلاحقني ، يئد قوتي ، يبيد ما اتصفت به ، من رباطة جأش وقوة إرادة ، أفكر ان انهض ، وأبدد ما اعتراني من ضعف ، وشعور بالانهزام ، ومن تردد ، لماذا تؤلمني هذه الصفة ؟ والله قد انعم علي الصفات الحسان ، اسمعوني إياها في الصغر ، وكانوا يلحون في ترديدها حين كبرت ، استدار جسمي ، وظهرت به معالم الأنوثة والجمال ساطعة ، وبوضوح كبير
- قزمة ، قزمة ، قزمة
نعو انا قزمة ، رغم جمال الوجه ، وتناسق أعضاء الجسم ، رشاقة واضحة ، وبسمة دائمة ، وذكاء متوقد ، ماذا كنت أتوقع ؟ حقا انا قزمة ، وبشكل واضح لايمكن إنكاره ، ومهما انتعلت من أحذية ،عالية الكعوب ، فانا قزمة ، وبجدارة
ولعله يدري بهذه الحقيقة ، التي يدركها كل ذي نظر
يصفو ذهني ، تعود الي إرادتي ، انهض من سريري ممتلئة نشاطا ، عازمة على ان اخط لنفسي مسيرتها الناجحة

صبيحة شبر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان بانكسي يفاجىء جمهور فرقة موسيقية بإلقاء قارب مطاطي عل


.. كاظم الساهر: الجمهور المصرى راق وحفلى كان بمثابة -عرس




.. العراق. أيام التراث الموصلي مهرجان لنشر تقاليد وثقافة الموصل


.. إليكم ما كشفته الممثلة برناديت حديب عن النسخة السابعة لمهرجا




.. المخرج عادل عوض يكشف فى حوار خاص أسرار والده الفنان محمد عوض