الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشهيد الأب رغيد عزيز كني وداعا

زهير كاظم عبود

2007 / 6 / 5
الارهاب, الحرب والسلام


يقول السيد المسيح (( احبوا اعداءكم ، أحسنوا الى مبغضيكم ، باركوا لاعنيكم ، وصلوا من اجل الذين يسيئون اليكم ، من ضربك على خدك فأعرض له الآخر ايضا ، ومن أخذ رداءك فلا تمنعه ثوبك أيضاً )) .
فأذا كان العدو بشرا يمكن التعامل معه ، ولكن كيف السبيل ايها السيد الجليل مع حيوانات تلبس وجوه البشر ؟ ولم تزل تغلف قلوبها الغلظة ، وتحجرت مشاعرها كحجر الصوان ، فباتت معدومة الأحساس والضمير .
ما العمل يارسول السلام والمحبة ونيران الشر تغمر هذه الأرواح الهائمة التي تنهش الأحياء وتأكل لحم الموتى وتفخخ الأجساد الميتة .
هذا خادم كنيستك في حي النور بالموصل ، يوزع وقته بين الصلاة وبين الدعاء بان يتجنب الناس شر الاشرار ، وان يكتسي الفقراء ثيابهم ويقيهم جوعهم ، وان تعبر الغيوم القاتمة من سواد العراق ، وأن يقي الموصل الحبيبة كل تلك المشاعر الوحشية التي تنتشر بين احياءها .
هذا خادم كنيستك ألاب رغيد عزيز كني الذي لم يزل في ريعان شبابه ، وقد وظف عمره لخدمة بيت الله ، ونذر كل ما تبقى له من الأيام لخدمة الإنسان ، هذا رغيد ياسيدنا المسيح الذي لم تغريه أوربا ولاسكون الكنائس وجمالها فيها ، ولا غلبته الشهادة العالية والرفيعة التي حصل عليها في الهندسة من جامعة الموصل ، ولاحتى الشهادة في اللاهوت التي حصل عليها في روما ، فقرر إن يعود الى أرضه واهله ، ليستقر في الموصل التي ينبع منها الطيب والعبق فوق ربيعها ، ويتميز اهلها بخلقهم الرفيع وأنسجامهم الديني والأجتماعي المتميز ، عاد رغيد الى الموصل فيستقر في حي النور حيث كنيستكم ، فيعرفه الناس بدماثة خلقه ورفعة تربيته والتزامه الصادق ومحبته للناس ، عاد رغيد ينثر فيها تعاليمكم ليقول للناس مقولتك الخالدة :
(( ولاتدينو فتدانوا ، لاتقضوا على احد فيقضى عليكم ، أغفروا يغفر لكم )) .
سيحب رغيد مبغضيه وسيحب رغيد قاتليه ، ولكنهم ودون سبب سلطوا رشاشتهم المجرمة ، وضغطوا على الزناد دون عقل وهم يصرخون ، اعتقادا منهم أن كلماتك ستموت ، ولن يستطيع من بعده أحد إن يحفظ تلك الكلمات الخالدة التي تجلجل في الضمائر ، وحتى تموت المحبة والمغفرة ، وكل من سألك فأعطه ومن أخذ الذي لك فلا تطالبه ، كانوا يريدون قتل كلمات المحبة فقصدوا رغيد لأنه يمثل المحبة ، ورحل رغيد مضرجا بدمه يحمل روحه اليكم يحلق في سماوات الله ، لكنه لم يزل يبشر بالكلمات الخالدة ويدعو للمحبة ، ويلتمس العذر للقتلة والمجرمين ، فقد اتعبهم القتل وأرهقهم الخوف وهم يبحثون عن الضحايا ، ثم كلفهم عملهم عرقا وأنشدادا حين فخخوا المنطقة حتى لايتم سحب جثة الأب رغيد ورفاقه ، وبئس ما فعلوا فقد بقيت كلماته تلاحقهم ، لكنه لم يكن يعرف أنهم ارتدوا وجوه البشر وجلودهم بقلوب متوحشة وفتاكة ولم تعهد الالفة وحياة البشر .
بصمت رحل الأب رغيد ، ولم يكن القتلة مجهولين كما تقول الأخبار ، فقد راقبوه وكمنوا له وقرروا بسابق تصميم وبأرادة شريرة ممتلئة بشبق الحيوان الجائع الهائج ، فأقدموا بسلاحهم وسياراتهم الى حي النور يراقبوا بيت الله ، وحيث خرج الجمع من رجال الدين بسيارتهم المتواضعة ، اقدم الجناة على قتل الاب رغيد عزيز كني راعي كنيسة الروح القدس في حي النور بالموصل وثلاثة من شمامسة كنيسته هم بسمان يوسف داود اليوسف وغسان عصام بيداويذ ووحيد حنا ايشوع اثناء خروجهم من الكنيسة في مدينة الموصل ، ولكنهم اكملوا صلواتهم مما زاد القتلة حنقا .
وداعا ايها الشهيد الحي وروحك تحلق فوقنا ، تزف لنا تعاليم الحواريون ، والحقائق التي لم تزل قائمة بيننا ، وبقيت وفيا لكلمة الله وللروح القدس ولبيت الله الذي اتخذته ملاذا وموطنا تسكنه روحك التي لم تزل تأوى اليه .
الأب رغيد عزيز وداعا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن بوست: صور جوية تكشف ملامح خطط إسرائيل لما بعد حرب غزة


.. المعارضة الكردية الإيرانية تصف طلب إيران بجمعها في مخيمات بـ




.. عشرات القتلى والمصابين في هجمات إسرائيلية على مناطق عدة في ا


.. دانيال هاغاري: قوات الجيش تعمل على إعادة 128 مختطفا بسلام




.. اللواء الدويري: الجيش الإسرائيلي يتجاهل العوامل الغير محسوسة