الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من بغداد2003إلى طهران2007

محمد سيد رصاص

2007 / 6 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


كان غزو العراق متميزاً بتفرد أميركي كامل,ليس فقط على الصعيد الدولي,وإنما أيضاً على المستوى الإقليمي,حيث تجاهلت واشنطن نصائح وآراء حلفائها,فيما أعطت أذناً صمَاء للرافضين للغزو.
إذا استثنينا طهران,التي وجدت نفسها في تقاطعات مع واشنطن تجاه بغداد2003,فقد أتى هذا من بيئة اقليمية لم تكن قادرة في ربيع عام2003 على تكرار ماجرى أثناء أزمة وحرب الكويت عامي1990-1991,لما دفعت الولايات المتحدة الكثير(ومن بعض ذلك مؤتمر مدريد)مقابل التغطية الإقليمية العربية لقوى التحالف الدولي المواجه لصدام حسين,وقد بدأت ملامح هذه البيئة بالظهور منذ(11أيلول)لماأخذ الأميركان استراتيجية جديدة للمنطقة,أقلقت الرياض والقاهرة,من خلال ربطها ل(الإرهاب)ب (الإستبداد) و(الثقافة السائدة),ومارافق ذلك من طرح"برنامج تغييري ديموقراطي"أميركي لم يقتصر على المجالات السياسية وإنما امتدَ حتى إلى البرامج التعليمية القائمة.
كانت هذه النزعة التجاهلية-الإملائية واضحة أيضاً عند واشنطن في الأسابيع والأشهر اللاحقة للغزو والإحتلال,حيث أتى الوزير باول لدمشق الرافضة للغزو,في الأسبوع الأول من أيار2003 الذي أعلن فيه الرئيس بوش "النصر"على سطح تلك الحاملة للطائرات,ليحاول املاء جملة من المطالب الأميركية التي امتدت لتطال الكثير من البنود الاقليمية والداخلية,فيماكان سلوك وإدارة واشنطن للعراق المحتل على افتراق كامل مع الأجندات المضمرة والمعلنة لكل من الرياض والقاهرة وعمَان وأنقرة.
يلاحظ ,في هذا الإطار,بأن العلاقة بين(الإقليمي)و(الدولي), في منطقة الشرق الأوسط منذ سقوط بغداد يوم 9نيسان2003,قد حكمها مبدأ(الأواني المستطرقة):كلما زادت متاعب واشنطن في العراق,وصولاً إلى حدود المآزق والتعثر والفشل كما ظهر في عام2006,كلما ازدادت قوة الدول الإقليمية أمام واشنطن الآتية بحضورها المباشر للمنطقة,سواء كانت من الدول المتصادمة مع واشنطن(كماهو حال دمشق منذعام2003,أوطهران التي اتجهت للتصادم مع واشنطن منذ شهر آب2005 تحت عنوان استئناف برنامج التخصيب النووي)أوكانت من تلك الدول التي هي في موقع الحليف أوالقريب للعاصمة الأميركية.
يمكن تلمس ذلك,ليس فقط على صعيد العلاقات الثنائية السورية-الأميركية أوفي القضايا الخلافية المباشرة,وإنما أيضاً من خلال الهجومية التي أخذتها واشنطن تجاه دمشق, على مدار عام2005,فيماكان الوضع مختلفاً بين العاصمتين في عام2006,وخاصة بعد نتائج حرب 12تموز,عندما وُضعت واشنطن في وضعية دفاعية بمنطقة شرق المتوسط ,وهو مالايمكن عزله أيضاً عن مايجري في بلاد الرافدين,حيث وضحت مآزق وانسدادات المشروع الأميركي بالعراق خلال مجرى عام2006,حتى وصلت الأمور عند الإدارة الأميركية إلى حدود البحث عن مخارج,وهو ماكان(تقرير بيكر-هاملتون)أحد تعبيراته.هنا,أيضاً,لايمكن عزل الهجومية الإيرانية تجاه الأميركان,منذ صيف2005,عن احساس طهران بتزلزل الأرض العراقية تحت أرجل واشنطن,لتحاول عبر ذلك,وبماتملكه من أوراق في المنطقة إضافة لما حصلَته بعد كابول2001 وبغداد2003,فرض الإعتراف بالدور الإقليمي الإيراني بالمنطقة على واشنطن.بالمقابل ,فإن السعودية,ومنذ تصريحات الوزير سعود الفيصل أثناء زيارته لواشنطن في أيلول2005التي قال فيها بأن مآلات السياسة الأميركية"كانت تسليم العراق للإيرانيين",قد أبرزت صوتاً اقليمياً(عبَر عما كان قائماً وصامتاً في القاهرة وعمَان عام2003)بدأ بالإرتفاع بالتزامن مع المآزق الأميركية في العراق.
زاد ذلك كله مع نتائج حرب صيف2006 بلبنان:في الخريف الماضي,كان اعلان الوزيرة رايس عن"استراتيجية معتدلين ضد متطرفين",والتي تزامنت مع وضع استراتيجية2002-2004 الأميركية حول"الدمقرطة"جانباً,تعبيراً عن حاجة واشنطن للأنظمة القائمة في المنطقة من جديد,كماكان الأمر بالماضي,وهو ماترافق,موضوعياً,مع بروز لافت للدور السعودي,سواء في المواضيع الفلسطينية أواللبنانية أوالعراقية وصولاً إلى قضية دارفور,فيما كانت الحركة الإيرانية التقاربية من الرياض ودول الخليج العربي تعبيراً عن الحاجة لتشكيل حاجز اقليمي لطهران عجز صدام حسين عن تشكيله لبغداد في عامي1991و2003.
في هذا السياق,أتى (مؤتمر بغداد),وقبله(تقرير بيكر-هاملتون)ومن ثمً (مؤتمر شرم الشيخ),تعبيراً عن انخفاض قوة(الدولي)-=واشنطن- أمام(الإقليمي) في منطقة الشرق الأوسط,وشكلاً من أشكال الإعتراف الأميركي بذلك.
السؤال الرئيس الآن:ماذا يريد جورج بوش من(مؤتمر بغداد) وبعده(مؤتمر شرم الشيخ)؟............ هل يستعملهما من أجل سدِ الذرائع أمام الضغط الكبير والمتنامي في واشنطن حيال سياسته العراقية ومايوحيه من اتجاه للحرب مع ايران,ليقول بأنه جرَب كافة الوسائل قبل ممارسة خيار ضرب طهران,في سعي من قبله,كما توحي بعض كتابات المحافظين الجدد,لإطفاء النار العراقية عبر تصديرها شرقاً,كمافعل صدام حسين في يوم 22أيلول1980؟..........أم:أنه يريد الوصول إلى تسوية متعددة الأبعاد مع الدول الفاعلة في اقليم الشرق الأوسط ,بعد أن وصلت سياسته المعلنة قبيل غزو العراق,ب"إعادة صياغة المنطقة" عبر البوابة العراقية, إلى الطريق المسدود؟................
توحي حركية الرئيس الأميركي منذ الهزيمة الانتخابية للجمهوريين في انتخابات الكونغرس النصفية بتشرين الثاني الماضي التي كان فيها (العراق)الناخب الأول,وطريقة تعامله مع(تقريربيكر-هاملتون)-6كانون أول-,بأنه يتجه نحو الخيار الأول,في رؤية,تتخلل تصريحات بعض من في الإدارة الأميركية وأيضاً كتابات قريبة من توجهات المحافظين الجدد,ترى بأن العقدة الكبرى في طهران,وبأن فك أوكسر هذه العقدة سيحلحل الوضع الأميركي المأزوم مابين كابول وشرق المتوسط وفي القلب من هذا الإمتداد الجغرافي تأتي بغداد,التي أصبحت موضوع المواضيع عند جورج دبليو بوش:في الجهة المعاكسة,تدل حركية السلطة الإيرانية,في تغير مواقفها التدريجي من الموضوعين الأفغاني والعراقي خلال عام 2007ومن خلال طريقة تعاملها مع كثير من ملفات المنطقة الساخنة في العام نفسه مااختلف أويوحي بأنه مختلف عن السنوات السابقة,على أنها تعي رجحان الخيار الأول في واشنطن.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -صانع قدور- و-بائع كمون-.. هل تساءلت يوماً عن معاني أسماء لا


.. حزب الله ينسق مع حماس وإسرائيل تتأهب -للحرب-!| #التاسعة




.. السِّنوار -مُحاصَر-؟ | #التاسعة


.. لماذا تحدى الإيرانيون خامنئي؟ | #التاسعة




.. غزة.. ماذا بعد؟ | ما جديد جولة المفاوضات بين حماس وإسرائيل ف