الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ديمقراطية اللكمات في البرلمان التركي

شيار محمد صالح

2007 / 5 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


عرضت بعض الشاشات المرئية والمواقع الالكترونية قبل أيام قليلة صوراً حيَّة لما يجري في البرلمان التركي من مشادات كلامية ولكمات على الوجوه بين النخب السياسية التي تمثل الشعب التركي والجمهورية التركية. فكما يقال بأن برلمان أية دولة أو جمهورية هو المرآة الحقيقة والممثلة للشعب على أساس أن هذا البرلمان تم انتخابه من قبل الشعب وعبر صناديق الأقتراع المباشر. والحال هذا ومن خلال من تم رؤيته عبر الشاشة الفضية والمواقع الالكترونية فإن الوضع في تركيا المدعية للديمقراطية قد بان على حقيقته من غير أي تشويش او مغالطات أو أنه خطأ فني تم ارتكابه من قِبل أعداء الأمة.
الوضع السياسي الذي تعيشه الحكومة التركية في هذه المرحلة متأزم في كثير من النواحي إن كان من الناحية السياسية أو الاجتماعية او الاقتصادية وحتى العسكرية منها، هذه المشاهد التي يؤسف لها من لكمات على الوجوه هي الوجه الآخر لحقيقة الجمهورية التركية التي تدعي ليلا ونهاراً بأنها انموذجا ينبغي ان تحتذي به دول المنطقة وبمعنى آخر أنه لا حرية في الكلام وإلا كانت الكمات هي الفصل كما رأينا من صور كاريكاتورية لأعضاء البرلمان التركي وهم يتلاكمون وكأنهم في حلبة مصارعة تعود للقرون الوسطى. وأعتقد أن هذه الصور ما هي إلا تعبير واضح وحقيقي للذهنية التركية المتأتية من قهر وإسكات الآخر عبر تاريخهم المليء بهكذا أمثلة. لم تسلم الكثير من الشعوب التي رزحت تحت نير الحكم التركي منذ عهد تشكيل الجمهورية وحتى راهننا، إذ لاقت الشعوب الأرمنية والآذرية والتركمانية والعربية وحتى التركية، الأمرين من تقربات المتربعين على سدة الحكم في تركية كمال أتاتورك وكذلك أثناء فترة الحكم العثماني لاقت كافة الشعوب التي عاشت العبودية بكل معنى الكلمة أثناء هذا الحكم السيء الصيت من شعوب الشرق الأوسط تحت يافطة الخلافة الاسلاموية. فالذهنية الطورانية المتشكلة على أنقاض الجزمة العسكرية والممتدة حتى يومنا هذا لم تتغير في جوهرها وبقيت كما هي وكأنها تعيش القرون الوسطى وعصر إبراز العضلات والبطولات، وهاهي تسير على عين النهج في تعاملها مع الآخر المختلف بالرأي من بني جلدتها ونحن نعيش في القرن الحادي والعشرون وهنا يتبادر إلى الأذهان سؤال مهم وهو ما هي حال الشعوب الأخرى إن هي فكرت في حقها؟؟؟
الجواب واضح أيضاً ففي عام 1991 وبعد الانتخابات البرلمانية التي تمت دخل الى البرلمان عدد من الكرد حاولت السيدة ليلى زانا بأداء القسم باللغة الكردية ولكن مع الأسف لم تستطع من إكماله إذ جنَّ أعضاء البرلمان من كبيرهم إلى صغيرهم ومن يمينهم وحتى يسارهم وهجموا على السيدة زانا ولم يدعوها تكمل القسم وتم اخراجها مع رفاقها خارج قاعة البرلمان مع انهم تم انتخابهم من قبل الشعب مباشرة وفوق كل ذلك تمت محاكمتهم جميعا وحكم على السيدة زانا بالسجن بخمسة عشر عاما وتم الافارج عنها بعد ان بقيت ثمانية أعوام تعاني ذهنية الاقصاء الطورانية وتم الافراج عنها بعد الضغوطات الدولية الي تعرضت لها الحكومة التركية. وهذا غيض من فيض في تعامل البرلمان التركي مع الأخر.
الصراع بين العلمانيين والاسلاميين في تركيا اليوم ليس صراعا على صون وحدة الجمهورية بقدر ما هو صراع على السلطة بين التيارين المتناقضين المدعين للانفتاح والتطور ولكنهما بنفس الوقت لا يتوانون في أية لحظة عن استعمال أفظع أنواع وأساليب الانكار والامحاء بحق الشعب الكردي في شمال كردستان (كردستان تركيا)، ومن أجل تخفيف حدة الازمة الخانقة التي تعصف بالحكومة التركية يلوحون هذه المرة بعصا اجتياح وغزو جنوب كردستان تحت حجج واهية لا أساس لها من الصحة البتة. ثمة أجندة خفية لدى الحكومة التركية في تقويض مكتسبات الكرد في جنوب كردستان التي لا يرتاح لها سياسيي وعسكريي الترك. فملاحقة مقاتلي العمال الكردستاني في جنوب كردستان ليس إلا الواجهة الحقيقية لأطماع وأحلام الطورانيين في استعادة ملكهم المفقود في الموصل وكركوك وإلا لما كل هذه الزوبعة في فنجان المكتسبات الكردية.
حري على الحكومة التركية ان تعيد حساباتها الخاطئة ثانية قبل فوات الأوان وتلتفت إلى حقوق شعوبها والكف عن إقصاء الآخر إن كان في السارع الكردي أو التركي وحتى في البرلمان وإبداء الاحترام للآخر كي تتخلص الحكومة من أزمتها الخانقة بدلاً من توجيه اللكمات داخل قبة البرلمان وإلا حينها سيتحول هذا البرلمان إلى ساحة للمصارعة الحرة الديمقراطية أو أن يحمل كل عضو في البرلمان التركي قطعة قماش حمراء اللون كي يتم التقيد بقوانين المصارعة على الأقل. وحينها سيكون لكل حادث حديث.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بدء التوغل البري الإسرائيلي في رفح


.. طفل فلسطيني ولد في الحرب بغزة واستشهد فيها




.. متظاهرون يقطعون طريق -أيالون- في تل أبيب للمطالبة الحكومة بإ


.. الطيران الإسرائيلي يقصف محيط معبر رفح الحدودي




.. دول عربية تدرس فكرة إنشاء قوة حفظ سلام في غزة والضفة الغربية