الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوهام حداثية

رشيد منيري

2007 / 5 / 30
الادب والفن


1
في ما باتَ يدعى "زمن الأحلام الكبيرة"، كانت هناك شبه قاعدة تقول: "بقدر ما تنغمس قصائدنا في القضايا المباشرة و نبض الشارع تكون حقيقية و أصيلة".
والآن هناك قاعدة مضادة تقول: " بقدر ما تتعرى قصائدنا من هموم الناس و نبض الشارع تكون أدبا حقيقيا".
و هي نفس الطريقة السطحية في فهم الأدب و علاقته بالحياة، حتى لكأنه نفس الشخص الذي حاول متحمسا أن يكسو القصيدة بالرقع و اليافطات يحاول متذمرا أن يعريها حتى من نفسها.
2
الآن و قد مضى الزمن الذي كان يعاتب في الشاعر على البار في قصيدته أو على الغموض و الذاتية، و هو ما لم يكن ليتم دون خسائر فنية طبعا، فإن قواعد جديدة غدت تحدد ما يجب أن يكتب و كيف.
أخبرني شاعر في جلسة مقهى أنه "لن يكتب عن فلسطين بل عن قهوة الصباح"، ردا على عدم إعجابي بأحد نصوصه لأسباب محض شعرية، و وقتها وجدتني أفكر في" إيديولوجيا قهوة الصباح".
3
الذين صرخوا في نصوصهم، مدافعين في مقامات أخرى عن الأدب الجماهيري أو البروليتاري توهموا أن الجماهير ستضمن لنصوصهم الخلود، فأخطؤوا طريق الشعر.
والذين يَطردون من نصوصهم رائحة الناس، يتوهمون أن نصوصهم ستنمو على هامش العالم كلبلاب سحري، يحيط كل شيء ذات يوم فيما هم يديرون ظهورهم للعالم‼
4
مسألة استقلالية الأدب عن الحزبي و العقائدي من جهة و عدم تبعيته للظرف السياسي من جهة أخرى، لم تعد مفهومة بالنسبة للكثيرين إلا كبند من بنود حداثة غريبة، و أصبحت المغالاة في إبراز القطيعة مع المحيط سياسيا و اجتماعيا طريقة للقول: " أنا مبدع فذ".
5
الشعراء عموما لا يحْيَون خارج العالم، و حين يكتبون تختلط الأصوات بداخلهم (وقتها يكون كل شيء بالداخل فلا يحارون)، يكتبون في هدوء دون أن تظهر في نصوصهم آثار مكنسة إيديولوجية، دون أن يبدو العالم مقحما فيها. و دون أن يأبهوا لأية قاعدة سوى الصدق .
6
المسألة هي الشعر، يكون أو لا يكون.
ليست هناك قاعدة نحوية تقول إن القضية إذا دخلت على القصيدة حولتها إلى بيان. و أما النصوص الفارغة فلا "ربما" ولا "على الأرجح" ولا «فقط" و لا أي شيء يستطيع أن يجعل منها قصائد.
7
عموما ليست هناك قضية شعرية و أخرى أقل شعرية، ليست هناك قضية كبرى و قضية صغرى، هناك الشاعر و العالم و بينهما ينمو الشعر كالأطفال و الحشائش و الكآبة. و هناك، في الجهة الناشفة حتى لا نقول الأخرى، و عي شعري أسيرٌ لوجود الشاعر في مرحلة سياسية ما.
8
سبق أن قال أحد الشعراء السابقين و المعتقلين السابقين: "وقتها كان يبدو لنا العالم أحمر، فقد كانت بوادر ثورة في كل العالم".
و الآن كيف يبدو لون العالم؟ أليس أكثر حمرة؟ فهناك حرب و بوادر حرب في كل مكان..
من أين ستأخذ القصيدة لونها إذن ؟ من رماد مرحلة أم من ألوان الحياة المتعددة، الجميلة كلها؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-