الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحركة الطلابية المغربية على ضوء الأحداث الجامعية الأخيرة 2

امال الحسين
كاتب وباحث.

(Lahoucine Amal)

2007 / 5 / 29
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


الحركة الطلابية المغربية على ضوء الأحداث الجامعية الأخيرة ـ2ـ
إن الأحداث المأساوية التي عرفتها الجامعة المغربية قد أفرزت تباينا في التعاطي معها كل حسب منطلقاته الأيديولوجية و السياسية ، و ذلك يعتبر طبيعيا في ظل تباين هذه المنطلقات لدى الإتجاهات السياسية سواء داخل اليسار أو اليمين أو داخل إتجاه معين من هذين الإتجاهين المتصارعين في الساحة السياسية ، و من الطبيعي أن يحصل التباين في التعاطي مع هذه الأحداث داخل الحركة الماركسية اللينينية المغربية ، و ذلك ناتج عن عدم توضيح الرؤى في صفوف هذه الحركة باعتبار التجارب المختلفة التي تنهال منها مكوناته الأساسية ، الشيء الذي يعتبر طبيعيا باعتبار طبيعة الحركة خاصة إذا كانت هذه الحركة مازالت في مرحلة التأسيس ، و الذي يتجلى في كون الحركة الماركسية اللينينية المغربية رغم مسيرتها النضالية التي استغرقت أربعة عقود لم تتمكن إلى الآن من امتلاك حزبها الثوري ، الذي يمكن أن يكون الفاصل في الصراع الفكري القائم اليوم في صفوف هذه الحركة التي ما زالت تبحث عن نفسها ، حيث أصبحت حبيسة تجربة السبعينات التي اعتبرت الحركة الطلابية معقلا أساسية في حركتها و لم تستطع التغلغل في صفوف الطبقات الأساسية في الصراع ، هذه الطبقات التي تعتبر فيها البروليتاريا الطبقة الأساسية في قيادة الصراع ضد البورجوازية و بتحالف مع الفلاحين الفقراء و الكادحين ، فأين تتموقع الحركة الطلابية في الصراع القائم بالمغرب ؟
إن قضية التعليم ما هي إلا عنصر من عناصر البرنامج النضالي في الصراع الطبقي ضد استغلال البورجوازية و الذي تتداخل فيه مجموعة من التنظيمات السياسية و النقابية ، و التي تعتبر فيها الحركة الماركسية اللينينية المغربية عنصرا أساسيا على اعتبار البرنامج النضالي الذي تحمله ضمن الصراع العام ضد البورجوازية ، و تعتبر الحركة الطلابية من بين التنظيمات الأساسية في مواجهة السياسة التعليمية الطبقية للنظام القائم منذ المؤتمر 15 ، ذلك لأن الحركة الطلابية مرتبطة بشكل من الأشكال بالحركة الماركسية اللينينية المغربية خاصة على مستوى النضال في الساحة الجامعية ، كما تعتبر النقابات التعليمية آليات أساسية في الصراع في مجال التعليم حيث أن العمل النقابي مرتبط بالتيارات السياسية المتواجدة في الساحة السياسية ، التي تشكل فيه الحركة الماركسية اللينينية المغربية جسما بدون جسد بحكم غياب الحزب الثوري الشيء الذي يجعل هذه الحركة تعيد نفس التجارب ، حيث لم تستطع أن تبلور البوصلة الضرورية في حسم الصراع لصالح الطبقة العاملة و حلفائها ، و هكذا أصبحت الحركة الطلابية معقلا أساسيا للحركة الماركسية اللينينية منذ نشأتها و التي يشكل فيها فصيل الطلبة القاعديين / النهج الديمقراطي القاعدي القوة الأساسية اليوم ، إلا أن هذه الحركة تعيد نفس التجارب و هي الوقوف عند حد مواجهة السياسات التعليمية الطبقية للنظام القائم وفق الشروط و المتغيرات التي لا تتحكم في صنعها ، فمن مواجهة الإصلاحية و التحريفية مرورا بمواجهة الظلامية الأصولية إلى مواجهة الخط الشوفيني الأمازيغي ، فإلى متى ستبقى الحركة الماركسية اللينينية المغربية حبيسة موقف المواجهة و الإنتقال إلى موقع بناء فعل يستطيع تغيير الشروط الذاتية و الموضوعية لهذه الحركة ؟
إن دراسة الواقع الموضوعي لأية حركة أمر ضروري لبناء مواقفها حيث لا تكفي المباديء الثابتة لبناء مواقف صحيحة اتجاه قضايا مطروحة على الساحة السياسية ، و لا يكفي التذكير بالثوابت الأساسية للحركة الماركسية اللينينية المغربية حتى نستطيع بناء مواقف صائبة اتجاه قضايا معينة خاصة إذا كنا نحن طرفا في هذه القضايا ، ذلك ما حاول الرفيق خالد المهدي أن يقوم به في محاولته لمعالجة قضية الأحداث الجامعية التي تعتبر فيها الحركة الماركسية اللينينية المغربية طرفا أساسيا ، حيث لم يتوفق في ملامسة لعمق هذه الأحداث بل قام بتضخيمها و إعطائها أكثر من حجمها و ذلك واضح في قوله : "ماذا تريد الفاشية وراء هجومها على الجماهير الطلابية داخل الجامعة المغربية ؟" و اعتبار جزء من الحركة الثقافية الأمازيغية بأنها "فاشية" فيه شيء من المبالغة ، و التي تنهال من عدم ضبط هذا المفهوم من منطلق التحليل الماركسي الشيء الذي سيؤطر كل ما جاء في مقال الرفيق خالد ، ذلك أن الفاشية هي مرحلة تاريخية عاشتها الرأسمالية في أزمتها التاريخية خلال مطلع القرن 20 و التي أعطت أنظمة فاشية بأوربا ، مما نتج عنه نشوب الحربين الإمبرياليتين الأولى و الثانية في مواجهة الإمبرياليات فيما بينها من جهة و مواجهة الإمبرياليات للثورة البولشيفية من جهة ثانية ، فما موقع جزء من الحركة الثقافية الأمازيغية من الحركة الفاشية العالمية ؟
إن تناول هذه الأحداث بمعزل عن تطورات الحركة الجماهيرية بصفة عامة لا يمكن أن يفضي بصاحبه إلا إلى عنق الزجاجة حيث يبقى حبيس أفكاره التي لا تمت بصلة بالواقع الموضوعي الذي أفرز الحركة الثقافية الأمازيغية ، ذلك ما قام به الرفيق خالد المهدي عندما صب غضبه على النظام القائم محملا إياه كل تبعات ما جرى و يجري في صفوف الحركة الطلابية ، و هنا لا أريد أن أتجاهل مسؤولية النظام القائم فيما يجري في الجامعة المغربية و لكن أن نتملص من مسؤولياتنا هذا ما لا يمكن أن نغفله ، و هنا لا أريد أن أحمل الرفاق مسؤولية ما جرى و يجري في الحركة الطلابية كما لا يمكن إعتبار السكوت عن مسؤولياتنا تحليلا ماركسيا ، كما أن ربط الهجوم على الحركة الطلابية بالموقف من الصحراء الغربية لا يمكن إلا أن يكون تحليلا ميكانيكيا لا علاقة له بالتحليل الماركسي ، ذلك أن الحركة الماركسية اللينينية المغربية دائما مستهدف من طرف النظام القائم بحكم مشروعها النضالي الذي تحمله و ليس بحكم مواقفها من هذه القضية أو تلك ، إلا أن مسؤولية الحركة الماركسية اللينينية اتجاه قضايا الشعب المغربي تبقى أساسية في بناء المواقف الصحيحة لهذه الحركة ، هذه المواقف التي لا يمكن أن تبنى انطلاقا من الفعل العاطفي الذي ينطلق من الشعور بالإرتباط بهذه الحركة و الدفاع عنها بشكل أعمى حيث يقول الرفيق خالد : "إن الخط السياسي صحيحا كان أم خاطئا يقرر كل شيء" ، ذلك أن تصريفه لهذا الموقف كان في غير محله حيث اعتبر أن الإختلاف في التعاطي مع هذه الأحداث بمثابة تشتت في صفوف الحركة الماركسية اللينينية ، مما مهد له الطريق لمناقشة ما كتبته حول هذه الأحداث و اعتبار منطلقاتي غير ماركسية و هو ينسى أن ما كتبته ليس إلا محاولة يمكن أن تحمل أخطاء نظرا لحجم هذه القضية التي تعامل معها هو بكل تبسيطية ، الشيء الذي لا أريد أن أقع فيه حيث عملت على مراعاة الموضوعية في التعاطي معها خاصة و أنها تأتي في مرحلة حرجة بالنسبة للحركة الماركسية اللينينية المغربية ، التي لا يمكن أن نعمل على فتح جبهات إضافية كما يريد النظام القائم أن يوقعنا في حضنا بحيث إذا دخلناها لا يمكن الخروج منها بالسهولة بمكان.
إن اعتبار كل ما كتبه الطرف المعادي للحركة الماركسية اللينينية المغربية في كفة و ما كتبه بعض الرفاق في كفة ثانية كما قال الرفيق خالد ، ليس بالتحليل الماركسي بمكان و لا بموقف من حجم توجيه النقد لكتابات الرفاق التي يجب أن نحترمها على كل حال ، خاصة و أن الأقوال التي إنتقاها الرفيق ليست بأهمية بمكان في هذه الكتابة التي طرحت مجموعة من التساؤلات يجب الجواب عنها من طرف الحركة ، فبدل من أن يناقش الرفيق ما جاء في مقالي إتخذ مواقف مما كتبته و الذي لم أكتبه إلا من أجل أن يناقش و ليس أن يكون سفرا من الأسفار التي يتقلد بها حاملها ، بل أكثر من ذلك أخذ يؤول أقوالي تأويلا وفق ما يرغب في فهمه و ليس قيما تحمله من مضامين و بذلك يكون قد تعامل معها بكل سذاجة فارغة من كل تحليل ماركسي ، فعندما أقول أن الطلبة من أصول شعبية/أبناء الكادحين ليس بالمعنى التبسيطي الذي تعامل به الرفيق مع هذا المفهوم ، و إنما من منطلق القراءة الماركسية لهذا المفهوم و هو أن الجامعة المغربية اليوم هي مجال لأبناء الطبقات الشعبية و قد حولها النظام القائم كذلك ، و إذا كان من المفروض على هؤلاء الطلبة استحضار انتمائهم الطبقي في الصراع فلأن ذلك سيخدم الحركة الطلابية أولا و الصراع الطبقي ثانيا و هنا دائما خطابي موجه للماركسيين اللينينيين ، و للماركسيين اللينينيين داخل الحركة الطلابية الذين قد يكونون عربا أو أمازيغا أو صحراويين ، و هؤلاء الماركسيون اللينينيون يجب عليهم التعامل مع القضايا المطروحة / الأمازيغية و الصحراء بكل مسؤولية و ذلك ما لا أشك فيه ، و لكن التذكير به في هذه المرحلة بالضبط هو من باب المسؤولية الجسيمة الملقاة على عاتق الحركة الماركسية اللينينية المغربية .
و الرفيق خالد و هو سائر في تفسير أقوالي حسب أهوائه لا يفرق بين ما هو سياسي و ما هو أيديولوجي حيث يخلط بين الحركة الثقافية الأمازيغية و الحركة الأصولية الظلامية ، و هو ينسى أن في الحركة الثقافية الأمازيغية من يدعو إلى العلمانية و أن الحركة الأصولية يتواجد بها الأمازيغ و العرب على السواء ، كما أن الحركة الثقافية الأمازيغية ليست مكونا منسجما واحدا و أن الأمازيغية لا يمكن أن تكون حركة عالمية كالأصولية ، و أن القضية الأمازيغية بالنسبة للماركسيين اللينينيين من بين القضايا التي يجب الدفاع عنها مثلها مثل قضية الصحراء الغربية ، و تعامل الرفيق خالد مع الحركة الثقافية الأمازيغية ينم عن جهله بأنها حركة أفرزها المجتمع المغربي ، و هو يحكم على الحركة الثقافية الأمازيغية بقوله : " الإتجاه الرجعي الفاشي هو السائد و ذلك ما لا يمكن أن ينفيه إلا قومي متعصب " ، و لا أظن أن الرفيق قام بضبط الخريطة السياسية للحركة الأمازيغية و لكن جزمه بذلك و اتهامه لكل من يخالفه الرأي بالقومية و التعصب لا يمت بصلة بالتحليل الماركسي ، و هنا يمكن أن أعطيه بعض الإحصائيات انطلاقا من تداعيات الأحداث الجامعية المأساوية و مدى تجاوب الجمعيات الأمازيغية معها ، فإلى حدود الساعة فإن الجمعيات الأمازيغية المتضامنة مع من هم محسوبون على الحركة الثقافية الأمازيغية في هذه الأحداث لا تتجاوز خمسة جمعيات ، فكيف يمكن بناء موقف محدد من الحركة الثقافية الأمازيغية انظلاقا من هذا العدد القليل من الجمعيات كما فعل الرفيق خالد إذا لم يكن ذلك من باب الجهل بالخريطة السياسية لهذه الحركة.
إن الرفيق خالد لم يستطع تناول هذه الأحداث بكل موضوعية حيث دافعه الوحيد هو الخوف على الحركة الطلابية و خاصة فصيل النهج الديمقراطي القاعدي ، و هو بذلك يرى في هذه الأحداث تهديد لهذا الفصيل ذلك التهديد الذي يقوده النظام القائم ليصل حد تهديد الحركة الماركسية اللينينية المغربية بصفة عامة ، و هو يخالف من يقول أن هذه الأحداث ما هي إلا تناقضات داخلية للحركة الطلابية و لكنه لم يستطع أن يعطي لنا دليلا واحد على أقواله ، و هو بذلك يريد إخراج هذه الأحداث من الموقع الجامعي لتشمل الساحة الجماهيرية مما يجعله يبتعد عن التحليل الماركسي للأحداث ، لكونه يعتبر الجامعة مجالا لتصدير الصراعات إلى المجتمع ذلك ما لا يمكن اعتباره صحيحا حيث أن الجامعة ما هي إلا مجال من بين مجالات عدة للصراع الطبقي ، ذلك أن المرحلة الطلابية محددة بالزمان و المكان كما هو الشأن بالنسبة للأحداث التي أفرزتها الحركة الطلابية عبر تاريخها الطويل و إلا فكيف يمكن تصور الثورة انطلاقا من داخل أسوار الجامعة ، إن الطبقات الأساسية المحددة للصراع الطبقي كما تنص الماركسية اللينينية على ذلك هي البروليتاريا و حليفها التاريخي الفلاحون الفقراء ، هذه الطبقات التي ما زالت لم تتمكن من بناء حزبها الثوري هذا البناء الذي يجب أن تلعب فيه البورجوازية الصغيرة الثورية دورا أساسيا و على رأسها الطلبة و المعطلون و المثقفون الماركسيون اللينينيون ، إنه لا يجب أن نحمل الحركة الطلابية أكثر من طاقاتها و في حدود مسؤولياتها التاريخية و نجعلها مجالا للصراعات السياسية و الأيديولوجية في ظل عجزنا عن بناء الحزب الثوري للطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء و الكادحين .
تارودانت في : 28 ماي 2007








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا.. الناخبون يدلون بأصواتهم لاختيار الحكومة الجديدة و


.. هز عرش المحافظين.. معلومات عن زعيم حزب العمال كير ستارمر




.. الغارديان: حزب العمال أمام انتصار كاسح في وجه المحافظين


.. فرنسا.. بين قبضة اليمين المتطرف وتحالف -شبه مستحيل- للمعتدلي




.. فرنسا: هل تراجعت فرص اليمين المتطرف بالوصول إلى السلطة؟