الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يقف وراء الهجمات على الأمريكيين في العراق؟

فالح عبد الجبار

2003 / 9 / 7
الارهاب, الحرب والسلام


 " 7 آلاف متطوع عربي تقطعت بهم الأسباب فلجأوا مضطرين إلى المقاومة" 50 - 30 ألف رجل من أجهزة أمن صدام لجأوا إلى العمل السري بعد سقوط النظام 
بعد مرور أربعة أشهر على سقوط نظام صدام، يبدو أن العنف الموجه لقوات التحالف، على السطح، ينشط وربما يتصاعد، كما يبدو أن له مجموعة من المصادر والأسباب التي ربما تكون سياسية أو أيديولوجية أو ثقافية أو بدافع الفقر أو الأخطاء التي تقع فيها سلطة التحالف الموقتة•
وفي الوقت الذي لا يؤيد فيه معظم العراقيين سياسة العنف إلا أنهم لا يعارضونها بفاعلية أيضا، وهذه إحدى المفارقات الكثيرة في الأحجية العراقية•لقد شهد العراق اتجاها مضطردا من الهجمات منذ بدء الاحتلال، وهي الهجمات التي استهدفت المنشآت النفطية والمرافق العامة ولكن معظمها استهدف القوات الأمريكية•لقد قلل وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد من أهمية هذه الهجمات على اعتبارها من تنفيذ مجموعات معزولة ومشرذمة، ولكن القائد الجديد للقيادة المركزية للقوات الأمريكية الجنرال جون أبي زيد قال إن قوات التحالف تواجه ما يبدو أنها حرب عصابات منظمة•المناطق الرئيسية للهجمات:يبدو أن عمليات العنف منظمة جيدا ومتواصلة، كما أنها تستفيد من حالة عدم الرضا والشعور بالكبرياء المجروح ومن المجموعات الصغيرة المهمشة والتحريض الإعلامي الإيراني والعربي والتمويل الجيد وحالة العزلة عن الناس التي فرضتها سلطة التحالف على نفسها، إضافة الى الأخطاء الثقافية التي ارتكبتها في تعاملها مع المجموعات المحلية•وعلى الرغم من أن العنف السياسي والأيديولوجي لايزال معزولا عن التيار العام، مؤسساتيا وشعبيا، إلا أنه قد يكتسب قوة متزايدة إذا استمرت معاناة الناس، فالحرب من أجل كسب السلام والاستئثار بقلوب وعقول العراقيين، وفوق كل ذلك، لمساعدتهم على عودة الحياة الى طبيعتها واستعادة حكمهم لبلادهم، أصبحت مسألة حاسمة، فالتغطيات الإعلامية العربية والعالمية لأعمال العنف في العراق، تصورها وكأنها حركة مقاومة وطنية شاملة، ولكن نظرة عن قرب لما يحدث تكشف أنها محصورة في منطقتين هما مربع الفلوجة - بلد - دلويا - يوسفيا في محافظة الأنبار غرب وشمال غرب بغداد، والمنطقة الواقعة حول بعقوبة في محافظة ديالا شرقي بغداد•لقد خسرت محافظة الأنبار الكثير بسقوط صدام، فمنها انحدر رئيسان للعراق والكثير من رؤساء الوزارات وعدد كبير من الوزراء والمئات من القادة العسكريين والآلاف من رجال الأعمال الأثرياء•وتضم المحافظة مزيجا من القوميين العرب والأصوليين "مثل السلفيين الوهابيين" وروابط قبلية قوية، كلها تخشى حالة من عدم الاطمئنان والإحساس العميق بالهزيمة، لقد ازدهرت هذه المنطقة في ظل الحكم البعثي، والآن تشعر أنها مهمشة، ومع ذلك، هناك أيضا، أغلبية صامتة في محافظة الأنبار، تعارض العنف وترغب في عودة الحياة الى طبيعتها•القبائل:على العكس من محافظة الأنبار، يتألف سكان محافظة ديالا الزراعية الفقيرة من مزيج من الأثنيات يشمل العرب والأكراد والتركمان، ويعتبر الجزء الأسفل العربي منها نسخة من الأنبار من الناحية الثقافية، وفيه نزعة سنية قوية وانتماء قبلي قوي أيضا تجمعهما حركة صوفية•وتشير الشائعات الى أن صدام حسين يختبئ أحيانا عند رجال القبائل في المناطق الريفية من هذه المحافظة، وقد زاد عدد الهجمات التي وقعت في هذه المنطقة إثر مقتل عدي وقصي في الثاني والعشرين من يوليو الماضي•وكان صدام يرعى هذه القبائل ويقدم لها المال، وكان "الحزب الإسلامي العراقي" ينشط أيضا في شوارع الكثير من مدن محافظة ديالا وخاصة في بعقوبة، وكما في حالة الأنبار، تسود في هذه المنطقة مشاعر مناهضة للأمريكيين•ويوجد أيضا جيب أو جيبان من المقاومة في مدينة الموصل، بينما يبدو الجنوب هادئا باستثناء بعض الحوادث في قرية "مجار الكبير" في محافظة العمارة، وبالمقابل، أصبحت كردستان منتجعا تقصده قوات التحالف للراحة والاستجمام في نهاية الأسبوع، فالبيئة هناك سلمية وودية ودرجات الحرارة فيها معتدلة• الموالون للنظام السابق:فمن الذي يقف وراء الهجمات إذن؟ ربما يكون الجواب الفضفاض والغامض، هم الموالون لصدام حسين، ولكن من هم هؤلاء، وهل هم في القتال وحدهم؟لقد ذابت أجهزة الأمن الصدامية في منتصف إبريل الماضي، وأصبحت تعمل تحت الأرض، ويقدر عدد هذه القوات بـ 50-30 ألف رجل يتمتعون بخبرة غنية في مجال العمليات السرية ولديهم الحافز والعنصر البشري، ناهيك عن الموارد المالية التي تقدر بمليارات الدولارات•لقد أصاب القرار الأمريكي بحل الجيش والشرطة، أعضاء هذه الإدارات بالنفور ودفع بالكثيرين منهم لإعادة تجميع صفوفهم بشكل سري•لقد أسفرت الحرائق وعمليات النهب عن تدمير الأرشيف الذي كان يمكن أن يساعد الأمريكيين في ضبط ضباط الأمن والاستخبارات، فقد أقام أنصار النظام بإضرام النيران بشكل منظم في المكاتب الحكومية لإخفاء أي أثر لهم•ووفقا لرسالة سرية موقعة من مدير المخابرات العامة قبل سقوط بغداد بقليل، وجهت الأوامر للضباط بتدمير الوثائق والمكاتب أو أي أدلة إدانة ضد الأجهزة الرسمية، ووجهت الأوامر للضباط أيضا بـ "الانضمام الى الأحزاب الإسلامية السنية منها والشيعية•أما المجموعة الثانية التي يعتقد أنها متورطة بفاعلية في تدبير الهجمات فهي الحركة السلفية أو الوهابيين ذات التوجهات المناهضة بقوة للأمريكيين، ولديها مفهوم فريد للجهاد، فهم يرون أن أي كافر تطأ قدماه أرضا إسلامية بالقوة يعتبر غازيا غير شرعي يجب قتاله، ويجادلون بأن قتال الغزاة واجب على كل مسلم بالغ عاقل، ويقيم سلفيو العراق صلات جيدة مع نظرائهم في المملكة العربية السعودية وكردستان العراق•أما المجموعة الثالثة فهم المتطوعون العرب ومعظمهم من الأصوليين الذين جاؤوا من الأردن وسورية وفلسطين واليمن، وتقول عائلات بغدادية: إن المئات من هؤلاء المتطوعين العرب "يصل عددهم الى 5 أو 7 آلاف متطوع" وجدوا أنفسهم محصورين في العراق بعد سقوط بغداد• مرتزقةلقد كانوا يريدون مغادرة العراق، لكنهم لم يتمكنوا من عبور الحواجز الأمريكية على الحدود، وقد تقطعت بهم الأسباب فلجأوا الى عائلات عراقية أخذت تقدم لهم المساعدة والملجأ تعاطفا مع حالتهم المأساوية وليس تعاطفا مع قضيتهم، ويبحث هؤلاء المقاتلون ذوو الحظ العاثر الى مخرج آمن•والمجموعة الرابعة من المقاتلين، فهم عبارة عن أبناء العشائر غير الأيديولوجيين، لكن الساعين الى الانتقام لمقتل أقارب لهم على يد القوات الأمريكية أو البريطانية، وفي الواقع، فقد سقط الكثير من المدنيين العراقيين في الفلوجة والموصل وبعقوبة وديالا والمجار الكبير، كما يسعى بعضهم للانتقام لجنود قتلوا في أثناء الحرب، فوفقا لبعض الضباط، فإن ستة آلاف جندي قتلوا في الحرب ومنهم نحو 20 في المئة هم من أبناء العشائر•وقد طالبت بعض العشائر القوات الأمريكية بدفع تعويضات مالية عن أبنائها الذين قتلوا في الحرب، لكن الأمريكيين أبلغوهم أن لا تعويض للجندي الذي يقتل في المعركة•ويمكن أن يشكل المرتزقة أو الذين يحاربون من أجل الحصول على المال، مصدرا خاصا للهجمات على القوات الأمريكية، ففي ظل الظروف الحياتية الصعبة في العراق منذ فترة طويلة، أصبح عدد كبير من الشباب العراقي يكسب قوت يومه بوساطة السلاح•وهكذا، فإن العنف في عراق ما بعد الحرب له مصادر مختلفة ومتعارضة أحيانا، ولكن معظمه له جذور سياسية أو أيديولوجية أو ثقافية أو اقتصادية•ü أستاذ في علم النفس الاجتماعي في جامعة لندن، له مؤلفات عدة أهمها: "الحركات الشيعية في العراق" و"آيات الله" و"الصوفيون والأيديولوجيون" و"الدين والحركات الاجتماعية في العراق" و"العشائر والسلطة في الشرق الأوسط"•" عن بي• بي• سي• نيوز " 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فصل جديد من التوتر بين تركيا وإسرائيل.. والعنوان حرب غزة | #


.. تونس.. مساع لمنع وباء زراعي من إتلاف أشجار التين الشوكي | #م




.. رويترز: لمسات أخيرة على اتفاق أمني سعودي أمريكي| #الظهيرة


.. أوضاع كارثية في رفح.. وخوف من اجتياح إسرائيلي مرتقب




.. واشنطن والرياض.. اتفاقية أمنية قد تُستثنى منها إسرائيل |#غرف