الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمودكتاتورية - الدكتاتورية الشعبية

عبدالجليل الكناني

2007 / 6 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


في الأيام الأولى , وليتها مازالت فهي ايام الحلم والآمال الكبار , ساد الأرض سكون حذر بعدما خمد الزلزال وتراخت الأرض أمام درجاته الرخترية اذ بلغت ذروتها فسقط التمثال مخلفا غبارا كثيفا ما ان انجلى حتى عم السكون وراحت الرؤوس تدور حالمة بمستقبل وضاء كما رسمته عقول متعبة مقيدة تنفست نسائم الحرية . الا ان بعض الأحداث الصغيرة رسمت صورة لا تدعو للتفاؤل دفعت إلى ذهني حينها بهذا المصطلح العاق , مع انه لم يكن إلحادا بالقاموس السياسي او الفلسفي وكفرا بالمفاهيم الثقافية والنقدية انما هو وصف لحالة جديدة وربما هي جديدة حتى في التجارب العالمية التي تهاوت بها الدكتاتوريات مخلفة أنواعا أخرى للحكم أقول ربما لأنني لا اعرف كل شيء عن الآخرين ولكنني اعرف البيئة والمجتمع الذي أعيش فيه .
في أواخر نيسان عام 2003 كنت مع آخرين ننزلق واحدا تلو الأخر إلى داخل حافلة كبيرة لنقل الركاب في منطقة جسر ديالى والسائق مستمر بصياحة :-- باب الشرقي.. عالقديم . وبذلك سيمر بالقرب من الدائرة التي أعمل فيها . وكالعادة كانت الحافلة تخترق الطرقات بصعوبة لكثرة المخالفات والتصرفات الكيفية من السواق والركاب والباعة الذين نافسو السيارات على احتلال الشوارع حتى اذا بلغت الحافلة جسر الخط السريع المتاخم لمعسكر الرشيد نظر السائق من خلف علبائه وقال :- اخوان شفتو الشوراع مزدحمة راح اطلع عالسريع . واعترضنا وكان من حقنا ان نعترض طالما إن الدكتاتور سقط فما المبرر لانتهاك حقنا , نعم نحن الأقلية ولكننا كنا قد اتفقنا على مسار الحافلة ولأننا نملك الحق في زمن اللاخوف التفت بثقة إلى الركاب خلفي :- اخوان ماذا يقول السائق ؟ ألم نتفق؟
ورسمتُ صوت العدالة فيهم يصيح بالسائق الناقض للعهد :- عمي انت اتفقت ويانا عالقديم , شنو الناس تروح مشي؟ .. اتوكل على الله عالقديم...
عندها وقف حشد غاضب من الركاب امتزجت أصواتهم ببعض وصوبوا أيديهم نحوي وهم يشمرون بها . لم تكن كلمة مشتركة بينهم سوى .. انزلوا .. انزلوا .. وصراخ يغذيه نفاذ صبر ولولا صوت احدهم الجهور الذى علا على الأصوات الأخرى لما فهمت ما قال :- من أجلكم كم واحد نتأخر شنو هالانانية !! انزلووووو
أدركت إنها قنبلة فهرعت للنزول مؤثرا السلامة , فوضيفتي علمتني السلامة أولا . إلا أن المسكين ,,احدنا ,. أصر على حقّة ببطولة لم يحسب حسابها فراح يتدحرج خلفي على الأرض وخلفه بعض من الركاب الغاضبين يشتمون ويلعنون
السلطة لا تفنى ولا تستحدث انما تتحول من شكل الى آخر
قانون يشبه قانون حفظ الطاقة ولأسميه( قانون حفظ السلطة )
ما الذي كان يحكم الناس بتلك القبضة الحديدية ؟ أهو الرجل الواحد ؟ مؤسساته التي يقودها ؟
أم ثمة سلطة أخرى ؟ ولعلها في دواخل الناس أنفسهم تقيدهم بطاقة خفية ظاهرها الخوف وباطنها الإيمان حد الاستسلام بسطوة وقوة تلك السلطة , طاقة تتغلغل في نفوسنا وتحكمها من الداخل لتشكل مع نهج تلك السلطة وفلسفتها وممارساتها نسيجا قويا متماسكا نستسلم له كواقع لا مفر منه وكل ذلك النسيج هو البناء المتراص للدكتاتورية
ولكي نتجرد من التفاصيل وندخل في العام نتأمل قانون حفظ الطاقة , فالطاقة لا تفنى ولا تستحدث إنما تتحول من شكل إلى آخر فمثلا الطاقة الكهربائية التي نغذي بها محرك كهربائي تتحول إلى طاقة حركية وطاقة حرارية بالإضافة إلى بعض المفقودات وفي التوربينات فان الطاقة الناتجة من حرق الوقود تتحول الى طاقة حركية وطاقة كهربائية وحرارة .. وهكذا
يمكن تعميم هذه الظاهرة بقانون حفظ الطاقة
والسلطة هي الأخرى طاقة وليست وهما وعند تعميم ظاهرة التحول بقانون حفظ السلطة يمكن أن نتعامل مع وحدات بنائها ونستلهم تفاعلاتها فالدكتاتورية وهي نزعة التسلط والاستبداد والقرار الخاص الذي لا يقبل بالآخر تدخل بصراع مع الديموقراطية وهي حكم الشعب وتعني التشاور مع الآخرين واحترام آرائهم وعدم انتهاك حرياتهم الشخصية فالدكتاتورية مفردة واحدة لا تتجزأ إذ لا مشاركة فيها بينما الديموقراطية هي مشاركة فيها طرف آخر ويمكن أن تمثل بشعب + حكم ( ديمو... كراتيا ) كما هي أصلا، ولو وضعنا تمثيلا تفاعليا للصراع بين الديمو...كراتيا والدكتاتورية وتسخين أحداث الصراع بينها لينتهي بالقضاء على الدكتاتورية الفردية

فإننا سنحصل على ديمودكتاتورية (تسلط ودكاتورية شعبية) وهي بأنواع مختلفة بالإضافة إلى الطاقة المتبددة وهي سلطة منفلتة( كراتيا) تمارس من خلالها تلك الدكتاتوريات الشعبية نفوذها كما إنها تستغل من قبل اللصوص وقطاع الطرق والمتجاوزين على الحقوق العامة
الا ان النزعة الديموقراطية التي ما تزال غير متأثرة جوهريا بالتفاعل في تلك الدرجة من التسخين (تصعيد الأحداث) والتي تحملها عقليات رصينة وقوية ومبدأية تستمر بالصراع حتى بلوغ درجة ( التصعيد) حدودا اعلى في صراع مرير دامي بين الديموقراطية الرصينة والديمودكتاوريات المهتزة نتيجة تنامي الوعي وازدياد النقمة على ما تجلبة من دمار واسى ليرشح من تفاعلها ديموقراطية قوية واعية تكسب ثقة الناس وتأييدهم

تلك الفكرة الخاصة بالديمودكتاتورية كنت قد بعثت بها في أيام سقوط النظام الأولى عام 2003 إلى جريدة اعتبرتها من أكثر الصحف اعتدالا ونزوعا الى الديموقراطية سيّما وأنها تمثل تنظيما سياسيا علمانيا و.. و .. إلا إنني فوجئت أولا بان جوهر الموضوع محذوف تماما فقد اكتفى محرر الصفحة السياسية حينها بالمقدمة التي مهدت بها بأسطر قليلة للموضوع والخاتمة التي حذرت فيها من تنامي تلك الديمودكتاتوريات واستغلالها للسلطة السائبة وتوجيهها من قبل البعض لمآرب سياسية أو تحويلها الى مافيات
والمفاجأة الأكبر جاءت بعد أيام على نفس الصفحة لناقد وجه نقدا ليس سوى اهانات وسباب وأود ان اذكر الناقد الحكيم ومحرر الصفحة المبجل كم من الأحداث أثبتت تنامي ووجود واستغلال تلك الديمودكتاتوريات وكم من العصابات قد استغلت تلك السلطة السائبة فأرجو أن يكون النقد القادم لهذا الموضوع اقل حدة مع احترامي للجميع










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رحلة نجاح علي طيفور: كيف تغيرت حياته وتحقق أحلامه في عالم صن


.. عودة المعارك إلى شمال ووسط قطاع غزة.. خلافات جديدة في إسرائي




.. القاهرة نفد صبرها.. وتعتزم الالتحاق بجنوب إفريقيا في دعواها


.. ما هي استراتيجية إسرائيل العسكرية بعد عودة المعارك إلى شمال




.. هل خسرت روسيا حرب الطاقة مع الغرب؟ #عالم_الطاقة