الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الأدب أداة تشفير؟

خيزران عثمان

2007 / 6 / 6
الادب والفن


هل الأدب أداة تشفير؟!
يحمل الأدب والشعر العربي أغراضا شتّى ولسنا في معرض تعدادها أو الخوض في ما يعرفه معظم الناس لا سيما أولئك المثقفون الذين شُغفوا بقراءة الشعر والأدب منذ مطلع القرن الماضي وإلى الآن.
لقد اضافت حركة الشعر الحرألوانا وأغراضا جديدة وأثارت أحاسيس مختلفة لدى القراء والمتتبعين ومعروف أن الشعر خصوصا في القرن المذكور تأثّر بالحركات الفكرية والإبداعية الأوربية والعالميّة
وهذا أمر طبيعي بالتأكيد بعد أن أصبح العالم المترامي صغيرا وضيقا وتداخلت الخبرات والثقافات وتأثر بعضها بالبعض الآخر
وحاول شعراؤنا وكتابنا أن يحاكوا ما يكتبه أبناء الأمم الأخرى ولكن الذي نأخذه عليهم هي محاولتهم إخضاع تاريخ الأدب والشعر العربي لأسس النقد الأوربي والعالمي وهذا ليس عدلا لأن لكل أدب شيء من المحليّة المحبّبة والتي تضع بصمات وسمات ذلك الأدب وتميّزه عن الأمم الأخرى أي أنها شخصيته وهويته
وقد حمل الأدب والشعر خاصّة في ما حمل من أغراض ,ذلك البيان والبلاغة الرائقة والمشوّقة ولا أستطيع في هذا العرض السريع أن أفصّل ما تناوله الشعر والأدب بعامّة من تورية جميلة وبلاغة سامية تقدّم بها الشعراء والكتاب بوعاء من الفصاحة شديدة الإتقان والجمال لفظيا وعقليا.
ولكن الشعر يوم مضى بعيدا في تلك الأغراض وجعل مهمته تنحصر فيها أخذ نقاد الأدب عليه ذلك وانتقدوه وعابوا على الشعر تلك المحسّنات البديعيّة والإغراق في المحسنات اللفظية واعتبروا ذلك شيئا من هندسة الشعر والأدب قضت على العفويّة والتلقائيّة والعاطفة المتفجّرة
إن الأدب والشعر كلما اقترب من أشكال الموجودات الطبيعيّة في العالم الذي يحيط بنا فإنه يقترب من كونه شعرا أو أدبا صادقا ومطلوبا ..مثلما تتفتح الأزهار أو تتكور الثمار أو تعلو الشمس في السماء أو تغرب أو يتحرك السحاب ويُمطر فإنه محبب لنا أن نرى الشعر ينمو على هذا المنوال لا أن يتم بناؤه بناءً مقصودا وبتصميم مسبّق أقرب إلى التشفير منه إلى الإنبثاق والتوالد والإبتكار
حتى عندما اطلعنا على آداب فيها تورية جميلة فإنها لم تكن تفتقد إلى العاطفيّة والتلقائيّة والغنائيّة
لو كان الأدب أداة تشفير لما كنّانجد لذّة في حفظ العديد من الأبيات والسطور مما كتب الأولون أو المتأخرون وشعراء القصائد الخليلية أو التفعيلية أو غير ذلك
إن أحدا لا يستطيع أن يحفظ على ظهر قلب شيئا كثيرا مما يكتبه عدد ممن يعتبره نقّاد اليوم أدبا أو شعرا راقيا أو متقدّما أو (ممتازا) كما لا نجد متعة في استرجاع ما أمكن حفظه أيضا ولا تتعلّق به الذاكرة أو تحتفظ به لنا طويلا ..لقد أخبرني صديق منذ زمان طويل أن الفلم السينمائي الجيد هو ذلك الفلم الذي تتبقى في الذاكرة منه لقطاتٌ كثيرة ولمدة طويلة ..نعم ولكن هل يتبقى في الذاكرة ممما نقرأ من شعر (ممتاز)هذه الأيام؟
إن قدرا محسوبا ومصاغا بدقة بتوريات أو تشبيهات بلاغيّة جميلة جديدة أمر ليس فقط مقبولا ولكن ممتعا أيضا ولكن أن نستغرق في تشفير الشعر ووضعه في خدمة العمل السرّي فهذا سيرجعنا إلى عصر المحسّنات البديعيّة التي ذكرنا
أنا أدعو أخواني إلى أن يقرأوا علوم البيان والبلاغة والمعاني والبديع وغيرها فلعلهم يجدون أنهم لم يبتكروا جديدا عندما يعمّقوا الكتابة في تشفير الأدب سوى انهم سيتبصّرون بما آل إليه الشعر والأدب عندما أوغل عميقا في التوريات والتمثيل والتشبيه العقلي واللفظي
لو قرانا ابا تمام لوجدنا من التورية والبيان المحبب كثيرا ولكن سنجد ايضا أن المعادلة ما تزال عنده متوازنة وهو يثير العواطف ويتيح للقاريء التمتع بقدر ما يتيح له التفكير
ليس الشعر موجها للعقل وحده بل هو موجه للقلب والإحساس ولو فقد ذلك لكان فكرا محضا أو فلسفة أو علما
ليس فيه حلاوة ولا متعة
ربما نعود للموضوع مرة أخرى ولكن أرجو أن نتسائل باستمرار هل الأدب أداة تشفير؟!
خيزران عثمان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً


.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع




.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو


.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05




.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر