الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-انتحابات- في سورية

سعيد لحدو

2007 / 5 / 28
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


"انتحابات" في سورية
كلما أصر نظام شمولي على دفع الجماهير "الغفورة" (على حد تعبير الرحابنة) إلى الشارع للهتاف الممل إلى حد القرف "بالروح بالدم", كلما أدركتَ أن أزمة هذا النظام تزداد عمقاً إلى الحد الذي يضطر معه للجوء إلى دفع عشرات الآلاف من الناس كل يوم, معطلين أعمالهم, التي هي أعمال ووظائف لدى الدولة, ويجبرهم للنزول إلى الشارع في مسيرات آلية تسيَّر بالريموت كونترول مع رسم علامات سرور مصطنعة على الوجوه لإقناع الناس بأنهم سعداء. ودائماً يستطيع النظام أن يجد مناسبة لتلك المسيرات طالما أنه "يقارع ويتصدى" لأخطر وأقوى المؤامرات الإمبريالية. وطالما أنه نذر نفسه ليكون الصخرة التي ستتحطم عليها كل تلك المؤامرات, بما فيها "مؤامرات" الشعب السوري من ربيع دمشق إلى إعلان دمشق بيروت… وإلى كل ما يستجد من أولئك المتآمرين الذين "أضعفوا الشعور القومي وأوهنوا عزيمة الأمة" بحديثهم عن ضرورات الإصلاح والتغيير الديمقراطي.
والمناسبة هذه المرة للمسيرات الصاخبة إياها هي "انتخابات" رئيس الجمهورية.!!
ولا عجب. ففي ظل قيادة لم يخلق بعد من هو أحكم منها في إضعاف وعزل سورية عن المجتمع الدولي, بما فيه محيطها العربي, الذي تدعي دائماً الدفاع عنه, لا عجب أن تخرج هتافات جماهير البعث "الغفورة" تلك أقرب إلى الانتحابات. ولا عجب أن تأتي هذه الانتحابات في غمرة الأفراح التي تجتاح الوطن في إطار ما يسمى تجاوزاً "انتخابات رئيس الجمهورية" الذي "أحبته الجماهير وعشقته" على ضوء تجربتها في السنوات السبع العجاف التي سبقت. وعلى أمل أن يتكرم الخالق الذي يرعى شؤون خلقه ويحن عليهم في الملمات فيكرر تجربة فرعون مصر مع النبي يوسف ويمنح سورية سبع سنوات خيـِّرة تعـِّوض عما فات من إحباط ويأس ومعاناة.
والخير لاشك قادم بمشيئة القائد الرمز الذي بات يوزع عمائم بن لادن في كل مكان من زوايا المجتمع السوري عوضاً عن هدايا الأعياد. ولا ينسى, ومن لا ينسى جليل عظيم, أن يترك فتيل تلك العمائم في أيدٍ مخلصة أمينة, وهي الأجهزة الأمنية التي تعرف واجبها تماماً تجاه مواطنيها . (ويا غافل إلك الله).
وبالنظر إلى مظاهر الغبطة والفرح تلك باختيار القيادة القطرية لحزب البعث المغرق في الحكمة والصواب وبعد النظر, فإن هذه القيادة البعثية ومجلس شعبها معها, سهَّلا الأمر على المواطنين, كما هي الحال دائماً, ولم يختارا (ويمكن القول تجاوزاً, رشحا) سوى اسماً واحداً كي لا يلتبس الأمر على الناس الذين قد يتهورون من فرط فرحتهم واندفاعهم فيضعون الاسم الثاني عوضاً عن مرشح القيادة في صناديق الاقتراع. وللتسهيل أكثر كي لا تحتاج إلى قلم لتدوين الاسم فقد طبعوا الاسم على ورقة الاقتراع جاهزاً مجهزاً. وزيادة في التسهيل على المواطن فقد لا يحتاج المقترع حتى للذهاب إلى مركز التصويت, فهناك اللجان البعثية المشرفة على الصناديق ستتكفل بكل شيء. فالقوائم عندها, وعندها أوراق الاقتراع. ولا يحتاج الأمر لأكثر من أن يأخذ أحد أعضاء اللجنة تلك الأوراق ويملأ بها الصندوق, طالما أن مصيرها النهائي هو في ذلك الصندوق!!! ومع ذلك فإن هناك بعد من لا يصدق أن النتيجة هي 99و99%. ومن لا يزال لديه بعض شك في صحة هذه النتيجة, فليتقدم بنفسه ويحصي الأوراق في داخل الصناديق.
انتخابات أم انتحابات في سورية, لا فرق. فالنتيجة واحدة وهي هي لم تتبدل منذ تحسَّـر أول مواطن سوري على رغيف خبز ساخن في ظل حكم البعث وما زالت دائرة التحسر تتسع لتشمل الوطن بأكمله على كلمة حرة تقال حتى ولو في زنزانة. وما زالت انتحابات الشارع السوري تتعالى كلما أراد لها "القادر الرمز" ذلك.
وعلى نبض هذا الشارع ومقاييس النبض البعثية المعتمدة من صدام إلى الأسد, (وما هذا الشبل إلا من ذلك الأسد), نستطيع أن نركن إلى الصناديد من القادة حتى ولو بالأسماء, فنطمئن إلى صورة المستقبل.
وكل انتحاب والقائد المفدى بالروح والدم بألف خير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 5.4 مليار دولار تكلفة السيطرة العسكرية الإسرائيلية على غزة


.. تصاعد الانقسامات السياسية.. حرب غزة لم تنجح في توحيد الصف ال




.. طفلان يختبئان داخل تنورة والدتهما من البرد في غزة


.. كتائب القسام تعلن أن مقاتليها قطعوا إمداد قوات الاحتلال شرق




.. الترجي التونسي يستضيف الأهلي المصري في ذهاب الدور النهائي|#ه