الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين جوانح الغربة

وجدان عبدالعزيز

2007 / 6 / 5
الادب والفن


في السوق ذي السقف المضلّع بين الصفارين وباعة الفافون ، خط طريقه باتّجاه باعة الأقمشة كان السوق مظلماً إلاّ بعض وهج أضوية نفطية تسيل على الوجوه المارة المنشدّة نحو الجهات المختلفة ، في حين كان ذهنه مثقلاً بابتسامتها الذابلة ومن أيّ الألوان هي وقبلها ساق أحلامه بمشكاة وراح يبتلع ذكراه القديمة ، متحمّلاً ألم الشروع .. لا يدري أهو خرج من مدخل السوق أم ... ولمّا انثنت همّته في رجوع خائب صعوداً نحو فراغ الأمكنة حسب الأمر ينتهي عند اختيار الألوان ، لم يكن السوق حجّته الوحيدة بقدر ما حملت ابتسامتها من حجج واهنة قد تكون أحد المبررات التي تدفعه بشدّة إلى هذا .. وهو يمرّ قد تصدُق نبوءة المتقوّلين حول الجنون وأشكاله في ومن زادت فيه كفّة الهموم .. ولازال المتقوّلون يضربون غيابه بالكثير من التلفيق .. أحدهم قال : تعنس هذا الرجل وقطاره ضلّ الطريق وزاد في حديثه : هو خبل لاحت له فرصة ( جمال ومال ) ولم يحسن اختياره .. الثاني قال : يملك الكثير ورثه عن أبيه وأضاف : لكنه يقول الشعر ويتعاطى كتب الفلسفة منذ زمن بعيد .. الثالث قال : إنه فعلاً خبل ولا يعير أيّ شيء أهميّة محددة ...
وظلّوا يسوطون غيابه بألوان المقالات ، بينما هو كلّما جنَّ ليله افترش أوراقه وساوى بين أوراقه بين أشيائه المبعثرة .. مقالات وروايات من عصور غائرة في القدم تتراكم ومقالات وروايات بائرة الحداثة، عالم هذا يشدّه إلى ركن أكثر ألفة وهو يغادر كل شيء إلى عالم رواياته هذه خالقاً من مضائق المسافات التي تحيط به جدراناً وهمية تتباعد في مسارها ، لكنها لا تستقيم في نهاياتها بل تكاد أن تكون مضبّبة حين يرنو إليها من نقطة بعيدة ، كل المركبات التي حاول أن يعلّق نظرة فوق فضاءات الطرق السائرة بركبها لم يتمكّن تماماً من الوصول إلى بيان يجلي إحدى حالات أقصى مسافات الخيبة ومع فرارة العجلات المسرعة تأكّد عدم استقراره وتأكد من اختلاط الألوان ، لكنه يعلم يقيناً من ردّها إلى سفوح نقطة انطلاقه من السوق باتجاه بائعي الأقمشة قيل له بل علم بطريقة ما ، أن الكثير من هؤلاء يذكرونه بما ليس فيه ويزيدون على رواياتهم المزيفة ويتزودوا من آخرين بالغوا في نقلها حتى تضخّمت واتّسعت بين مقاهي المدينة وبيوتها .. هو حاول لمّها وحصرها غير أنه ساح في بعض الكتب مطالعاً ، فانسحبت في غفلة قراءته لتلك الكتب لتتناسل في جلسات العاطلين وتنابل المدينة مرة أخرى ، وفي إحدى لياليه حبّرَ رسالة موسومة بألم مخلوط بفرح جميل لأمل معلّق عن ابتسامتها وأخبرها عن نيّته في شدّ رحال السفر إلى إحدى المدن المجاورة وظلّ متردداً ليالي إضافية عن إيصالها تلك الفكرة التي بدأت تأخذ أبعاداً أخرى ، لم يخبر أحداً عن قراره النهائي وأصر على الاحتفاظ بهذا لنفسه ، لكنه بدت علامات دلّت في بعضها على ما خبّأته تلك الليالي ثم أن الأمور في أحلك حالات التغطية والدوران بدأت تتكشف وانحصر الحديث عنه بين العقلاء أصحاب الرّأي وحلاّلي المشاكل العالقة بين الفرقاء ولكنه لم يتأكد الحديث بعد ولم تظهر نتائجه وظلّ الدوران كما هو حتى سفره الأخير بين جوانح الغربة ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل الأدب الشعبي اليمني مهدد بسبب الحرب؟


.. الشباب الإيراني يطالب بمعالجة القضايا الاقتصادية والثقافية و




.. كاظم الساهر يفتتح حفله الغنائي بالقاهرة الجديدة بأغنية عيد ا


.. حفل خطوبة هايا كتكت بنت الفنانة أمل رزق علي أدم العربي في ف




.. فرحة الفنانة أمل رزق بخطوبة ابنتها هايا كتكت وأدم العربي داخ