الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سر رأس المال

فتحى سيد فرج

2007 / 6 / 6
العولمة وتطورات العالم المعاصر


لا أستطيع أن أفهم كيف مرت أكثر من خمس سنوات منذ أن قام الأستاذ / كمال السيد بترجمة هذا الكتاب الهام، دون أن يلتفت إليه أحد المسؤولين، أو يقوم بمناقشته بعض المهتمين بقضايا الفقر والتخلف، وكل من لديه وعى بأهمية البحث عن حلول لما نعانيه من مشاكل، فالكتاب لم يتوقف عند حد تفسير مثل هذه الظواهر، أو عرض العديد من المشاكل التى أخذت تنتشر خلال العقود الأخيرة فى مصر وفى العديد من البلدان المتخلفة، بل قدم روشتة علاج واضحة ودقيقة لمعالجة هذه المشاكل المزمنة .
أنه كتاب جد مختلف فهو لم يطرح أفكارا مجردة ، ولم يكتفي بعرض آراء، أو شرح مفاهيم نظرية، بل قام بعرض وقائع تاريخية، وإجراءات قانونية وسياسية، للعمل على حل العديد من الصراعات والمعارك الضارية حول تقنين حقوق الملكية، وهل من الأجدى أن يتم تطبيق نصوص وقواعد قانونية صادرة من أعلى، أوألا صوب أن يتم ذلك من خلال الاعتراف بالمصالح الحقيقية للأفراد لكي يسود العدل والنظام فى المجتمع .
كما قام المؤلف ومعه فريق كبير من الباحثين بأجراء دراسات ميدانية، ركزت على محاولة فك اللغز، الذي يصفه بأنه سر ، وأن كان سرا غير خفي، فظواهر الفقر والتخلف التى يرزح تحت نيرها العديد من دول العالم الثالث، يرى " هرناندو دى سوتو " أن سببها الرئيسي هو فشل هذه البلدان فى الانتقال إلى النظام الرأسمالي
وإذا كان الكتاب فى الأساس يقدم محاولة جادة للإجابة عن سؤال هام : لماذا تنتصر الرأسمالية فى الغرب وتفشل فى كل مكان آخر؟ فإنه لم يهتم بتقديم دفاعا أجوف عن النظام الرأسمالي، فلقد شرح بقدر واضح مخاطر وصعوبات الطريق إلى الرأسمالية، وطبيعة ما تعانيه من أزمة في العقود الأخيرة، ففي اللحظة التى حققت فيها انتصارها الكبير بعد سقوط سور برلين، وبرزت وحدها باعتبارها الطريق العملي والوحيد لتنظيم اقتصاد حديث، كانت ثمرة جهودها مخيبة للآمال.
فبالرغم من أن بعض بلدان العالم الثالث والبلدان الشيوعية السابقة، قد اتخذت إجراءات لتوازن ميزانيتها، وخفضت الدعم، ورحبت بالاستثمار الأجنبي، وقللت حواجزها الجمركية، فقد كانت نتيجة كل ذلك استمرار المعاناة الاقتصادية، والدخول المنهارة، وأعمال الشغب والسلب، وفي أمريكا اللاتينية جرت مجموعة من الإصلاحات الرامية لإقامة الرأسمالية أربع مرات، وفى كل مرة وبعد نوبة الحماس الأولى فشلت فى التحول إلى الرأسمالية .
كما طفقت ردود الأفعال السلبية تزداد قوة فى البلدان الغنية نفسها، مثل ما نراه فى سياتل، وفى أوروبا أخذ الناخبون يؤيدون السياسيين اللذين يعدونهم بالطريق الثالث، والاعتقاد السائد لدى رجال الأعمال فى الغرب أن فشل العالم فى إقامة الرأسمالية سيدفع الاقتصاديات الغنية إلى الكساد، وقد تبين أن انتصار الرأسمالية فى الغرب وحده يمكن اعتباره طريقا لوقوع كارثة اقتصادية وسياسية .
ويخلص المؤلف أن حجر العثرة الأساسي الذي يحول دون استفادة العديد من بلدان العالم من الرأسمالية يتمثل فى عجز هذه البلدان عن إنتاج رأس المال ، الذي يرى أنه القوة التى تزيد إنتاجية العمل وتخلق الثروة ، وأنه شريان الحياة بالنسبة للنظام الرأسمالي، وأساس التقدم للأمم، الذي يبدو أن بلدان العالم الفقيرة لم تستطع حتى الآن أن تنتجه .
فبالرغم من أن معظم الفقراء يملكون بالفعل الأصول التى يحتاجونها لتحقيق نجاح الرأسمالية، لكنهم يحتفظون بهذه الأصول فى شكل معيب، بيوت بنيت على أرض ملكيتها ليست مسجلة، وأماكن عمل لا تأخذ شكل الشركات ومسؤولياتها غير محددة، وصناعات قائمة لا يستطيع الممولون والمستثمرون رؤيتها، ونظرا لأن الحقوق فى هذه الممتلكات ليست موثقة، فإن هذه الأصول لا يمكن تحويلها بسهولة إلى رأس مال .
على العكس من ذلك فى الغرب، فإن كل قطعة أرض، وكل بناية، وكل قطعة من المعدات، أو مخزن للموجودات، تماثلها وثيقة للملكية تشكل دليلا مرئيا على عملية مستمرة تربط كل هذه الأصول بباقي الاقتصاد، وبفضل هذه العملية الوصفية التمثيلية، فإن الأصول تكتسب حياة موازية إلى جانب وجودها المادي .
إن غياب هذه العملية فى المناطق الأفقر من العالم، حيث يعيش ثلثا البشر، ليس نتيجة نوع من المؤامرة الاحتكارية الغربية، بل الأحرى أن الغربيين اعتبروا هذه الآلية أمرا مسلما به، إلى حد أنهم فقدوا الوعي بوجودها، باعتبارها بنية أساسية قانونية مخبوءة فى أعماق نظام الملكية ، والإخفاق الاقتصادي للبلدان الفقيرة لا يرتبط بعيوب فى ثقافتها، أو ميراثها الخاص بالوراثة، ولكن فى عدم قدرتها على تكوين رأس المال ، وعدم إدراكها الأسرار الخمسة له .

الأسرار الخمسة لرأس المال
· سر المعلومات الغائبة : ركزت المنظمات الخيرية على بؤس فقراء العالم، رغم أنهم يملكون مقادير هائلة من الأصول، لكن معظمها يعتبر رأسمالا ميتا غير منتج .
· السر الرئيسي : ما هو رأس المال؟، كيف يتم إنتاجه؟، وكيف يرتبط بالنقود؟ .
· سر الوعي السياسي : إذا كان هذا القدر الكبير من رأس المال غير المنتج، فى أيدي الفقراء، فلماذا لم تحاول الحكومات استغلال هذه الثروات، يرجع ذلك إلى أن الأدلة لم تصبح متوفرة إلا فى الأربعين عاما الماضية، حيث انتقل الكثير من الناس من الريف إلى المدن لوجود تقسيم أفضل للعمل، وحيث توجد الأعمال التجارية والصناعات المتقدمة .
· الدروس الغائبة للتاريخ الأمريكي : إن ما يجري فى بلدان العالم الثالث والبلدان الشيوعية السابقة، حدث من قبل فى أوروبا وأمريكا، وللأسف لم يتم الاستفادة من أساليب الانتقال للرأسمالية خاصة التجربة الأمريكية .
· سر الإخفاق القانوني : منذ القرن التاسع عشر، أخذت الدول تنسخ وتقلد قوانين الغرب، ومن الواضح أن ذلك لا يجدي، فلا يزال معظم المواطنين غير قادرين على استخدام القانون لتحويل المدخرات لرأس مال .
إن حل كل هذه الأسرار هو موضوع هذا الكتاب .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما محاور الخلاف داخل مجلس الحرب الإسرائيلي؟


.. اشتعال النيران قرب جدار الفصل العنصري بمدينة قلقيلية بالضفة




.. بدء دخول المساعدات عبر الرصيف الأمريكي العائم قبالة سواحل غز


.. غانتس لنتنياهو: إما الموافقة على خطة الحرب أو الاستقالة




.. شركة أميركية تسحب منتجاتها من -رقائق البطاطا الحارة- بعد وفا