الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الورقة الثانية:مدارات العتمة
مهدي النجار
2007 / 5 / 26سيرة ذاتية
حملنا العمايات فوق أكتافنا ورحنا نسير على قفانا بأتجاه اللامعقول حتى دخلنا مدارات العتمة . تصحرت السماء ومارت فوق رؤوسنا ومن تحت أقدامنا ، نزت الارض ماء يشبه المطر . شاهدنا حيوانات لبونة هائلة لاترضع بناتها من ضروعها بل تقضمها بأسنانها تحسباً لعجاف السنين وموت الزرع والضرع . رأينا النائبات تشبه نواعير ماء تصب رذاذ فضائحها على قلوب بائعات المجد لأهلنا في أزمنة الخرافات السحيقة . رأينا سيوف التاريخ الرشيقة تأكل من خاسراتها ومن أسنتها حتى تنطلي على الناس حكاية بريقها الزائف. رأينا أنفسهم مزوري التاريخ ومرممي رجالات العنفوان يقفون صفا ً جباراً يستلطفون السماء أن تنزل عقابها على الخيانات والبدع وعلى تضاريس الارض . يستلطفون السماء أن تنزل جام غضبها على أولئك الذين باعوا خواتمهم وأسرارهم في غفلة من نار سقر .
علامّ سقطت جباه الناس من قطرات الخجل ؟!
أنذرتنا العتمة أن لا نستفهم. بقينا مشدوهين نرى . رأينا عجيب الزمان . رأينا الرصاص فالتا ً مثل شبح يتعذر الامساك به . رأيناه في عنفوان توحشه وصحوته يمضع الاجساد والاشجار والشوارع . يقتحم صفاء أقلام المدارس ويفض بكارة ضفائر الصغيرات غير آبه بأستغاثات الازهار ودموع العصافير وصرخات مآتم الاشلاء . كان الرصاص فصلا آخر من البلبلة والخزي قد بدأ في العتمة .
رأينا الناس يموج بعضهم في بعض تنطلق من أفواههم حكايات تشبه المخالب. يصطادها آخرون ويجعلوا منها رضاعات لأولادهم الخدج . مهزأة !! ماذا يستفيد الولد حين يكبر من المخالب ؟ ستضمه العتمة في قلبها لأنه يعرف كيف يخدش الضمائر ويخدش البصائر . يقامر بكل شيء ويلعب بكل شيء يسرق حتى صلصال أبيه ليشتري به لذات ومسرات . تصرخ الكتب المعمرة: هذه فاحشة يا أبن آدم !!
شاهدنا الكتاب الجميل (سلوة أيامنا المرضوضة ) منكفئاً في باحات الغجر بقوائم أربع وبأذنين مشرئبيتين وذيل يهش به لدغ العقارب . رأيناه يختلس من بين أوراقه العتيقة عطر البلادات والغباءات ويرشه على سحن الداخلين الآن الى مضارب الغشاوة . آه ، تألمت أفئدتنا : حتى أنت يا كتاب !.... يا أعقل الاشياء التي علمتنا في مجامر الاعمار دروسا ً بأستنطاق البهائم وترويض الحماقات وأجتياز عاديات الزمن !!
نّمت العمايات مثل حلفاء متوحشة فوق أكتافنا . حملناها عاهات ورحنا نسير بها بأتجاه الالتباسات والنجاسات والفظاعات . حتامّ تظل العتمة هائمة بالناس . تقول الحجارة التي ليس لها لسان : نظفوا بيوت العقل . تواً تحسرنا . شاهدنا الموت ملثماً يطفيء القناديل ويحرس أبواب الرب !!
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. تحذير دولي من كارثة إنسانية في مدينة الفاشر في السودان
.. أوكرانيا تنفذ أكبر هجوم بالمسيرات على مناطق روسية مختلفة
.. -نحن ممتنون لكم-.. سيناتور أسترالي يعلن دعم احتجاج الطلاب نص
.. ما قواعد المعركة التي رسخها الناطق باسم القسام في خطابه الأخ
.. صور أقمار صناعية تظهر تمهيد طرق إمداد لوجستي إسرائيلية لمعبر