الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يوقف انتشار خلايا السرطان ؟

ابتسام يوسف الطاهر

2007 / 6 / 6
الارهاب, الحرب والسلام


فُجعنا ولكن لم نفاجأ بأخبار النهر البارد وما فعلته وتفعله جماعة (فتح الاسلام) هناك، فهو مطابق لما يفعله زملاؤهم في النهر الدافئ في العراق مع الفارق ان جرائمهم في العراق لا احد يدينها لا العرب ولا المسلمون بل يعتبرونها جهاداً ومقاومة!.
كذلك لم نفاجأ بتزامنها وتواكبها مع اخبار الاقتتال المتواصل ولو بشكل متقطع بين فصائل فتح وحماس! فكل ذلك هو حلقات من سلسلة العنف التي تجتاح بلدان العالم العربي والاسلامي بشكل خاص. منذ استفحال سرطان القاعدة الذي تستخدمه اميركا وسيلة وسبباً لتدمير بلداننا وللسيطرة على المنطقة كلها. بدلا من تعاون الجميع لاستئصال ذلك السرطان ومن اختلقه، وجد به البعض من تجار الموت وسيلة للربح الرخيص من خلال تمجيد قتلهم للابرياء وزجهم المئات من الشباب للانتحار وقتل الاطفال والطلاب في المدارس والاسواق، في الاعراس والمآتم! متناسين الاب الروحي لهذه القاعدة، متعامين عما يرتكبه اولئك المجاهدون ضد الابرياء المسلمين وغيرهم من المسالمين.
وصار لذلك الاخطبوط (فرانكشتاين اميركا المعروف) اذرع باسماء اخرى لاحزاب تلبس الاسلام قناعا، تزامن نشوءها مع ضراوة الهجمة التي تتعرض لها اوطاننا، لا ليدافعوا عن تلك الاوطان بل ليساهموا بشكل اساسي بتلك الهجمة او ليكونوا هم ابطالها. كلها تجاهد ضد الاخوة والرفاق وضد الناس الضعفاء والمتعبين، وهم كما قال الشاعر الكبير الجواهري....."اما الذين يحاربون مسالما فهم العبيد" فهؤلاء عبيد لمن يقودهم للنار في الحياة الدنيا وفي الاخرة.
لقد ذكرت في مقال سابق ان من حق اسرائيل ان تفرح بعد وصول شراذم من جماعة القاعدة لفلسطين وصارالظواهري، يهدد القيادات الفلسطينية واللبنانية. فهاهي اليوم تشعل فتيل النار بين الاخوة اللبنانيين والفلسطينيين او بين فصائل فلسطينية اخرى. وهذا ماتريده اسرائيل لتواصل حصارها للقرى الفلسطينية او لاغتيال بعض القيادات.
انه الامتداد المتوقع لمايحصل بالعراق اليوم على يد مافيا القاعدة، واستكمال لما حصل في افغانستان على يد ذلك الاخطبوط الذي اخترعه الاعداء انفسهم. او بالاحرى السرطان الاسلامي المدعوم اميركيا، ومغلفا بعباءة الصحوة الاسلامية التي هلل لها البعض على انها التعويض عن الفراغ السياسي الذي تركته بعض الفصائل السياسية بعد هزيمة الاشتراكية. معتقدين اننا بحاجة الى هذه الصحوة بعد ما آلت إليه أحوالنا من ترد، بالرغم من ثرواتنا ومن التطورات التي يمر بها العالم. لكن سرعان ما خاب ظنهم وهم يتابعون مايفعله البعض من الاحزاب الاسلامية التي حادت عن فكرة الاصلاح الديني السابق الذي قاده جمال الدين الافغاني او محمد عبده ومن تأثر بهم من فقهاء العالم الاسلامي. فالحركة الدينية الراهنة هي ضد الاصلاح الديني في تكامله مع مشروع الليبرالية الذي نحن بحاجة الى تحقيقه. بل هي ضد الاسلام وضد شعوبنا بكل فئاتها، كل مافعلته وما تدعو له يتماشى مع مخططات الدول الكبرى التي تسعى ونجحت لجعل دولنا العربية والاسلامية سوقا لاسلحتها تبيعها لنا لنستخدمها لقتل بعضنا البعض ولتدمير بلداننا. اذن هي ليست صحوة وانما (نكسة اسلامية) ومايحصل يدلل على انها اسوأ من نكسة حزيران، على الاقل الاخيرة اعترف بها السياسيون، اما هذه النكسة فما زال اصحابها يسمونها (صحوة) ويصرون عليها، بل صارت تنتقل من بلد لاخر كانتقال الاوبئة ليقتلوا ويفجروا ويشوهوا النفوس ويخربوا البلدان (المسلمة وغير المسلمة)، ليخدموا الحاقدين على الاسلام والمتربصين باوطاننا، من خلال افعالهم الشنيعة التي اعطت ابشع صورة للاسلام والشعوب العربية التي صارت مثلا للتخلف والغباء. فقد لبسوا العمامة والجبة الاسلامية ليمرروا من تحتها ما يسيء للاسلام اولا وللانسانية ايضا ووسيلة للقتل البربري ولزرع الفرقة بين الطوائف الاسلامية ذاتها وكذلك بينها وبين الاديان الاخرى التي اعتادت التعايش بسلام منذ مئات السنين.
* كيف خدم اولئك المتأسلمون بلدانهم؟
على يد مجاهدي القاعدة واشباههم، تحول بلد مثل افغانستان الى خرائب تصيح بها غربان التخلف والهمجية التي لاتضاهيها احلك الفترات تخلفا وظلاما . فلم ينل المسلمون هناك غير القتل العشوائي والتهجير والذل، وتحولت ساحات ملاعب الشباب بعد ان حرّمت الرياضة البدنية وكل ماله صلة بالثقافة وبالحياة اليومية العادية، لميادين للقتل العلني للنسوة على يد جماعة الطالبان، التي دعمتها اميركا وكان لقادتها لقاءات عديدة من آل بوش سابقا!..
وفلسطين قضية العرب والمسلمين، تضاعفت تنازلاتها والصراعات بين فصائلها، وقد صارت تتناسب طرديا مع اشتداد الهجمة الاسرائيلية، ذلك بعد صعود نجم حماس والاحزاب الاسلامية الاخرى، التي بدأت جهادها ضد المرأة وحققوا الانتصار الاهم بجعل كل النساء محجبات! ثم قيامها بعمليات انتحارية غير مدروسة اساءت للقضية واستغلت من قبل العدو لتأليب الرأي العام العالمي ضد العرب والمسلمين.
في مصر بلد الثقافة والفن شنت الحملات الاسلامية التكفيرية ضد المفكرين والكتاب وضد الفنانين وكل ماهو حضاري وجميل، اضافة لتدمير اقتصاد البلاد بضرب القطاع السياحي. اما في الجزائر فمازال مجاهدو العرب الافغان يروّعون القرى ويواصلوا قتل الابرياء من المسلمين بشكل بربري متوحش.
وفي لبنان تحاول الجماعات المتطرفة اسلامية او مسيحية اليوم ان تعيد كوارث الحرب الاهلية التي حولت البلد الجميل (بستان الشرق) لبلد فقير هاجر معظم ابنائه ومازالت المباني الخربة شاهدا على تلك الحقبة المظلمة، وهذا ماشجع عصابة فتح الاسلام احد ذيول القاعدة لترتكب جرائمها اليوم لتعيد تلك الحقبة، خدمة للأعداء.
اما في العراق بلد الحضارات والاديان، ذلك البلد الجميل صاحب العلماء والشعراء والفنانين، لبس دكتاتوره السابق قناع الدين ليستغفل المغفلين ويجر البلد من هاوية حرب الى اخرى اكثر بشاعة ضد المسلمين ايضا. الى ماتبع ذلك من حصار واحتلال امعن بتدمير العراق اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، والمستفيد من كل ذلك هم تجار الموت والدول الرأسمالية أو الكفار كما يحلو للبعض تسميتهم. ثم تكالبت عليه كل الاطراف الحاقدة، ولتكمل بعض الاحزاب الاسلامية وغيرها مسيرة التخريب بتعاونها مع الاحتلال الذي اوحى لهم ان لا خلاص من الدكتاتور الا بالتعاون مع اميركا. اليوم ذات الاحزاب اضافة الى اخرى تفرعت منها والتي تقزمت لتصبح تخص طائفة اسلامية دون غيرها، بعضها تقود المعارضة ضد الحكومة من جانب، وتتفاوض مع الاحتلال من جهة اخرى، دون استشارة الحكومة بالوقت الذي تدعي انها تقاوم الاحتلال. واخرى تستخدم السلاح لاثارة الفتن والاقتتال بين الاخوة، او لترويع النساء وفرض الحجاب عليهن حتى لو كن مسيحيات، بالتعاون مع العصابات السلفية التكفيرية الارهابية! التي دخلت العراق مع قوات الاحتلال لتمارس التخريب والقتل بالنيابة. ولم تسلم منهم حتى بيوت الله من مساجد وجوامع وكنائس، لاشعال الفتنة والحروب بين الطوائف ولتدمير البلد، وكل ذلك باسم الاسلام! ليصدقهم المغفلون وينجروا وراء العنف الطائفي الذي يريدونه.
ولم يكتفوا بتخريب محطات الكهرباء والماء بهذا الحر القاتل، بل جاهدوا ليمنعوا أي مظهر من مظاهر الفرح التي يحاول اهلنا هناك الاصرار عليها لمواجهة ذلك الكم الهائل من الحقد والقتل، كمنعهم من الاحتفال بعيد الميلاد حتى لو كان للاطفال، مدّعين ان ذلك بدعة غربية مسيحية لاعلاقة لها بالاسلام ، وكأن الاسلام بعرفهم دين قتل وحزن وتدمير فقط في الوقت الذي لا يترددون به من استخدام البدع الغربية ومخترعاتها ولكن لاغراض تشويه الدين والدنيا. فالانترنت بدعة غربية لكنهم يصرون على استخدامها لتوصيل سمومهم لاكبر عدد من الشباب المغرر بهم. بل حتى الاقتتال بين الفصائل اوالطوائف الدينية هي ايضا بدعة غربية مسيحية قديمة، لو عرفنا بشاعة الاقتتال بين الكاثوليك والارثذوكس او البروتستانت في اوروبا في العصور السابقة، والذي يتماثل مع بربرية الاحقاد الطائفية التي يسعى لها هؤلاء في عصرنا الحالي. لكن اوروبا وضعت نهاية لكل تلك المآسي بفصل الدين عن الدولة. اما متأسلمونا فيصرون اليوم على البدع المدمرة للحياة والدين ، وتحريم الانسانية والجميلة منها والتي تعزز صلة الانسان بخالقه وشكره على متع الحياة؟.
فلو قارنا ما يحصل الان على يد اولئك بما فعله هولاكو، لترحمنا عليه كترحم البعض على الدكتاتور السابق
.
لاوسيلة لانقاذ الدين والناس الا بالعمل على استئصال ذلك السرطان بفضح كذبة اولئك المتأسلمين وفضح تعاونهم الذي بات جليا مع الاعداء، والتصدي لهم ولكل من يشجعهم ويدفع بتلك العربة النارية لتحرق بلداننا وتدمر كل ما بناه آباؤنا واجدادنا. ولايقاف نزيف الاقتتال بين ابناء الشعوب العربية وللتصدي لكل مايمزق بلداننا ويضعفها، لابد من اقصاء كل من يتخذ من الدين وسيلة للقتل والتسلط والغاء الاخر. لابد من ادانة كل جرائم القتل والخطف والتفجير التي ترتكب ضد الناس في العراق وغيره، مهما كانت مسمياتها وتبريراتها . واصدار قوانين على شاكلة قوانين ادانة العنصرية، تعاقب وتدين كل شخص مسلم او غيره، اذا كفّر الاخر مهما كان فكر الاخر او ديانته، او استخدم أية وسيلة لاهانته او التدخل بشؤونه الخاصة.
فلا يمكن انقاذ شعوبنا والاسلام، الا بتعاون الجميع من كل الاديان وكل الاحزاب للقضاء على كل الخلايا السرطانية اسلامية كانت ام استعمارية التي سُمح لها بالانتشار بجسد اوطاننا التي صارت تتآكل بسبب ذلك الداء الخبيث.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظومة الصحة في غزة الأكثر تضررا جراء إقفال المعابر ومعارك


.. حزب الله يدخل صواريخ جديدة في تصعيده مع إسرائيل




.. ما تداعيات استخدام الاحتلال الإسرائيلي الطائرات في قصف مخيم


.. عائلات جنود إسرائيليين: نحذر من وقوع أبنائنا بمصيدة موت في غ




.. أصوات من غزة| ظروف النزوح تزيد سوءا مع طول مدة الحرب وتكرر ا