الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أعراس الحقيقة

إسماعيل أحمد

2007 / 6 / 2
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


فيما كان النظام السوري وأبواقه يحتفلون بإنجازهم الديمقراطي الذين دفنوه سويا، ومفرقعات القوات المسلحة وألعابها النارية تضج فوق سماء قاسيون، كان هناك في بيروت ذات المظاهر الاحتفالية، وذات الألعاب النارية التي حرصت حكومة لبنان ولأسباب أمنية وسياسية على الحد منها تجنبا لاستفزاز أولئك القابعين في ساحات النصرة لنظام القتلة في دمشق!

نيويورك أيضا كانت في عرس آخر، لسبب لا يخرج عن احتفالات بيروت، غير أن مفرقعات نيويورك لم تكن ألعابا نارية كتلك التي أضاءت سماء دمشق وبيروت، وإنما قرارا دوليا ملزما ينتصف للحقيقة من القتلة، ويلوح بالفصل السابع في وجه نظام طالما نعم بدلال ذات الدول التي انقلبت عليه بعد أن أعياها زحلقة وطيشا وسفاهة!



ومع إصرار أبواق النظام السوري على أن دمشق غير معنية بالقرار 1757 غير أن المجتمع الدولي بأسره يعلم بأن القرار ما نضد تحت الفصل السابع إلا لأن المحكمة ستتجاوز يقينا في المتهمين والشهود حدود الوطن اللبناني، ولولا أن القضية تجاوزت الحدود لكان القضاء اللبناني وحده المخول بكشف الحقيقة دون الحاجة لتحقيق وقضاء دوليين...

النظام السوري الذي حاول أن يتمالك أعصابه ساعة النطق بالحكم، حتى كان لسان حال إعلامه: اليوم خمر وغدا أمر، لم يخف قلقه وثورة غضبه في غمرة ما كانت يظهره من بهجة تجديد البيعة المزعومة! ومن هنا فقد كان تعليق وكالة الأنباء السورية أسبق من تعليق الحريري والسنيورة والشعب اللبناني المعني بالقرار، ليزعم المتسلطون في الحكومة السورية حرصهم على سيادة لبنان وأمنه واستقراره، وكأن متوالية جرائم جيشهم ومخابراتهم قبل الخروج من لبنان وبعده تشهد بعكس ما كان شاخصا أمام المجتمع الدولي بلا مرية!

أبواق النظام في سكرة الاحتفالات كانوا بين قانوني حالم وبرلماني واهم ..

أما القانوني الأكاديمي فيزعم أن المحكمة الدولية لا يسعها محاكمة السوريين المتورطين لأن القضاء السوري قادر على ذلك، ولأن قرار المحكمة الدولية بحسب فهم الدكتور إبراهيم الدراجي مكمل للقضاء السوري لا مستقل عنه، ولأن القرار الدولي يفصل في غير اختصاصه، فالفصل السابع بحسب فهم الدراجي لا يختص بالوضع اللبناني حيث توجد سلطة شرعية! ولا أدري أي شرعية يتكلم عنها الدراجي وهو يعلم بأن البرلمان معطل، والرئاسة منكفئة على ذاتها، والحكومة مقاطعة من طائفة بعينها بقصد وضعها في صورة تتناقض مع الدستور اللبناني والطائف الذين يدعوان لتوافق كل الطوائف في القرار الحكومي! لماذا علينا أن نقول بأن السلطة تمارس صلاحياتها في معرض الممانعة لقرار العدالة الدولية، بينما المعتصمون في ساحتي الصلح والشهداء يزعمون منذ أشهر بأن السلطة التنفيذية فاقدة لشرعيتها!!

وأما البرلماني المفوه، فقد ترك مركز دراساته الإسلامية، ودعواته المتكررة لعزل الإسلام عن السياسة، ليكون بوق النظام الممجوج الذي يسوق لكل قضية بما في جعبته من مزاودات دينية ووطنية وقومية...

في هذه المرة لم تكن قضية التسويق متعلقة بحزب الله التي ما برح يسوق له (ولحماس) متجاهلا صدى دعوته المتناقض مع دعوته السورية الداخلية لمنع الأحزاب الإسلامية! هذه المرة كان التسويق قوميا، عبر المتاجرة بقانا والعمال السوريين والمجازر الإسرائيلية..

وعلى ذات خطى كل الفاشلين المهزومين من لدن عبد الناصر وانتهاء بصدام، فإن شماعة إسرائيل (التي لا يدافع عنها أحد منا) جاهزة دائما وأبدا لتبرير جرائم كل الطاغين المفسدين الذين ينكلون بشعوبهم وقومهم، ويتجاوزن حدود القانون الدولي!

صدام حين تحدى المجتمع الدولي باحتلال الكويت راح يحدثنا هو الآخر عن سكوت العالم عن إسرائيل، وكأن الجريمة تبرر الجريمة، وها هو حبش وأضرابه ينكرون على المجتمع الدولي تصديه للعدالة في قضية الحريري، بينما هو يسكت عن جرائم العدو الصهيوني!

الجريمة ليست مبررا للجريمة يا دكتور حبش، وانتصار المجتمع الدولي لقضية عادلة يستحق التقدير، والصواب لك ولأمثالك ممن يسوقون لمن عينهم في مجلس الدمى أن تطالبوا المجتمع الدولي بأن يحذو في قانا وجنين حذو ما أبرمه من قرار في قضية الحريري، لا أن تطالبوه بأن يحذو في قضية الحريري ذات التفريط الذي عالج به تلك المجازر المدانة إنسانيا سواء اعترف بها المجتمع الدولي أو تجاوزها..

ويبقى أن الشعب السوري الصابر على عبث النظام منذ بضع وأربعين سنة هو المحتفل الأول بكشف جرائم المتسلطين عليه، فقد عانى منهم بيقين أكثر مما عانى اللبنانيين، ولعل إسهاماته في كشف طبيعة النظام الإجرامية، تعجل من إدانة المجرمين بجرائمهم، فالملف السوري اللبناني ملف واحد مهما بدا متمايزا، ومن يدري فلعل الله أن ينعم بفضله ومنّته على المستضعفين من أبناء هذا الشعب بما صبروا كما من على الأولين، {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ}الأعراف137








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معرض -إكسبو إيران-.. شاهد ما تصنعه طهران للتغلب على العقوبات


.. مشاهد للحظة شراء سائح تركي سكينا قبل تنفيذه عملية طعن بالقدس




.. مشاهد لقصف إسرائيلي استهدف أطراف بلدات العديسة ومركبا والطيب


.. مسيرة من بلدة دير الغصون إلى مخيم نور شمس بطولكرم تأييدا للم




.. بعد فضيحة -رحلة الأشباح-.. تغريم شركة أسترالية بـ 66 مليون د