الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحركة العمالية المصرية ..الواقع و أفاق المستقبل

صلاح الأنصارى

2007 / 6 / 5
الحركة العمالية والنقابية


بداية أجد نفسى مضطرا الى الاعتذار للقارىء المتابع للشأن العمالى فى مصر، عن اضطرارنا للعودة الى الحديث عن وضع الحركة النقابية المصرية الحالى وأفاقها المرتقبة فى خضم التطورات المتتالية التى تشهدها البلاد فى السنوات القليلة الماضية على المستويات الأجتماعية والاقتصادية والسياسية وما يشهده المجتمع العمالى المصرى من حركة اضرابات واسعة خلال الستة اشهر الماضية وحتى كتابة هذا الموضوع

فقد تحدث عن الحركة العمالية والنقابية فى اطار واقعها ومستقبلها العديد من النقابيين والمفكرين والباحثين فى هذا المجال , ومازال الموضوع مطروحا للبحث عن اى تغيير ايجابى فى الاوضاع العمالية والنقابية , وارتباط ذلك بعدم فاعلية اليسار المصرى فى التأثير الايجابى فى وضع الحركة العمالية والنقابية الصحيح والمنشود داخل فاعليات المجتمع المدنى فى مصر

والذى يدفعنا الى العودة لهذا الموضوع بأبعاد جديدة , هو المستجدات والمتغيرات التى حدثت فى المجتمع المصرى من ظهور ما يسمى بحركات التغيير فى السنوات القليلة الماضية حركة كفاية والتجمع الوطنى من أجل التغيير و الحملة الشعبية من اجل التغيير والوفاق الوطنى والتحالف الاشتراكى وأخيرا اتحاد اليسار

كما لا يغيب عنا الاحتجاجات العمالية التزايدة فى الأشهر الأخيرة الماضية والتى تقف فى مواجهة اثار الخصخصة على الاوضاع العمالية فضلا عن الحقوق المتراكمة , وكأن هذه الاحتجاجات تطرح السؤال المهم : هل الخصخصة ضرورية ؟

الملكية لها اهميتها , غير أن الحاجة الى الخصخصة ليست ضرورية وقد يرى البعض حتى من اليساريين انه لا يهم ان تكون وسائل الانتاج فى يد الدولة او القطاع الخاص , وانما المهم ان تحقق علاقات عمل عادلة , وعليه فان العمال لا ينظرون الى هذا التحول فى الملكية من هذا المنظور وانما ينظرون الى الاثار الناتجة عن هذا التحول , فاِن بيع القطاع العام للاجانب والاستغناء عن العمال والتقاعد المبكر والغاء ضمانات مهمة فى الحماية التأمينية والنقابية والقانونية , وعليه فان ماتم هو تفتتيت بنية الطبقة العاملة وتهميش دور المواطن فى بناء مجتمعه وتحقيق ذاته , فضلا عن زيادة جيش البطالة , وزيادة نصيب الغرباء فى الدخل القومى , واصبح رجال المال والأعمال فى عالم اليوم لا تشغلهم مثل هذه الأمور , ذلك أنهم مشغولون بالحصول على وكالات الشركات الغربية , أو منهمكون فى المضاربة على الأراضى وبناء القرى والمنتجعات السياحية وما ينتجه القلة منهم لا يخدم سوى قشرة محدودة وأستثنائية فى المجتمع

فالعمال يتحملون كل الأثار الضارة عام بعد اخر , واذا كانت النتائج الاقتصادية لا تفيد الا قلة , واذا تأجلت العودة الى النمو زمنا طويلا , واذا كان الفساد ينظر اليه باعتباره أمرا متواطنا , فان رد الفعل من جانب الخاسرين هو الاضرابات الأخيرة التى تمثل صرخة اعتراض فى وجه كل هذه السياسات الحكومية , وصرخة ضد التنظيم النقابى الرسمى الذى يباهى بأنه شريك فى سياسات الاصلاح الاقتصادى

وفى حقيقة الأمر احاول ان اكون حياديا فى تناولى للموضوع , وأعتذر اذا تم اِنشطار الذات الباحثة وعقلها بين موضوع البحث , وانتماءاتها واهوائها , خاصة اذا تناوانا موضوعا شائكا وراهنا وتبدو على ساحته هموم طبقة اجتماعية هى الطبقة العاملة المصرية

اذن , هى لحظة تقاطعات وانفصالات , وتدافعات , وضغوط , وبها ايضا مساحات من الحرية ومن محاولات رفض السياق , وقواعدهم , وأطرافه وقوانينه

فحركات التغيير التى اسلفنا ذكرها , كلها رفعت شعار التغيير -والتغيير - يمثل جزءا من لغة سياسية عامة تتسم بالغموض والعمومية , أو السيولة وعدم الاتفاق على دلالات محددة لغالب حقل المفردات والمفاهيم المتداولة فى الحقل السياسى فى بلادنا

كل ما أحدثته هذه الحركات والتحركات , صحفيين , مهندسين , قضاة , اساتذة الجامعات وغيرها من النخب .. أحدثت انبهار شعبى واعلامى وأصبحت مادة اعلامية على أجندة الفضائيات , لاِِختراقها حاجز التعبير ؟ ! اما التغيير فقد أدخلنا فى عالم من الضبابات اللغوية التى تقودنا دوما الى مناطق مأزومة

واذا حاولنا تحديد أين تقع المشكلة وراء هذا الصخب والمطالبات المتعددة بالتغيير , فسوف نلاحظ اِبتداء : ان التغيير مشحون بطاقات نفسية عارمة ومكثفة , تمده بمحركات للظهور على الشارع السياسى , وفى رأينا ان كل هذة الحركات تدور حول اِحداث تعديل فى بعض قواعد اللعبة السياسة ومداواة اثارها , لكن لايوجد منهج تغيير شامل سواء فى شكل التغيير المطلوب وحدوده فكلها مطالبات وتصورات داخل النسق وفى اِطار قواعد اللعبة - حتى القوى الحزبية ونظرتها للتغيير يدور حول دور الدولة التى يجب ان تقوم به , وهى ظاهرة بالغة الغرابة , لأن فكرة الحزب السياسى زالحياة الحزبية تفترض ان يقدم كل حزب مشروعات وبرامج التغيير والتى تعبر عن مصالحه وأهدافه وتفعيلها فى المجتمع خاصة اذا كانت يسارية وقد نجح الاسلام السياسى فى ذلك - وعلى سبيل المثال الاخوان المسلمون , فاِن الاخوان المسلمون من خلال نشاطهم فى الجامعات ربوا جيلا اخترق الشبكات الوسيطة فى المجتمع وفى نقابات مهنية هامة تحديدا فى الوقت الذى لم يسمح للأحزاب السياسية عن اِقامة أى نشاط سياسى داخل الجامعات وحتى فى الساحة النقابية العمالية , فاِن الساحة تشهد فراغا يساريا لأسباب عديدة أهمها : التزوير فى الانتخابات العمالية , فضلا عن أن المتصدين للعمل النقابى من اليساريين أغلبهم من جيل السبعينات ولم يستطع اليساريين بالمعنى العام من خلق صف ثانى يكمل مشوار الوعى والنضال الطبقى

كل هذه العوامل اثرت الى حد كبير فى وضع الحركة العماليى فضلا عن تأمين النقابات الرسمية وأحتوائها من قبل السلطة الحاكمة منذ خمسين عاما مضت

الأمر الذى أدى الى بيروقراطيتها وجمودها وشيخوختها فضلا عن غياب الحركة التضامنية الفاعلة فى الحركة العمالية بمعناها الشامل مع اِحتجاجات الطبقة العاملة , وتراجع دور الحلفاء الطبيعيين للطبقة العاملة , لأنهم مشغولون بماطالبهم الفئوية وحركاتهم النخبوية , وأصبح التضامن والمساندة عبر وسائل الاتصالات التى استحدثتها العولمة من انترنت وفضائيات وجرائد تبرز الاحتجاجات على صدر صفحاتها بغرض تحقيق اكبر توزيع للجرائد , وغاب التضامن والمسانة الفعلية الا من قليل من مراكز حقوقية تهتم بالشأن العمالى والنقابى على رأسها دار الخدمات النقابية- التى كان مصيرها الاغلاق لدورها المساند والموعى - بل واتهامها بأنها المحرض على موجة الاضرابات

كل هذه الأمور أدت الى عدم انتاج وعى طبقى فى صفوف العمال فى حين سيطر الخطاب الدينى السطحى على دعاية المرشحيين فى الانتخابات العمالية مثل- أذكار الصباح والمساء والأدعية والأيات القرأنية والأحاديث الشريفة- والقلة القليلة من اليساريين قدموا برامج حول الحقوق الاقتصادية والحريات النقابية رغم صدور قرارات وزارية مهددة بالاستبعاد اذا رفعت شعارات سياسية أو دينية ؟

فالواقع يحدثنا بلا مواربة عن الغياب الموضوعى للطبقة العاملة وتراجع فكرة الصراع الطبقى والانفصال العضوى بين التنظيم النقابى الرسمى والعمال وتسريح الطبقة العاملة تسريحا جماعيا فى ظل سياسات الخصخصة

أن المتغيرات فى علاقات العمل والملكية أمر لا يؤدى الا الى حلول جزئية وان عودة الحلفاء الطبيعيين الى حضن الطيقة العاملة ودفئها ومساندة كل القوى الديمقراطية ووحدة اليسار أمور من شأنها ان تعيد الطبقة العاملة الى دورها الرئيسى فى الصراع الطبقى ولا يجب أن نكتفى بأن نقول مانريد والرأسمالية والحكومة تفعل بنا ماتريد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ألمانيا.. متضامنون مع فلسطين يعتصمون أمام جامعة هومبولت في ب


.. كل يوم - -حكايات الحما- .. اتيكيت وقواعد التعامل بين الخصوصي




.. غزة اليوم(3-5-2024):عدنان البرش.. طبيب مستشفى الشفاء، في عدا


.. نقابة الصحفيين الفلسطينيين: 135 صحفيا وعاملا بمجال الإعلام ق




.. 10 طلاب بـ-ساينس بو- يضربون عن الطعام لـ 24 ساعة دعماً لغزة