الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذوبان الجليد أم المغازلة في العلاقات واللقاءات الامريكية الايرانية في بغداد

طه معروف

2007 / 6 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


ان المحادثات التي جرت بين سفيري امريكا وايران في بغداد في الاسبوع الجاري، قد تم تضخيمها وتحميلها ابعادا سياسيا واسعا من قبل الإعلام العالمي الذي يتحفنا بها كونها مرحلة جديدة في ذوبان الجليد لتدفئة الأجواء بين الطرفين وكأنما الجمهورية الإسلامية الإيرانية ليست هو ذلك النظام التي رأت النور في احد المؤتمرات الغربية- الامريكية في جزيرة كوادلوب الفرنسية في السبعينات من القرن الماضي الذي أوكل اليها دورالحارس لحماية النظام الرأسمالي الايراني والعالمي عبر قضاء على الثورة الجماهيرية الايرانية وتطلعاتها الى مستقبل مشرق.
أية جليد في العلاقة يتحدث عنها هؤلاء في الوقت لم تكن هذا الجليد الموجودة أصلا بين امريكا والنظام الإسلامي السياسي في ايران وإنما توجد مثل تلك الجليد الجبلية المتراكمة بين امريكا والنظام الايراني من جهة والجماهير الإيرانية التواقة للحرية من جهة أخرى.
لماذا هذا الإستغراب والضجيج الإعلامي حول لقاء قطبين إرهابيين المحتلين للعراق؟ألا يتذكرون بدور الأيراني الإيجابي في الحرب الامريكية على افغانستان ومن ثم العراق ؟ألا يتسائلون عن تقرير بيكر-هاملتون الذي كان قد اوصى بلقاء دول الاقليم وخصوصا المجاورة منها للعراق في إطار خطة امريكية جديدة للسيطرة على منطقة الشرق الأوسط؟ ايران، قلعة ألإسلام السياسي، وكنظام سياسي متأزم لم تكن يتعرض يوما ما لتهديد امريكا او اي من الدول الغربية، بل كانت دائما تحظى بالدعمها السياسي لتجاوز ازمتها السياسية والإقتصادية الداخلية.إن معادات امريكا من قبل النظام الإسلامي لا تعدو كونها شعارا تقليديا ديماغوجيا جوفاء تهدف الى خداع وقمع الجماهير. وحتى التهديد بشن عمل عسكري على مواقعه النووية لا يشكل خطرا على النظام بل يندرج في إطار مؤامرة امريكية-ايرانية على الجماهير و تصب في خانة تقوية النظام وتعطي لها تبريرا جيدا لإستثمارها في قمع الجماهير المعارضة للنظام الإسلامي.

لم تكن امريكا بهذه الغباوة عندما كانت يدعو ويحتضن زعماء الميليشيات الشيعية العراقية في واشنطن قبل ان يبدأ حربها على العراق. ولم تكن النظام الايراني ايضا ساذجة حد لم تدرك مصالحها لتقوم بعرقلة اوبتعكير اجواء تلك العلاقات التي كانت تخدم المجهود الحربي الامريكي و يؤدي الى تعزيز وتوسيع مكانته و مكانة الإسلام السياسي في المنظقة بوجه عام في النهاية.النظام الايراني كان في الواقع قد يخطط للحرب على العراق عن طريق مرتزقتها من الاحزاب والجماعات الشيعية العراقية جنبا الى الجنب مع إدارة بنتاكون الامريكي .ان السياسة العدوانية الامريكية هي التي أمكن ايران بسط سيطرتها على العراق. ولولاها لما استطاع ايران ان يطأ قدمه ارض العراق ومن ثم فتح سفارتها وتحويلها الى غرفة للعمليات والأنشطة العسكرية و تشكل من خلالها الميليشيات وفرق الموت لتجوب المدن والقصبات والشوارع والمحلات لإصطياد مخالفه السياسية ومن ثم تدمير اسس الأمن والإستقرارفي العراق اكثر مما دمرتها قوة الإحتلال الأمريكي .
وبخصوص لقاء بغداد، فهو لن يفشل فقط في إعادة الأمن والإستقرار الى العراق، بل انه قد يقود الوضع الى مزيدا من الإنقسامات الطائفية لإن حظور العلني لممثل ايران في هذا اللقاء يدل او يمثل إعترافا صريحا بضلوعها في تدمير الوضع الأمني وبالتالي مسؤوليته عن سفك دماء الآلاف من العراقيين الأبرياء كما انه يمثل ايضا إعترافا صريحا من قبل امريكا وحكومة المالكي بتسلط وسيادة ايران في العراق . فلا امريكا ستتغير سياستها في العراق-في الوقت الحاظر- المتمثلة ببقاء الإحتلال ولا ايران سيتنازل عن مشروعها في العراق لبناء حكومة الإسلامية على غرار حكومة الولاية الفقية في طهران .وطبقا لموقف الطرفين فان العراق ستبقى ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات السياسية بين الطرفين واطراف اقليمية اخرى ولا يقتصر على الشأن العراقي وبل انه تمتد و تشمل جميع الملفات السياسية الاخرى في إطار الصراع على النفوذ في منطقة الشرق الأوسط .
إن مثل هذه اللقائات في الضرف الراهن قد تخدم بالدرجة الاولى الإسلام السياسي في العراق وفي المنطقة لأنها تشكل مؤشرا ملموسا على نجاح سياسة قلعة الإسلام السياسي مقابل اكبر قوى في العالم. قوى الإحتلال الأمريكي في العراق تدفع ثمن فشلها في العراق وقوى الاسلام السياسي المتمثلة بحكومة احمدي نجاد تجني ثمار إنتصاراتها في العراق . نفوذ امريكا وآمالها في العراق آخذة بالتلاشي والإنقضاء مقابل تقوية وتوسيع وتنامي النفوذ السياسي الإيراني. و فيما يبدو فأن ايران لم يستثنى حتى تنظيم القاعدة في العراق من دعمها وما بالك بعشرات من الجماعات والميليشيات الاخرى المسلحة ،الشيعية والسنية،التي ترتبطها بعلاقة حيوية .وحتى كردستان الذي يتمتع بشئ من الهدوء النسبي وخصوصا للقوات الأمريكية ،بدأ ت يتعرض لتهديدات المتكررة من قبل الإرهابيين التابعين ل -انصار السنة –المدعومة من ايران بشكل العلني لا غبار عليه وسط صمت الاحزاب القومية الكردية بغية تضليل الجماهير حول خطر الإسلام السياسي الذي تشاركها في حكومة اقليم كردستان.
إن إختلال التوازن بين طرفي اللقاء كبيرة للغاية. ففي الوقت يتمسك ايران بمعظم الخيوط الرأيسية في العراق المتمثلة بجميع الميليشيات المسلحة تقريبا بشقيها الشيعي والسني ومن ضمنها جزء كبير من تشكيلة الحكومة العراقية ،فإن أمريكا خالي اليدين ولا يتمتع حتى بالدعم هؤلاء ممن جاؤوا على ظهر دباباتها الى العراق.وفي هذه الحالة ستكون امام امريكا خيارين :فإما المصالحة والمساومة مع ايران حول العراق ومع الإسلام السياسي على صعيد المنطقة من عراق الى فلسطين وافغانستان و إما تلقي مزيدا من الضربات ووقوع مزيدا من الخسائر في صفوف قواتها المنهكة اصلا في العراق .
واخيرا إذا كان ثمة شئ إسمه الأمن والإستقرار للعراق فلا يتحقق ذلك إلا بإنهاء الإحتلال ومن ثم إخراج وطرد ايران وعملائها الإرهابيين من العراق من قبل الجماهيروقواه اليسارية والعلمانية والمدنية المناهظة للإحتلال والرافضة لسلطة الميليشيات الطائفية الدينية والقومية المدعومة أقليميا لنسف وتدمير الامن والإستقرار في العراق.
طه معروف
31-5-2007








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن في الرياض.. إلى أين وصل مسار التطبيع بين إسرائيل والس


.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين يرفضون إخلاء خيمهم في جامعة كولومبيا




.. واشنطن تحذر من -مذبحة- وشيكة في مدينة الفاشر السودانية


.. مصر: -خليها تعفن-.. حملة لمقاطعة شراء الأسماك في بور سعيد




.. مصر متفائلة وتنتظر الرد على النسخة المعدلة لاقتراح الهدنة في