الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منهجية التخطيط وعشوائية التنفيذ، ظاهرة سياسية فلسطينية

تغريد كشك

2007 / 6 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


ينتاب الشارع الفلسطيني قلق شديد إزاء تقاعس السلطة الوطنية الفلسطينية ممثلة بوزارة الداخلية عن ملاحقة مقترفي جرائم الخطف ضد الصحفيين الأجانب وتقديمهم للعدالة، في حين تجدد الفصائل الفلسطينية ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الحكومية إدانتها لاستمرار اختطاف الصحفي البريطاني "ألن جونسون" في قطاع غزة مذكرة بحالات اختطاف سابقة انتهت بإذعان السلطة لمطالب الخاطفين التي تعكس مصالح ومآرب شخصية بدلاً من ملاحقتهم وتقديمهم للعدالة.
الإفلات من العدالة والتهاون في معاقبة مرتكبي هذه الجرائم يعتبر السبب الرئيسي في تكرارها حيث أصبحت تشكل ظاهرة تسيء للسلطة الوطنية وللشعب الفلسطيني بأسره وتمس بمصالحه، أصبح تكرار حدوث عمليات الاختطاف ضد الأجانب في قطاع غزة وخاصة الصحفيين يشكل اعتداء على حرية الرأي والتعبير وإساءة للشعب الفلسطيني ونضاله وصورته المشرفة، كما تعتبر هذه الجرائم اعتداء سافرا على سيادة القانون .ما يزيد قلق المجتمع الفلسطيني هو أن هذه الجرائم عادة ما تنتهي بعد تدخل وسطاء دون اتخاذ أي إجراءات قانونية بحق الخاطفين.
التساؤل الذي يطرحه الكثير من المواطنين يتمحور حول الجهات التي تقوم بأعمال الخطف خاصة مع تكرار حدوثها وازدياد وتيرتها المترافقة مع أحداث معينة تلم بالقضية الفلسطينية، وعن انتماءات هؤلاء الخاطفين وعن رد فعل الجهات الرسمية الفلسطينية على عمليات الاختطاف هذه؟
بداية يمكننا القول بأن ما يحدث لا يمكن اعتباره رد فعل طبيعي للحالة الفلسطينية في ظل أن شعبنا الفلسطيني بأكمله يدين مثل هذه الجرائم التي يمارسها الخارجون عن القانون والذين يسعون إلى تحقيق مصالح شخصية ضيقة على حساب المصلحة الوطنية الفلسطينية، خاصة وأن شعبنا بحاجة لوجود صحفيين أجانب ينقلون حقيقة ما يدور من اعتداءات إسرائيلية ضد أبنائه وعرضها أمام الرأي العام العالمي، واختطاف الصحفيين الأجانب يشكل خطرا على القضية ويساهم في إخفاء حقيقة معاناة شعبنا و منع نقلها للعالم، ويمكن أن يعي مواطننا الفلسطيني وبكل بساطة أن هؤلاء الصحفيين الأجانب هم الأقدر على إيصال رسالة شعبنا لشعوبهم الأوروبية بحكم معرفتهم بالخطاب الإعلامي الذي يكون مؤثرا على الرأي العام في بلادهم.
الواضح هنا أن هذه ظاهرة لم يُكشَف حتى الآن عمن يقف وراءها ويستفيد منها في وقت يسيطر فيه هاجس الحصار والضائقة المالية والاقتصادية وتوقف صرف الرواتب على الساحة السياسية الفلسطينية وعلى المعنيين عن كثب بتطوراتها المختلفة، هذا يعني أن السلطة الفلسطينية و منظمة التحرير والشعب الفلسطيني و الفصائل الفلسطينية كلها الآن في موضع اختبار وتساؤل حول امتلاكها القدرة على إدارة شؤون الدولة والشعب حاليا ومستقبلا؟
في ظل استمرار هذه العمليات وفي ظل ضعف الأجهزة الأمنية وعدم قدرتها على ملاحقة مرتكبيها وكشف ملابساتها ، ما هي الرسالة التي يمكن أن تصل للعالم عن الأوضاع في الأراضي الفلسطينية؟ التساؤل الآخر هو إذا كان دافع من يقوم بمثل هذه العمليات نابع عن وعي وتخطيط مسبق يدفعه للقيام بمثل هذه الأمور أو عن جهل لمخاطر ما يقوم به؟ وفي كلتا الحالتين ما الذي يؤدي إلى استمرار هذه العمليات؟ المؤكد أن ضعف السلطة الوطنية في مواجهة مثل هذه الحالات وعدم تقدير مخاطرها ومخاطر استمرارها هو النقطة الأساسية التي تدفع إلى استمرارها.
إن السلطة حتى الآن لا تولي أهمية كافية لمعالجة الوضع الداخلي في ظل مراهنتها على توفير الدعم الخارجي، متجاهلة أو متناسية أن استمرار الدعم الخارجي سياسيا واقتصاديا يتوقف ويعتمد على مدى قدرة السلطة الفلسطينية على ضبط أوضاعها الداخلية، واتخاذ تدابير وإجراءات وقائية لمنع تكرار هذه الأحداث وغيرها من مظاهر الفوضى الأمنية، وهنا تستعيد ذاكرتي ما حصل بعد اختطاف الصحفي الفرنسي جزائري الأصل "محمد وضوحي" (فرانك بيرو) فبعد بثلاثة أيام على اختطافه قام الرئيس الفرنسي بالتهديد بوقف الدعم الذي تقدمه فرنسا للسلطة الوطنية الفلسطينية والشعب الفلسطيني ما لم تعمل السلطة الفلسطينية على إطلاق سراح الصحفي الفرنسي المختطف في غزة على يد مجهولين.
إن ما يطالب به المجتمع الفلسطيني اليوم هو وضع حد لكل مظاهر الفوضى المتفشية في المجتمع الفلسطيني خاصة بحق الأجانب والمؤسسات الأجنبية الموجودة في غزة حتى لا يصبح إغلاق القطاع عملا يقع بشكل غير مباشر ضمن تخطيط ممنهج من جهات قد تكون خارجية لعزل القطاع بشكل خاص والأراضي الفلسطينية بشكل عام من خلال ترهيب الأجانب من دخولها والعمل على أراضيها وبذلك يكون قد تحقق العزل السياسي والثقافي على الفلسطينيين بملء إرادتهم وبكامل رغبتهم الشخصية، من هنا فإن واجبنا الوطني يدعونا إلى مطالبة السلطة الفلسطينية ممثلة برئيسها ورئيس وزرائها باتخاذ تدابير قانونية جدية في مواجهة مظاهر الانفلات الأمني بشكل عام والاعتداءات على الرعايا الأجانب والمؤسسات الدولية بشكل خاص وذلك في إطار ما يمسح به القانون والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، ومطالبة وزير الإعلام بوضع خطة إعلامية تثقيفية تتناول مخاطبة وعي المواطن الفلسطيني وتثقيفه سياسيا واجتماعيا، ومطالبة الجهات الدينية بضرورة تناول موضوع التوعية الدينية والأخلاقيات الحميدة في التعامل مع الرعايا الأجانب داخل اراضي السلطة الوطنية الفلسطينية والتأكيد على أهمية دورهم ووجودهم من أجل استمرار تفاعل قضيتنا الوطنية في المحافل السياسية والاجتماعية والإعلامية الدولية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل بنود العرض الإسرائيلي المقدم لحماس من أجل وقف إطلاق ا


.. أمريكا وفرنسا تبحثان عن مدخل جديد لإفريقيا عبر ليبيا لطرد ال




.. طالب أمريكي: مستمرون في حراكنا الداعم لفلسطين حتى تحقيق جميع


.. شاهد | روسيا تنظم معرضا لا?ليات غربية استولى عليها الجيش في




.. متظاهرون بجامعة كاليفورنيا يغلقون الطريق أمام عناصر الشرطة