الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جبهة التوافق ، وهوية العراق

هرمز كوهاري

2007 / 6 / 7
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


في الحوار الذي أجرته الفضائية " العربية " فبل أيام ، مع السيد طارق الهاشمي بعنوان ( من العراق ) والجميع يعرف أن السيد طارق الهاشمي ،هو زعيم الحزب الإسلامي ، ومن أسم حزبه يدل على أنه حزب ديني أما إذا نكر ذلك فمعناه أنه يستخدم الدين للترويج لحزبه ! وهو حزب قومي عربي ثانيا وسني طائفي ثالثا ، أي أنه حزب ديني قومي طائفي ،بدلالة أنه لا يضم كردي أو شيعي أو مسيحي أو يزيدي ، وتسميته بالإسلامي ليترك له مجال المناورة واسعا ينتقل من هوية الى هوية حسب الحاجة والظروف !، وهذا شأن معظم الساسة العراقيين من الطبعة الجديدة !! ومع هذا ينتقد ويقول أن كل المشاكل تأتي من الطائفية والمحاصصة الطائفية ويستبعد القومية الشوفينية من هذه التهمة !!

ثم يقول أن من المشاكل التي يعاني منها الشعب العراقي ، ليست فقط الإرهاب والفرهود والدمار بل عدم تحديد هوية العراق ، بأنها عربية !، أي الإقرار بعروبة العراق ! وأن جبهة التوافق من أولى أهدافها لحل مشكلة العراق تحديد هوية العراق بالهوية العربية ، وإعتبار العراق جزءا من الأمة العربية !!، وكأن كل مشاكل الشعب العراقي هي لعدم تحديد أو لفقدان عروبته حسب إعتقادهم ،أي أصبح العراق كالمسافر الذي يفقد جواز سفره أو هويته الشخصية في الطريق ، و يصبح تائها في هذا العالم ! وسيبقى كذلك إذا لم يقرر العراقيون عروبة العرق !!

و دون أن يعترف بأن حتى المطارات العربية ذاتها قد ترحب بل تطمئن بمواطن حامل جواز دولة أجنبية ، أكثر من مواطن حاملا جوازا لدولة عربية !! وأظن ولو بعض الظن إثم !! أن في بعض الدول العربية قد يرحبون بحامل الجواز الإسرائيلي ويطمئنون إليه أكثر من الشخص الحامل الجواز من أية دولة عربية !!!

ولا يخفى على العراقيين وبقية الشعوب العربية ماذا يعني شعار العروبة ولا ينسون النار التي إكتوا بها من شعار العروبة : ( أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة )!! بدءا من عبد الناصر الى الأسد وورثته الى الصداميين !! ولا يزالون يرفعون هذا الشعار ،وهوالعمل على تأسيس دولة قومية تستعين بالدين الإسلامي أحيانا وبالقومية أحيانا أخرى ، وإعتبار العراق جزءا لا يتجزأ من الأمة العربية !!، وصولا الى إعتبار العرب هم وحدهم المؤهلين لقيادة العراق وغير العربي يعتبر عجمي ، عروبي تبعية ، دخيل !!، ولا يحق له أن يتولى المسؤولية ، وأكثر من هذا قد نصل الى أن أي عربي غير عراقي له حقوق العراقي في العراق ! بل العربي غير العراقي له الحق بالتحكم في العراق أكثر من العراقي !! كما رأينا في القيادة القومية ،التي كانت تتألف من العربان المنبوذين من شعوبهم و المتسكعين في شوارع الدول الأخرى لتأجير خدماتهم لمن يدفع لهم أكثر !!، فإنتهوا بالعراق ليقرروا شؤونه ! والشعب العراقي يتفرج ويطيع وينفذ !!

وأبرز مثال على ذلك : قال السيد فؤاد عارف ، الشخصية الكردية المعروفة ، في أحدى حواراته على الشاشة الفضائية وعلى ما أذكر كانت الفضائية " الشرقية " أنه بعد إنقلاب شباط 63 الأسود قال : طالبنا حكومة البعث بالإيفاء بوعدهم أي بالحكم الذاتي للأكراد !! قالوا لنذهب الى أخونا الكبير عبد الناصر لنأخذ موافقته !! ويضيف : " ذهبنا وفد كردي الى عبد الناصر ليقرر عبد الناصر ما يصلح للعراقيين الأصلاء الأكراد وهل يستحقون الحكم الذاتي أم لا !!.." علما بأن الأكراد تواجدوا في العراق قبل العرب بقرون وقبل أن يستعرب المصريون !! والشعب العراقي صاحب الشأن مغيّب بعيد عن هذه التمثيلية القومية الهزيلة !! الى غير ذلك من التدخل المباشر بل التحكم في شؤون العراق رغما عن الشعب العراقي .

ولنسأل السادة طارق الهاشمي وصالح المطلق أو الدليمي إذا طُلب منهم تمثيل العراق في قضية ضد دولة عربية ، فحتما سيدافعون عن المصالح العراقية ، ضد المصالح العربية الأخرى كالمصالح المصرية أو السعودية أو السورية ، لأنهم يحملون الهوية والجنسية وجواز سفر عراقي ومحميين من الدستور العراقي ، و لا يحملون الهوية أو الجنسية العربية أو الجواز العربي ...الخ و أستبعد أن يدافعوا عن تلك الدولة العربية على حساب مصالح الدولة العراقية ، إلا إذا كانوا عملاء لتلك الدول في بلدهم العراق لا سمح الله !.

يدعو الهاشمي وأكثر القوميون السنة الى إعتبار العراق جزءا من الأمة العربية ، والمعروف أن الجزء هو قسم لاينفصل عن الكل متى ما شاء وأراد ، ومن حق الكل أن يعيده اليه وإن تطلب ذلك إستعمال القوة ! فمثلا محافظة الأنبار جزء من العراق فإذا قررت هذه المحافظة العربية السنية الإنفصال عن العراق والإنضمام الى سوريا العربية لكونهما يحملان هوية عربية واحدة !، فمن حق الدولة العراقية إلزام المحافظة المذكورة العودة الى العراق ولو بالقوة ! لأنها جزء لايتجزأ من العراق !! وهكذا بالنسبة الى جميع المحافظات ! . فهل هذا ممكن أن يحدث بين العراق والأمة العربية ، أو بالنسبة الى جميع الدول العربية .كما حاول العراق ضم للكويت اليه ، وكما حاولت سورية دمج لبنان بسوريا تدريجيا ، وفي الحالتين تدخلت القوى الدولية وأعادتهما الى أهلهم .

مما يؤسف له أن الأحزاب الأحزاب القومية العراقية تختلف عن مثيلاتها في الدول العربية الأخرى حيث تلك الأحزاب في البلدان العربية تؤسس لخدمة بلدانها على حساب البلدان العربية الأخرى !، كما حاولت مصر التحكم بشؤون سوريا والعراق في فترة الوحدة !، و تصرفات البعث السوري تجاه لبنان ، بينما أحزابنا القومية تتنافس فيما بينها على تقديم العراق وخيراته على طبق من ذهب الى الدول العربية دون مقابل ! ليثبتوا أنهم فعلا مخلصون للعروبة وللقومية العربية ، فريناهم، دون غيرهم يرفعون شعارا " نفط العرب للعرب "!! بدلا أن يرفعوا شعارا نفط العراق لكل العراقيين ، وكان البعثيون يفضلون المصري المتعلم على العراقي الخبير بل العربي غير العراقي ، يتحكم بالعراقي ويتسلم أضعاف الراتب الذي يتسلمه العراقي ، وفي فترة ترويج أهل الكفاءات شمل المصريين أسوة بالعراقيين !! وقال أحد البعثيين المطلعين : أن أحد المصريين جاء حاملا شهادة الدكتوراه مطالبا بالإمتيازات أسوة بالعراقيين ، بناء على مضمون قانون الكفاءات !!، صدق أو لا تصدق أن شهادة دكتوراه التي كان يحملها كانت، دكتوراه بتجويد القرآن !!! وهناك أمثلة لا تعد ولاتحصى عن التصرفات السيئة المشينة التي قاموا بها تحت نظر وتصرف دون حساب بإعتبارهم أشقاءنا في العروبة وتطبيقا لشعار أمة عربية واحدة !

كان الأولى والأجدر بقادة جبهة التوافق أن يقدموا إعتذارا للشعب العراقي ، وإذا أنصفنا نقول أن يخجل كل من ساعد ودعم ، وتعاون مع عصابات القاعدة ، ويخجل بالظهور على شاشات الفضائيات ويطالب بحقوقه ، كل من إستقبل ورحب وآووا وقدم لتلك العصابات المال والسلاح والمشورة وبقية الخدمات اللازمة لجرائمهم بل الذين حاربوا الى جانبهم تحت شعارات : المقاومة الشريفة !! ، أنصار السنة ، أنصار الإسلام ، ثوار العشرين …الخ من الأسماء الخادعة التي تخفي هويتهم الحقيقية ، الشعب العراقي يعي ما وراء هذه الأسماء !!، حيث أرادوا أن يجعلوا القاعدة مرتزقة لهم لإعادة نفوذهم الذي كان في عهد صدام ، والتحريض من على منابر الفضائيات المعادية للشعب العراقي ، تعسا لهم .ونسوا أو تناسوا أن هذه العصابات ليس لها صاحب أو صديق كما يقال ، ولم يدركوا الى أن وقع الفأس في الرأس ! فإنقلبوا عليهم قتلا وتفجيرا وتهجيرا وإحتموا بالذي كانوا يقاومونه !

ولم يحدث في التاريخ ولا في القصص الخيالية ولا في أفلام الكارتون ، من يقاتل بإسم المقاومة الشريفة ! ، ويتوسل بمن يقاومه أن يبق ولا يرحل ليحتمي به !!!!!
هذا ما حدث ويحدث " للمقاومة الشريفة "وجبهة التوافق التي يتشدقون بها ومن يؤيدهم في عراق اليوم !!

ونرجع الى الهوية العربية للعراق ولنسأل السادة قادة جبهة التوافق : هل الإقرار بعروبة العراق وإعتباره جزءا لا يتجزء من الأمة العربية !!، يضيف الى حقوقهم و حقوق ناخبيهم حقوقا إضافية الى الحقوق التي يتمتعون بها الآن أو في النظام الديمقراطي إذا إستقر ؟؟ وإن صح هذا ،اليس هو رفض صريح لمبدأ الدستور وقوانين العدالة والمساواة بين العراقيين جميعا ، إذا لماذا ربط العراق بإلتزامات إضافية هو بغنى عنها ؟.

وفقط للتذكير نقول : في ظل الامة العربية الواحدة ، رأينا الجيش المصري يخوض معارك طاحنة ضد الجيش السعودي على أرض اليمن بعد إنقلاب السلال ، ورأينا الجيشين العربي الوحدوي السوري والوحدوي المصري تحت قيادة أمريكية يحارب الجيش العربي الوحدوي العراقي على أرض الكويت وجنوب العراق !! ورأينا الحكومة العراقية العربية الوحدوية ، تعتبر أي عراق بما فيهم العربي جاسوسا إذا زار بلده العربي الثاني سوريا !!! الأمر الذي لم نراه ، قبل عهد الامة العربية الواحدة والعراق جزءا من الأمة العربية في العهد الملكي ولا أي حذر من أن يتجول العراقي العربي وغير العربي في أي بلد عربي آخر ، ولم يحدث أن تشاجر جندي أو شرطي من دولة عربية ضد جندي أو شرطي عربي من بلد آخر.
وفي الحقيقة ،علينا أن نقول :أن كل شخص أو جهة أو جبهة تدعي أنها عراقية وتعمل لصالح العراق لا لصالح غير العراق، سواء كانت بلدان عربية أو إسلامية عليها أن :

" تؤمن وتقر بدون لف ودوران ، بأن هوية العراق عراقية ، لا عربية لآ إسلامية لا كردية لا غير ذلك ، لأن العراق كان يحمل هويته قبل أن تدخل إليه العروبة والإسلام وحتى الأكراد ! وإنه هو بذاته الكل وليس جزء لا يتجزء ! وأن كل تحريف في هويته هو نكران المحرّف لعراقيته ولا يخلو من غرض مُبيّت ضد كيانه ووجوده !! "

ولضيق الحال نترك لغيرنا المجال !!.

===================








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل جنديين إسرائيليين بهجوم نفذته مسيرة لحزب الله | #غرفة_ا


.. صاعد المواجهات بين الجيش السوداني والدعم السريع | #غرفة_الأخ




.. نتنياهو: دخولنا إلى رفح خطوة مهمة جدا وجيشنا في طريقه للقضاء


.. أسامة حمدان: الكرة الآن في ملعب الإدارة الأمريكية التي عليها




.. مياه الفيضانات تغمر طائرات ومدرجات في مطار بجنوب البرازيل