الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصتان قصيرتان - كحول في السماء - هذيان بنفسجي بلحظة شرود

مصعب فريد حسن

2007 / 6 / 4
الادب والفن


كحول في السماء
كان قد أعيانا التعب هذا المساء , بعد أن دخلنا عشرات المحلات التجارية , ونحن نسأل ( هل يوجد عرق , أو حتى بيرة بيمشي الحال ؟ ) , كانت سحن التجار الذين نسألهم متشابهة , عبوس , وتقطيب حواجب , و إستيعاذ بالله منا ومن الشيطان الرجيم , حتى كدنا نظن أنفسنا شياطين حقا , يبدو أننا دخلنا حقل ألغام غير محسوب العواقب , قلت لصديقي ( تعال , لا تنظر إلى المحلات التجارية ولا تنظر إلى الأرض كلها) ( لم أفهم , أين سأنظر ؟ ) (أنظر إلى الأعلى , انظر إلى السماء يا غبي , إذا أردت أن تحصل على الكحول أنظر إلى السماء , لأول مرة في حياتي أحس أن الله معنا ) نظر إلى الأعلى باستغراب وقال لي ( لم أفهم شيئا ) (ألا ترى هناك ذلك الشيء الذي يضيء !؟) ( نعم ) ( اتبعه إذا ) ظل يضحك ويثني على عبقريتي ( لقد سبقتني بالدهاء يا ملعون ) ( ليس دهاء بل كفرا ) , سألني وهو لا يزال يضحك ( أنت تعلم أن أبو زوجتي لا يشرب الكحول بسبب موقفه الديني منه ؟ ) ( لكنني رأيته يشرب ) ,( لقد احتلتُ عليه حتى أدمن الشراب , كنت آتي له بنوع من العرق ,كان يشربه و ينتعش ويمرح وتدب النشوة كامل أوصاله , هل تعلم لماذا ؟ ) ( لماذا ؟ ) ( لمجرد وجود عبارة صغيرة على الزجاجة , عبارة صغيرة تقول : عرق خال من الكحولات الضارة , كان يشربه وهو يظن فعلا إنه خال من الكحولات ) بقينا نضحك حتى وصلنا تحت ذلك الشيء المضيء , دخلنا أول دكان صادفناه , وسألنا( هل يوجد عرق ؟) , أجاب البائع بابتسامة ودودة ( أي نوع تريدون , ميماس , ريان , حياة , وإذا أردتم عرق أجنبي فهو موجود أيضا ؟ ) أخذنا نوعا محددا وخرجنا , قال لي صديقي ( يبدو أن هناك سماء بكحول وأخرى بلا كحول !) , نظرنا إلى الأعلى حيث يضيء ذلك الصليب فوق مبنى جميل الهندسة عريق الحضور كما يبدو , شكرنا أبانا الذي في السماء ودعونا له ليتقدس اسمه ,و لتكن مشيئته ,ودعونا أن يغفر خطايا من عبس في وجهينا , وأن ينجنا من الشرير ولا يدخلنا في التجربة التي مررنا بها قبل قليل .


هذيان بنفسجي بلحظة شرود

بعت منزلي , لكن فجأة , لم ألتفت إلى الأمام , سرت خلف ما تركته خلفي , مضيت إلى يقينٍ ما , وتركت بقايا ما اكتمل , ثم احتفلت بذاتي كبطل على قارعة المهب , حيث تركت الجهات و بعثرت الخطى في لزوجة الوصول .
قرعت ناقوس الانتظار بذاكرة تخرج من ولع ما سيأتي , في طرق لا تعرف عني إلا العبور, هِمتُ على وجه غيري لأصِلْ , قلت كلمتي ودفنتُ نفسي بها , وكانت خصلات أحلامي تطير من موميائي , التفتُّ إلى الجهات القابعة في الزاوية , ومضغت ( لا شيء ) بانتظار الحدث .
لم يكن هذا هو هذياني الذي أعرفه عني , فأعطيته فرصة ليلتقط أنفاس مخيلتي , وهناك خارج البيت الذي بعته منذ قليل كان الناس يدبّون في المجتمع , وأولاد الحلال لم يتركوا شيئا لأولاد الحرام مثلي , في الحقيقة كنت أخاف عليهم مني , فأنا كما يبدو مجرم يهذي , وخارج عن القانون أيضا .
عدت أدراجي حتى لا أرتكب خطأ ضد هذا المجتمع بلحظة شرود , كنت كمن كتب على جبينه احترسوا مني , و بلحظة شرود لا أدري كيف اصطدمت بسيارة كانت تمر بالقرب مني , كانت الضربة خفيفة و السيارة تأذت قليلا فهي سيارة صينية , ضحكت من رداءتها , لكنني نهضت وكنت سأتابع سيري عندما شتمني صاحب السيارة وقال بأنه سينيك أمي وكذلك شتم ( كس أختي ) , تذكرت أختي فتركته وذهبت لأشرب قهوة عندها ,فأنا لم أرها منذ مدة , لكنني أخيرا ذهبت إلى المقهى , كان بعض الأشخاص يتكلمون على الطاولة المجاورة , صمتوا عندما جلست , أعرف أنهم كانوا يتكلمون في السياسة , كانت سحنهم سياسية بامتياز ومع ذلك لم أستطع تحملهم فخرجت من المقهى . حسنا كان الطقس قد بدأ يعتدل , ركبت سيارة أجرة قال لي سائقها بأنني أصفر اللون , وأنني أهذي فقد صدرت مني عدة كلمات غير مترابطة مع ضحكة غير مفهومة , شكرته وطلبت منه أن يأخذني إلى طبيب يثق به , فانا ابن حرام مصفَّى ولا يُؤمَن جانبي أبدا , ولكي لا يخاف مني قلت له أنه يستطيع شتم ( كس أختي ) كما يريد , لكنه في النهاية احتج على الأجرة العالية التي أعطيته إياها , فقد أعطيته بلحظة شرود وأنا أبتسم ثمن البيت الذي بعته منذ قليل , غير أنه وعن طيب خاطر أعاد لي ثمن معاينة للطبيب وأجرة سيارة إلى البيت , كنت مشوشا على ما أعتقد , درت حولي قليلا لأختبر توازني , كان كل شيء عال العال مع أنني كنت غاضبا من أجل أختي . أزلت تشوشي حتى أتفرغ تماما للانتباه إلى نفسي لئلا أضبطها بـ ( لحظة شرود ) , وببطء شديد , وبدون شرود , وأنا منتبه جيدا إلى نفسي , عدت أدراجي إلى بيتي الذي بعته منذ قليل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات في جامعة ديوك الأميركية ضد الممثل الكوميدي جيري ساي


.. المغرب.. إصدارات باللغة الأمازيغية في معرض الكتاب الدولي بال




.. وفاة المنتج والمخرج العالمي روجر كورمان عن عمر 98 عاما


.. صوته قلب السوشيال ميديا .. عنده 20 حنجرة لفنانين الزمن الجم




.. كواليس العمل مع -يحيى الفخراني- لأول مرة.. الفنانة جمانة مرا